عندما أظلمت صالة العرض السينمائى ، وبدأت تترات بداية فيلم “سيما على بابا” فى الظهور على الشاشة تباعا ، كنت واثقا تمام الثقة أننى سأشاهد فيلما حقيقيا ، يقدم كوميديا على مستوى راقى ، ورسالة تستحق التفكير والدراسة .. هكذا عودنا أحمد مكى منذ ظهورة فى بطولته الأولى (إتش دبور) .
وعندما أنارت صالة العرض وقام الجمهور من مقاعدهم يضربون كفا بكف ، يلحقون بهؤلاء الذين تركوا الفيلم فى ربعه الأخير قبل نهايته ، أدركت أننى أصبت – بالإضافة للصداع وحرقة الدم – بخيبة الأمل فى فيلم مكى الجديد .
فكرة تقديم فيلم واحد يحتوى داخلة على فيلمين هى فكرة قديمة ، وسبق أن قدمها المخرج المجنون العبقرى (كونتن ترانتينو) فى فيلم (كوكب الرعب) ، إلا أن تقديم هذه الفكرة فى مصر كانت جديدة وتحتسب كفكرة جيدة لأحمد مكى ، إلا أن مستوى الأفلام التى تم تقديمها لا يتناسب مع حداثة الفكرة التى قدمها مكى ، وكأنه يقول : كفاية عليكم الإفتكاسة بتاعة الفيلمين
الفيلم الأول (حزلقوم فى الفضاء) يبدو واضحا من إسمه ، ويعتبر إمتدادا لفيلم (القبضة الدامية) الذى قدم فيه مكى شخصية حزلقوم للمرة الأولى ، وفى الفيلم الجديد يتم إختطاف (حزلقوم) للقيام بمهمة جديدة تتمثل فى إنتحال شخصية رئيس كوكب ريفو الذى توفى فى محاولة إغتيال قام بها المتمردين على سطح الكوكب .
لم يكتفى مكى بالإعتماد على حبكة مكررة ، إنما كرر أيضا نفس (الإيفيهات) التى ظهرت فى فيلم (القبضة الدامية) بداية من لقاء حزلقوم مع معتز الدمرداش ، وإستعمال الفنان (غسان مطر) فى الإيفيهات ، والإعتماد على جهل حزلقوم فى توليد مشاهد مضحكة لم تثر ضحك المشاهدين فى قاعة العرض الا نادرا .
الإسقاط السياسى يبدو واضحا بشدة فى هذا الفيلم ، وربما هى المرة الأولى لمكى عندما يزج بالسياسة فى أعماله ، فحزلقوم فى حوارة مع معتز الدمرداش يحكى بإسلوب كوميدى عن أحداث إقتحام الأقسام ومديريات الأمن ضمن أحداث الثورة المصرية ، ايضا القصة العامة للفيلم التى تتحدث عن خداع شعب كوكب (ريفو) وإخفاء خبر موت الرئيس لحين إستطاعة (المجلس الثنائى) الحاكم ترتيب أمور الحكم لأحد رجالهم ، وتسير الأمور بخير حتى تتدخل المعارضة وينحاز حزلقوم لجانبها ويقوم بنقل السلطة للشعب .
ينتهى الفيلم الأول وتنير الصالة بإستراحة مؤقته يتبادل فيها الجمهور تعليقات مندهشة حول المستوى المتدنى للفيلم وينسحب شخص أو إثنان لخارج صالة العرض ، تظلم القاعة ويبدأ العرض الثانى .. فيلم (الديك فى العشة) .
يحكى الفيلم عن مزرعة للحيوانات يسيطر عليها مجموعة من الضباع التى تسرق خيراتها وتمارس عليها البلطجة ، وتنتظر حيوانات المزرعة ظهور الديك (حبش) الذى سينقذ الحيوانات من بطش الضباع .
يتناول الفيلم فكرة الحق والقوة التى يجب أن تحميه ، وكيف أن التعاون والإتحاد أمام العدو هو الحل الأمثل للقضاء عليه ، وهى أفكار كلاسيكية للغاية سبق أن شاهدناها فى أكثر من مائة فيلم عربى لعل أهمها (شمس الزناتى) لعادل إمام الذى تظهر بعض مشاهده وكإنما تم إقتباسها فى فيلم مكى الجديد .
تكاد تكون المشاهد المضحكة منعدمة فى الفيلم الثانى ، حتى أن المشاهد الكوميدية قوبلت بضحكات مفتعلة من الجمهور الذى غادر معظمه دار العرض قبل نهاية احداث الفيلم .
يُحسب لمكى فى الفيلمين الديكورات المتميزة والمؤثرات الخاصة التى أرُيد لها محاكاة فيلم حرب الكواكب فى الفيلم الأول ، وإستطاعت تقريب أجواء مزرعة الحيوانات فى الفيلم الثانى ، أيضا يُحسب للقائمين على الفيلم المؤثرات الصوتية الخاصة بالحيوانات ، والخدعة السينمائية المبهرة التى تمثلت فى قفزة أحمد مكى فى نهاية الفيلم والتى ابهرت المشاهدين رغم سخطهم على مستوى الفيلم .
فى طريقى للخروج من الفيلم صادفت مجموعة من الشباب فى طريقها لحضور الحفلة التالية .. قلت لهم : أنصحكم بلاش سيما على بابا .. فيلم مضيعة للوقت والفلوس .
أعتقد من فنان ذكى بحجم أحمد مكى ، أن يخرج على جمهورة ويقول : اعتذر .. ورصيدى لديكم يكفى