حقا ً لقد أساء نور إلى نفسه فى المقام الأول كثيرا ً قبل أن يسئ إلى مشاهديه فى هذا الفيلم . محمود حميدة هذا الفنان المختلف لم يقدم فى هذا الفيلم - للأسف - سوى ما تطلبه الدور الصغير فحسب و لم يحاول بقدراته المذهلة و إمكانياته الجبارة أن يضخم من قيمة هذا الدور الصغير و على هذا لم يزده هذا الفيلم جديدا ً . ليلى علوى قدمت واحد من أسوأ أدوارها السينمائية على الإطلاق بأداء باهت لدرجة مرعبة و حوار يخرج منها بلا أدنى تعبير و كانت بحق فى هذا الفيلم مقدمة نشرة أخبار و ليس كما أرادها سيناريو أديب يهودية أمريكية متعصبة لإسرائيل ضد العرب و تتشدق بمزاعم السلام فلم تخرج الكلمات منها عن اقتناع جميل راتب قدم فى هذا الفيلم عصارة خبرته الطويلة ليكون عكس ليلى علوى تماما ً و يقنع المشاهد بأداء دور الجنرال قائد سجن ابو غريب و يخرج منه التعصب كما لو كان امريكيا ً حقا ً فلا تصبح مبادئه و أفكاره مجرد كلمات جوفاء بل يقين تشعر فعلا ً أنه يخرج من أمريكى خاصة ً حينما يصرخ آخر الفيلم " بيكرهونا ليه ؟ ... بيكرهونا ليه ؟ " جمال سليمان نجم سوريا الساطع الذى ابدع فى هذا الفيلم لنكمل مشوار نجاحه و نوصله بمسلسل ( ملوك الطوائف ) مباشرة مسقطين كل ما بينهما من أعمال معتبرينها أعمال فاشلة ( حدائق الشيطان ) و ( أولاد الليل ) و ( حليم ) قدم دوره فى هذا الفيلم بعمق غير مسبوق و بأداء مذهل عن مواطن [ مضروب بالجزمة ] نتاج حقبة ديكتاتورية كاملة مخصى ايضا ً ولكن نفسيا ً يحاول أن يصرخ فى وجه النظام الغاشم و العدو المتربص و لكن تذهب محاولاته سدى فلا النظام يسقط و لا العدو ينهزم ليكون مصرعه فى النهاية مآساة حقيقية تكتمل بها سوداوية الفيلم أحمد مكى المخرج الممثل و الذى كان فيلم داخل الفيلم هو ممثله و مخرجه الوحيد بأداء مفاجأة بالمقاييس و على كل الأصعدة ليكون نقطة جديدة فى الرهان على الجيل الجديد و عضو جديد فى مدرسة < المشخصين > نستطيع أن نؤكد 100 % أن عادل أديب لو جاء بسائق سيارة أجرة حقيقى و جعله يقوم بالدور لم يكن ليستطيع أن يعبر عن نفسه و عن مهنته و عن بيئته كما عبر أحمد مكى . سولاف فواخرجى السورية الجميلة التى ( حشرها ) المخرجون المصريون فى بادئ الأمر فى دور الفتاة الرومانسية لتتفجر جل طاقاتها فى هذا الفيلم و تؤدى أصعب أنواع التمثيل ألا و هو التمثيل الكوميدى و امام من ؟ امام أحد أهم دعائم الكوميديا العربية الراقية ... محمود عبد العزيز دون تكلف او تشنج بسلاسة مدهشة درة فى اول الأدوار الجادة بعيدا عن العرى و الإبتذال و الإغراء لتؤكد أن تونس حقا ً بلد المواهب غادة عبد الرازق خاطفة الأضواء حقا ً لقد لفتت الأنظار إليها و استطاعت رغم صغر الدور أن تؤديه ببراعة منقطعة النظير و قدمت أداء رومانسى فائق بتعبيرات وجهية دقيقة للغاية امام اداء الشريف الباهت و كجمال سليمان انتهى دورها