ألوان السما السبعة فكرة جديدة تعشق بها السينما

حالة غريبة انتابتني عندما شاهدت فيلم "ألوان السما السبعة" للمرة الأولى. شعرت وكأنني أردد داخليًا الجملة الشهيرة: "قدماي تلمسان الأرض، لكنني أطير إلى سابع سما." وجدت نفسي أسبح في عالم قرمزي اللون، صافٍ، يفيض بالسكينة والروحانية. فمع أولى مشاهد الفيلم، تتلاشى عنك أثقال الحياة، وتلقي بهمومك خلف ظهرك، لتنغمس في أجواء من الذكر والمديح الصوفي، ترافقك فيها أصوات تتغنى بالذات الإلهية، فترتقي الروح كأنها عرفت خلاصها. بهذه البراعة، نجح المخرج سعد هنداوي في نقل رؤيته الفنية الخاصة، مستخدمًا كاميراه كأداة لا ترصد فقط المشهد، بل تلتقط ذبذبات الشعور، وتغوص بك إلى عالم شاسع الأفق، فيه من الجاذبية ما يدفعك للتأمل، ومن الصفاء ما يجعلك تعيد النظر في ذاتك. ورغم أن الفيلم استخدم الفلاش باك بكثافة، وهو ما قد يربك بعض المتابعين، إلا أن السرد لم يفقد تماسكه، بل ظل يمسك بخيط القصة بمهارة. ونجحت الكاتبة زينب عزيز في تقديم نص سينمائي تشويقي بامتياز، يجعلك دائم التساؤل: ماذا سيحدث لاحقًا؟ أما على مستوى الأداء: فاروق الفيشاوي أبدع في تجسيد شخصية بدر، الرجل الذي يبدو سعيدًا أمام الناس، يرقص بالتنورة ببهجة تعلمها من والده، لكنه في داخله يحمل عذابات رجل مثقل بالأعباء. علاقاته النسائية، هموم تربية ابنه، وضغوط الحياة المادية تصيبه بانفصام وجداني بين صورة صوفي هائم، ورجل يعيش الواقع بكل ثقله. أما ليلى علوي، فقدمت واحدة من أكثر شخصياتها غموضًا وتميزًا. امرأة تعيش حالة تطهير داخلي، يلفها سؤال دائم عن الخلاص. هي مزيج من الغموض، والبحث عن السلام النفسي، وقد أبدعت في أداءها بعمق يليق بحالة الفيلم الروحية. "ألوان السما السبعة" ليس مجرد فيلم، بل رحلة إلى الداخل، إلى أعماق النفس، حيث تتلاشى الحدود بين الواقع والحلم، وتبدأ رحلة "أحلام اليقظة" التي يحلم بها كل إنسان... فيلم هو أشبه بطقس صوفي مصور سينمائيًا، يحملك لأعلى، حيث لا ضجيج، فقط نور وهدوء.