عالم الهامشيين الدسم المسلسل قدم تحليلا عميقا خفيف الدم لعالم الهامشيين و أضاء مجموعة من العلاقات الإنسانية التى شوهها الفقر لتحمل الشخصيات قدرا كبيرا من الطزاجة تبتعد عن النمطية و كلها تنتمى الى الشخصيات الرمادية التى يتصارع داخلها الخير والشر مما يعطى للشخصيات مصداقية و يقربها من الواقع . المخرج ابتعد المخرج عن لازمة العمل الاول و هو المراهقة الدراميه من ضغط على مشاهد لا تسحق الضغط وكان فى نفس الوقت نجح فى تقديم نفسه كمخرج حساس لديه حس درامى يقظ و قدرة على التأثير على المتفرج مديرا عناصره الفنيه بحرفية قد لا تتناسب مع صغر سنه مما يعنى اننا امام مخرج موهوب ينتمى لمدرسة النفس الهادئ و عدم الإفتعال.. السيناريو أتت الأحداث سريعة و متلاحقة و من داخل عالم الشخصيات و قد إحتوت كل حلقة على ذروة درامية أو أكثر مما دفع المشاهد للمتابعة كما نجح فى خلق أسئلة يبحث المتفرج عن أجابات لها طوال الأحداث . و أتى التتابع الدرامى سلسا و يحمل تحولات درامية كل فترة تعيد ترتيب الدراما من جديد و إن أتى السرد تقليديا وبعيد عن التجريب .كما كانت لغة الحوار ذات طعم خاص. وهو سيناريو يقترب من عالم " ليه يا بنفسج" و "الساحر " لسامى السيوى . الإضاءة أتت الإضاءة فى أعلب الوقت معبرة عن الحدث الدرامى و لكن من داخل مدرسة إحترام المصدر مما أعطى للصورة ثراء و مصداقية وهو ما يتماشى مع الإتجاه الواقعى للمخرج . وهو جهد يحمد لمدير التصوير حسين عسر . فعادة ما تتصادم التعبيرية كمدرسة مع إحترام المصدر و الواقعية فتتغلب إحداهما على الأخرى وهو مالم يحدث طوال المسلسل و بهذا نجح حسين فى المعادله الصعبه التى إختارها لنفسه. الديكور قدم عادل المغربى حارة مركبة يتداخل فيها الخارجى مع الداخلى مما أعطى مصداقية كبيرة للديكور ولكن ظهر عدم تجانس بين حارة الإسكندريه وديكور جليله و إن كان هذا مردودا عليه أنه فى بعض الناطق الشعبيه توجد شقق فوق المتوسط وهو ما ينسجم مع واقعية التقديم فى هذا العمل . التمثيل عمرو سعد نجح فى تقديم شخصية الدم " مهضومه " بتعبير اخونا اللبنانيين ليكشف عن طاقة كوميديه مخبأة داخل هذا الممثل الموهوب وهذا اعطاه طعما جديدا يختلف عن اعماله السابقه فقد اعتدنا على عمرو فى ادوار الميلودرما سواء فى افلام خالد يوسف أو فى الدرما التلفزيونيه كشارع عبد العزيز . سوسن بدر قدمت واحد من أجمل ادوارها المركبه والذى يجمع بين قوة الشخصيه والقبول العالى و خفة الدم التى أتت من الموقف وهو دور يحسب لها بكل المقايس . هاله فاخر قدمت نموذج السيده التى تكتشف الحياه فى مرحلة متأخرة من عمرها بإقتدار .و أتى تدرج شخصيتها من الشخصيه التابعه الى الشخصيه صاحبة الموقف طبيعيا لحد عدم ملاحظة التدرج فى الأداء و كأنه نمو حقيقى لشخصيه حقيقيه .رائعة أنت أيتها السيدة. أحمد راتب كان رائعا فى بساطته فقدم الرجل الذى قرر أن يعيش بلا أحلام وقد سحقه الفقر فإستسلم و اسقط يديه بجانبه و أتت مشاهد علاقته بسعيد " عمرو سعد " حقيقية لدرجة تثير الإعجاب. إدوارد إعادة إكتشاف لممثل يملك الكثير ليقدمه . أحمد خليل قدم دور الرجل المصاب بالزهيمر بشكل إنسانى عظيم وهو بالفعل يستحق جائزة رغم صغر مساحة الدور حسام داغر طاقة تمثيلية تستحق الإنتباه و ستنفجر قريبا جدا . رامى غيط مستقبل رائع فى تقديم شخصية الشرير خفيف الدم فهو يعيد للأذهان الرائع " استيفان روستى " والرائع "عادل أدهم" مريهان نجحت فى نزع الإعجاب بها فى دور البنت البلدى المترددة والتى لا تستقر على رأى رحاب الجمل قدمت الشريرة الشهية نرفض كل ما تفعله لكن نحب الفرجة عليها . فى النهاية هو مسلسل جيد يستحق ان نراه بدون احكام مسبقة يفتح شباكا لنا لندرك الواقع بشكل افضل