عندما تلعب الموسيقى دور السيناريو والحوار وتحاول أن تقدم لك قصة من أجمل القصص السينمائية فإن ذلك يعد من أبهر الأعمال الفنية التي تقدم على الإطلاق ....فيلم ( الفنان) للممثل الفرنسي جان دوجاردان الذي نال عن جدارة لخمس جوائز أوسكار بالرغم من أنه فيلم صامت وأبيض وأسود ويفتقر إلى التقنية الحديثة التي اشتهرت بها السينما العالمية فإنه استطاع أن يصل إلى روح الجمهور بأسهل الطرق وهي الموسيقى لتصبح تيمته الأساسية....قصة الفيلم تدور عام 1972 حيث الممثل المشهور جورج فالنتين (جان دوجاردان) الذي يتمكن بنجاح من السيطرة على شباك التذاكر وتحقيق أعلى الإيرادات بأفلامه فارضا شروطه على منتجي أعماله ....يتعرف جان في أحد أفلامه على الفتاة بيبي ميلر (برنيس بيجو) التي تشاركه الرقص ويبدأ نجمها في السطوع في الوقت الذي يفل نجم جورج نتيجة دخول السينما الناطقة ....يحاول جورج في بدأ الأمر رفض تلك التكنولوجيا حتى يصاب بأزمة نفسية ويستسلم ليأسه الذي يسيطر عليه....بغض النظر عن تلك القصة الإنسانية التي تبعث الكثير من الأحاسيس والإبعاد الإنسانية داخل الروح وما تبثه من إشارات هامة لضرورة مواكبة الإنسان لكل ما هو جديد وحديث فإن الفيلم يعد توليفة من إبداع وعبقرية وحرفية لطاقم عمل جعلك تقدم على مشاهدة عمل صامت وأبيض وأسود باستمتاع وسعادة شديدة دون الشعور بأي ملل أو سآمة ...فتجلت عبقرية المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيسوس في تقديم ديكورات وأزياء لمستوى السينما في تلك الحقبة الزمنية واستخدام اللافتات لكتابة الحوار الذي يدور بين الممثلين وقدرته على تقديم أدق التفاصيل الصغيرة لرسم الشخصيات كذلك نجاح الممثل دوجاردوان في الانتقال من السعادة إلى الحزن ومن التراجيديا إلى الكوميديا بسهولة وتجسيد مأساته الحقيقة بتعبيرات وجه غاية في البراعة ليثري خيالك ووجدانك بأجمل التعبيرات تاركا بصمة بداخلك وأيضا استخدام الموسيقى لتعبر عن تلك الانطباعات لتزداد شجنا وتعاطفا مع بطل القصة أمر غاية في العبقرية ...فيلم الفنان اطلق ليكون مغامرة فرنسية كبرى