منذ القرن التاسع عشر أي منذ ولادة شخصية شرلوك هولمز أشهر وأذكي محقق فى حل أصعب الألغاز في العالم ، والذي قام بإختراعها السير أرثر كونان دويل منذ 122 عاما تقريبا ،وكانت على الأغلب في ذلك الوقت أول شخصية خارقة على الأطلاق ، وكان يعتبر رمزا على مستوي العالم حيث تميزت تلك الشخصية بالعقلانية ومهارة فن الدفاع عن النفس ، وعلى الرغم من طرح العديد من الروايات والقصص القصيرة التي لاقت اهتمام كبير من جميع اﻷعمار ، كما قدمت الكثير من الأفلام من ضمنها سلسة شرلوك هولمز عام (1930 – 1940 )، إلا أنه لم تقدم الشخصية بإهتمام كبير وتعمق بما تحتويها من مغامرات وإثارة وتفاصيل، في عمل عالمي لإستحقاق تلك السلسلة من الألغاز المساندة للظهور والتجسيد بعمق وواقعية .
، بعد سنوات من إختفاء مغامرات شرلوك هولمز، تعود لنا بردائها الجديد وذلك من خلال جزئين، طرح الجزء الأول منها تحت عنوان" شرلوك هولمز " وذلك في عام 2009 ، والذي دارت أحداثه بعد عودة الساحر السفاح بلاك وود للحياة مرة أخري، وقيامه بالعديد من عمليات القتل العشوائية ، ويبدأ بمواجهته والتصدي له المخبر الأسطوري شرلوك هولمز بمساعدة صديقه وشريكه الدائم الدكتور واطسون . كما بلغت ميزانية الفيلم حوالي90,000,000 دولار أمريكي ،وقد لاقي نجاحا كبيرا ، حتي وصل إجمالي الإيرادات فى الولايات الأمريكية عند عرضه حوالي 209,028,679 دولار أمريكي . ليبدأ التشويق أكثر بعد العلم بتصوير جزء ثاني من مغامرات شرلوك هولمز .
وبالفعل جاء لنا الجزء الثاني تحت عنوان "شرلوك هولمز:لعبة الظلال" ،يحمل لنا العديد من المفاجائات ، وظهور مختلف بروح المغامرة التشويقية ، ومشاهد الأكشن ، وفن التنكر الذي أثار الكثير من الجدل ،كما لوح لنا حبكة الوصل بين القرن التاسع عشر والقرن الواحد والعشرين وذلك من خلال بعض العناصر التي زادت من الإثارة والتجديد. أحداث الفيلم مازالت تدور فى القرن التاسع عشر ، ولكن المغامرة تتميز بالعنف الشديد وذلك بسلسلة تفجيرات في عدة أماكن وأيضا موت أشخاص أثرياء في أنحاء العالم ، ليبدأ المحقق شرلوك هولمز وشريكه واطسون التحري عن تلك الجرائم العشوائية الغامضة ، ليكتشفا أنهم يواجهان تلك المرة عدو غير عادي وهو البروفسور جيمس موريارتى ذو الشخصية الباردة والذكية جدا ، كما أنه صاحب إمكانيات وقدرات علمية كبيرة .
