النظر إلى الأعماق

قد لا أكون أمريكية وليس لي أي أقارب يحملون تلك الجنسية ولكنني أفهم جيدا تلك المأساة التي أصابت الأمريكان بل العالم كله يوم الحادي عشر من سبتمبر وأتذكر جيدا ذلك اليوم المؤسف وما خلفه من حالات نفسية صعبة ليأتي فيلم ( (Extremely loud And incredibly close مؤكدا ذلك من خلال قصة بسيطة ....في البداية يجد الجميع الفيلم ممل وأحداثه بطيئة وطويلة تدعوك لعدم استكمال الفيلم ولكنها سرعان ما تتحول لقصة تدعو للدموع والحزن أكثر من كونها قصة درامية تحكي مأساة صبي يدعى أوسكار شال (توماس هورن) يبلغ من العمر تسع سنوات مصاب بالطيف التوحدي تعلق بوالده توماس شال (توم هانكس) لدرجة جعلته يصاب بحالة نفسية شديدة عقب وفاة والده في أحداث الحادي عشر من سبتمبر ....مع مرور الوقت يعثر أوسكار على مفتاح ما بخزينة ملابس والده فيحاول حل لغز ذلك المفتاح ويبدأ في التوجه ومقابلة كل شخص يدعى (بلاك) ذلك الاسم الذي كتب على حافظة المفتاح حتى يصل للشخص المطلوب وأثناء ذلك يستعرض أوسكار حياته مع والده ووالدته (ساندرا بولوك) ومخاوفه من كل شيء يقابله.......ومع أول مشاهد الفيلم تطرق إلى قلبي هؤلاء الأشخاص المصابين بالتوحد الذين عاشرتهم أثناء دراستي لتلك الحالات وتساءلت كيف لهذا الصبي الصغير (توماس هورن) أن يؤدي تلك الشخصية بهذه البراعة وأن يتقن انطوائه على نفسه لتلك الدرجة وأن يصبح مؤثرا للغاية هل هو كذلك فعلا ؟؟..... أعتقد أن الأحداث جاءت عاطفية ومؤلمة بما تناسب ذلك الحدث الذي هز الكثير منا وخاصة عندما يقدم أوسكار نفسه لكل من يقابله ويخبره بأن والده لقي مصرعه في هذا اليوم ....وما يؤثر بشدة أن تتمحور القصة حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر فهناك العديد من الأعمال قدمت عن ذلك اليوم المشئوم موضحة ما خلفه ذلك الحدث من حالات نفسية سيئة تسعى إلى الآن للعلاج ولكن هذا الفيلم قدم شخصية فريدة عن ذلك الطفل التوحدي وما يعينه من فراق والده بمشاهد دافئة صادقة ومشاعر وعواطف وأفكار تجمعت داخله ولذلك فإن توماس هورن يعتبر نجم الفيلم منذ البداية وحتى إعلان كلمة النهاية متمكنا من دفع الدموع لتتساقط بسهولة...ثم يأتي دور توم هانكس وساندرا بولوك اللذان نجاحا في تقديم دورين مختلفين عليهما وكان لهما تأثير قوي وخاصة شخصية توم وتأثيره في حياة ابنه أوسكار بالرغم من إصابته بمرض التوحد ، كذلك دور (ماكس فون سايدو) ذلك المستأجر ، الذي لا يقول كلمة واحدة في هذا الفيلم، وتعبيرات وجهه التي كانت صادقة إلى درجة عالية استحق عليها ترشيحه لجائزة الأوسكار عن دوره في هذا العمل...الفيلم يستحق أن يكون من أفضل أفلام العام وعن جدارة للأبعاد الإنسانية التي يعرضها.