ذكرى كادت تموت، ليلة فى شوارع فيينا الساحرة وأمل بلقاء تحول سراب. ثمانى سنوات إستغرقها صناع فيلم "before sunrise" قبل أن يخرجوا علينا بتحفتهم الفنية الثانية "before sunset"، فمغامرتهم الإولى حازت على إعجاب الجمهور فأبوا أن يخيبوا أماله وصنعوا فيلما حمل الكثير من العمق و الغوص فى المشاعر الإنسانية من خلال الحوار بين البطل والبطلة الذى اتسم أيضا فى بعض الأحيان بلمحات فلسفية تفتح الأفاق أمام العقل وتجعلك تنتشى. الصدفة وحدها تجمعهما ثانية بعد أن جمعتهما من قبل، هذه المرة فى المكتبة التى تشهد حفل توقيع ومناقشة رواية جيسي الجديدة، التى يحكى فيها حكاية ليلة،،، ليلة أنتهت قبل الشروق. منذ اللحظة الإولى التى يظهر فيها جيسي وسط حلقة من الصحفيين يجيب فيها عن أسئلتهم حول روايته وبطلته، يحملك معه فى رحلة قصيرة، حيث مغامرته بفيينا، حيث فتاته الجميلة سيلين، فيثير الحنين لديك لتلك الليلة حتى وأن لم تشاهد الجزء الأول من الفيلم، فى لحظة تحين منه التفاتة إلى جانبه ليجد امرأة شابة تتابعه بنظراتها تلمع عيناها بالدموع، أو ربما بالسعادة، إنها هى، إنها سيلين، ينتابه الارتباك من المفاجأة، أو ربما من الفرحة، وبعد إنتهاء الحفل يتلمس طريقه ناحيتها، يلقى عليها التحية ببعضا من التوتر وكأنه يتحدث معها للمرة الإولى، ومن هنا تبدأ المغامرة من جديد. كما الجزء الأول لم يتحدد المخرج بمكان وتجنب الأماكن المغلقة ليترك لكاميرته الحرية فى التجول بشوارع فيينا، فعل كذلك مع شوارع باريس وهى حرية تتناسب تماما مع فكرة الفيلم ومضمونه. الساعات القليلة المتبقية أمام جيسي للعودة لموطنه وكذلك السنوات التى فصلت بين اللقاءين، أستدعت التكثيف فى توضيح مشاعر الشوق والحنين التى وضحت تماما من نظراتهم وحركات جسديهما. جيسي الرافض للخضوع للوقت يأبى الوداع ويحاول التحايل على حديث سيلين عن الوقت ، التى ربما تتحدث عنه لعلمها بإن لا مفر من الفراق. فى مشهد النهاية الذى يعد الماستر سين للفيلم -فى منزل سيلين- بعد أن تعد له القهوة وتغنى لـه أغنية على جيتارها ويضحكا سويا، تقول له سيلين فى أداء تمثيلى هزلى "حبيبى، ستفوت عليك تلك الطائرة". فيرد هو ببساطة وعفوية "أعلم"، تتبعها هى بضحكة صافية. وينزل تتر النهاية. فى المجمل هو فيلم عفوى لا يسعك الأ أن تشاهده مرة وأثنان وثلاث وربما مدى الحياة، فهو فيلم يعبر عنك، يلمس شيئا داخلك، يجعلك تتساءل أسئلة ربما لم تخطر لك على بال من قبل.