من الواضح أن الإعداد للفيلم من حيث الأبطال والإنتاج والسيناريو والإخراج لم يكن سهلا أو عاديا ، على الرغم من صدور جزءا أول للفيلم ، إلا أن هذا الجزء يبدو مختلفا و دقيقا جدا . جاء المخرج جاي ريتشي إعادة إكتشاف شخصية شرلوك هولمز من خلال الفيلم والفنانين ، حيث يعد ذلك تحد صعب ومثير ومستفز لخيال الفنان ،إلا أنه برع فى ظهور الشخصية والفنانين أيضا برؤية مختلفة تجمع بين الإثارة والحداثة ، فقد خرج هولمز عن أسلوبه المعهود حيث ظهر مفكرا ومحاربا يتقن سلاحه الفكري فى التحقيق ، كما إستعرض ريتشي فن التنكر بشكل غير معقول ، مما أذهل المشاهد ليكرر قول (مستحيل).كما نجح كاتبا السيناريو الزوجان ميشيل وزوجها كيران ملوراني فى إبقاء الحوار نابضا بروح الإثارة ومشوقا خلال ساعتين مدة الفيلم ، كما أضفت بعض الكوميديا روح المرح والدعابة ومحافظا على جدية الحوار .عبقرية الموسيقي التصويرية ومغازلتها للأحداث لاسيما أكثر الأحداث إثارة والتي تنقلك إلي عالم المغامرة بالفعل ، وذلك ما تعودناه من الموسيقار القدير هانز زيمر بموسقاه الساحرة. كلا من المنتجين لايونيل ويجرام وجويل سيلفر وغيرهما.. ساعدا على كمال جميع الأدوات للخروج بفيلم رائع .
أما عن أبطال الفيلم الذين تميزوا بظهورهم بشكل غير معتاد عليهم وعلى رأسهم الفنان الهوليوودي روبرت داوني جونيور الذي تألق بدور المحقق شرلوك هولمز غريب الأطوار والذي يميل فى بعض الأحيان إلي الجنون كما برع بأداء الدور حيث جاء أسلوب هولمز متماهيا مع أسلوب داوني ، كما أستطاع داوني خسارة بعض الوزن من أجل الشخصية حيث عرف عن هولمز فى القصة الأصلية بأنه هزيلا ونحيلا ، ويعتبر هذا الدور هو إعاده لداوني من ضمن نجوم هوليوود بعد عدة إخفاقات . يليه بأدائه المميز الفنان جود لو ،والذي أدي دور دكتور واطسون صديق وشريك هولمز ، وهو جراح ومحارب قديم فى حرب فيتنام ، بدي لو أقرب إلي الشخصية الحقيقية ، كما أن الديناميكية بين واطسون وهولمز كشفت الكثيرمن المواضيع الجديدة والتي لم نراها فى الأعمال السابقة . كما تألق الفنان الإنجليزي القادم من نجومية التليفزيون جاريد هاريس ليؤدي دور البرفسور موريارتي ، أكثر الأدوار الشريرة شهرة ، ليقوم بأداء قوي قاس بارد وذو عقلية علمية متفتحة بشكل مخيف ، وهو عدو هولمز وواطسون . كما جاءت من الجزء الأول الممثلة راشيل ماكادمز في دور إيرين أدلير تلك المرأة الوحيدة الجميلة والجذابة التي إستطاعت خداع هولمز ، مما تنشأ علاقة شد وجذب بينهما ، كما أنها المرأة التي لم يستطيع الوصول إليها ،ليكتشف فيما بعد حقيقتها . وعن دور الفتاة الغجرية سيم التي تتحالف مع هولمز وواطسون لمحاربة موريارتي ، والتي يتضح فيما بعد إصرارها على الإنتقام منه لوجود ثأر بينهما يكمن في أخيها ، والتي أدته الممثلة السويدية ناعومي راباس في أول أدوارها الناطقة بالإنجليزية .
أدت المؤثرات الصوتية والبصرية ومشاهد الأكشن دورا هاما في نجاح هذا الفيلم ، حيث إندماج الحركة والموسيقي وبرعة الأداء بدت مشوقة ومثيرة للأذهان والرؤية ، كما يعد للفيلم العديد من المشاهد التي تسمي بالمشهد الرئيسي .شرلوك هولمز:لعبة الظلال ، يعد من الأفلام التي تشعرك بنشوة المغامرة عند مشاهدته فى كل مرة ، لاقي الفيلم نجاحا عند عند عرضه ، فقد بلغت إيراداته حتي الآن في مصر حوالي 2,165,025 .