بمآساة حقيقية ابكتنا جميعا ً على مهانة أنفسنا امام أعدائنا علا غانم فن الأداء الحركى فن عالمى يندر أن يستخدمه الممثل فى مصر لأن الممثل المصرى لا يهتم بجسده و ان أهتم قد لا يستطيع التعبير به و لم يبق فى مصر من يهتم بالأداء الحركى من الجيل القديم سوى محمد صبحى و مدرسته ، قام عادل أديب بإعادة تقديم علا غانم و علمها الرقص التعبيرى لتقدم مشهد واحد مذهل هو بمثابة " رقصة سالومى الأخيرة " لتجسد انتهاك العراق بأداء غير مسبوق محمود الجندى العملاق الكامن الذى جعله سيناريو أديب يقول ... فيوجز بلهجة عراقية غاية فى الإتقان . نيكول سابا رغم عدم أهمية الدور الذى قامت به و الذى نستطيع أن نحذفه بمنتهى السهولة من الفيلم دون أن يتأثر الفيلم البتة ، فلقد قامت نيكول بأداء جميل محت به أدوار الإغراء و العرى و الرقص السابقة لتقدم دور سيناريو بدون حوار لم نرى مثله منذ دور ليلى فوزى فى ( ضربة شمس ) لم يعبه سوى الصرخة المتكلفة فى نهاية المشهد عزت ابو عوف دور قمة فى الفشل و دون بذل اى مجهود يذكر التصوير لهونج مانلى انجليزى قدم صورة ممتازة و زوايا تصوير بارعة و لكن هناك مصورين مصريين كثيرين بنفس قدراته منهم على سبيل المثال لا الحصر سمير بهزان و رمسيس مرزوق الديكور للمهندس أيمن فتحى ديكور رائع حاكى الواقع بصورة فوق الممتازة و فوق المأمولة فلم نكن لنصدق أن بهو الفندق فى بغداد ديكور لولا أن أعلنوا هم ذلك و كذلك ديكور سجن ابو غريب ... إلخ
المونتاج منى ربيع مونتيرة متفوقة أجادت أسلوب القطع المتوازى فى مشاهد الشريف مع مكى و عبد العزيز مع سليمان و مشاهد أخرى صعبة . الموسيقى تاج الفيلم و درته .... جوهرة الفيلم الأسطورة التى صنعها الموسيقار الذى بعد هذا الفيلم لم يعد له اى منازع ياسر عبد الرحمن قدم فى هذا الفيلم ذروة ابداعه الفنى فى سابقة فنية لم نشهدها منذ عقود موسيقاه تراها قبل أن تسمعها موسيقى العراق ستشعر معها فعلا بأنك فى العراق ستشعر بالتقصير لضياعه و تندم على ذلك ، موسيقى فلسطين ستجر عليك أشجان 60 سنة ربما لم تعشها ، مقطوعة كان نفسنا ستشعر معها بكل التمنى و الأمل رغم أنها موسيقى لا يوجد بها كلمة واحدة ، مقطوعة الحلم ، مقطوعتا البداية و النهاية ، مقطوعة الغضب ، مقطوعة ابو غريب بكل ما تحمله من ألم و مهانة ليتوج كل ذلك بإعادة تقديم روبى كأول موهبة يقدمها بعد المشوار الجميل مع زوجته السابقة حنان ماضى " حنان السكندرية " و نأمل أن تستمر روبى مع الموسيقار ياسر عبد الرحمن ... أغنية " ليه " التى غنتها روبى من كلمات الشاعر المختلف ابراهيم عبد الفتاح و هو نفس الثنائى الذى نفق لم نفق بعد من آخر روائعه " هو أنت ليه بعيدة كده " لتكون هذه الأغنية أهم ما قدمت روبى بعد رائعتها " مش حاتقدر " و نتمنى كذلك ألا تعود لمسلسل العرى و الإبتذال بعد أن تركت المصيبة المصرية شريف صبرى .