فى الخمس الى ست سنوات الاخيرة اصبح وضع أحمد عز على افيش فيلم يقوم ببطولته هو فى ذهنى معادلا موضوعيا للبهجة . ففيلم لعز يعنى اننى مقبلةعلى عمل يجمع بين بعض الكوميديا و بعض الرومانسية و الكثير من خفة الروح و الاكثر من "الانسانيات". ف"عز " متألق دائما ..متلون و متمكن و عميق الادراك لما يجب على نجم فى وسامته الشكلية فعله لكى لا يؤخذ مأخذا سطحيا و يعامل فنيا كدُمية و "جارنيش" فنى و "عريس حلاوة". فمنذ أن أقدم على حلق شعره زيرو و ضرب موساً فى حاجبه الايمن و ارتدى تلك الملابس البسيطه فى أحداث "الرهينة " و أنا –ويشاركنى الكثيرين- أدرك ان هذا الشاب الوسيم غير مكتفى بهذه الوسامة كصك للنجومية مع انه لو اكتفى كانت لتحقق له قدرا لا باس به من الربح !! الا ان عز شاعر للغاية بموهبته و يعلم انه يستطيع ان يقدم لمشاهده و فنه و سينما بلاده ما هو اكثر من "موديلز اعلانات"! و توالت أعمال عز التى تحدى فيها نفسه و نجح و أحدث صدى متوقع و كانت آخرها "المصلحة ". اما عن "حلم عزيز" ..فهو فيلم ينتمى الى الفانتازيا الكوميدية- و ان زادت الكوميديا و الفانتازيا احيانا عن المقبول- و التى كانت الانسب لتكون الشكل الذى يناقش من خلاله السيناريست الموهوب "نادر صلاح الدين" فكرته و حدوتة عمله عن الثواب و العقاب و ماذا بعد الحياة الدنيا . الفيلم يمثل نقلة جزئية فى المشوار الذى بدأه و اختار ملامحه احمد عز. فها هو من جديد يتمرد و يتحدى ..ليس فقط شكله ووسامته ..بل يتمرد هذه المره على ثوابت و محظورات فى مجتمع شرقى يميل الى التدين و الايمان المطلق بالغيبيات كالمجتمع المصرى الذى خرج منه و اليه..يقدم فنه. شعرت اثناء متابعتى للفيلم باقتباس غير محسوس لروح "سفير جهنم" للعملاق يوسف وهبى و كذلك..روح و تكنيك "طير انت" الماخوذ فى الاصل عن التحفة الامريكية " bedazzled" فالعمل-حلم عزيز- هو عبارة عن قصة تبدا و تنتهى معتمده بشكل اساسى على "حلم" و بعض المسائل الغيبية . السيناريو الذى أبدعه نادر صلاح الدين يتعدى على حدود منطقة شائكة و محظورة فى وجداننا كمصريين سواء مسلمين أو مسيحيين و هى مسألة "الثواب" و "العقاب" و "الاخرة" و ما بعد الموت . الا انه مع ذلك جاء وضعها فى اطار الحلم تحريرا لها من القيود و صداً تلقائياَ لسنون الهجوم ! حيث انه من المعروف انه لا قيود على الاحلام و ان اى انسان لا يستطيع السيطرة على محتوى حلمه او الشكل الذى جاء به . و من هذا المنطلق ايضاً جاءت مشاهد الجنة و النار طفولية بعض الشيى ء و مطابقة للغاية لتصورنا الدنيوى البسيط عن تفاصيل هذه الغيبيات . الا اننى على الرغم من انها "نفدت " الا اننى اود ان اسجل ملاحظة ازعجتنى- كانسان – و هى اختيار شخصيات بعينها ليكون مثواها الاخير الجنة او النار ..فقد رأينا "فريدة" زوجة عزيز تجرى على البساط فى اريحية و انطلاق بينما فى مشهد النار نرى "هتلر" و "القذافى" و آخرون . كلمتى البسيطة هى ان رحمة الله لا يعلم مداها الا سبحانه و تعالى نحن فقط نجتهد ..ولانحكم ! و أعود لعز" الذى لفت انتباهى اختياره لشخصية ابن البلد متوسط التعليم و الثقافة تلقائى و "بلدى" اللهجة حاد الذكاء لامع العينين ليمزجها باحتراف مع شخصية الثرى ذى الملايين العديدة المتعارف على شكله النمطى ان يكون "ابن ذوات". أعجبنى للغاية الخاتم الذهبى فى الخنصر و احببت "عوجته" على جنب . كما احببت السلسلة الذهبية السميكة . كما ابتسمت لرمزية زى "الفرعون " الذى اختاره السيناريو ليضع فيه عز فى مشهد " الحساب" و عن ابطال الفيلم : شريف منير : تألق.و تألق..و تألق ! على الرغم من أنه ظهر كأب لعز الذى لا أعتقد أبدا ان الفرق العمرى بينهما يسمح بذلك الا ان خفة منير و رشاقته و احساسه العالى بالحركة و الايقاع وحبه للمغامرة الفنية أنقصت من عمره على الشاشة أكثر من عشر سنوات جعلته يبدو تقريباً فى سن عز . كما أن رمزية دور الأب- الذى يمثل الضمير لشاب أعطاه الله كل شيىء فنسى الله – اعطت الدور هيبة و هالة و اعطت منير بريقا اضافيا ً. اخذت للغاية بمشهد مصارعة الثيران الذى اداه شريف منير بكل الخفة و كل الاتقان . و كذلك اسعدنى مشهد المباراه الذى تم تنفيذه باسلوب عالمى و كان اجمل ما فيه دوبلاج تعليق "عصام الشوالى" الذى اداه شريف منير بمنتهى الحرفية و خفة الروح ! محمد امام : قدمه الفيلم فى شخصية لطيفة بسيطة لا تحمل الكثير من التفاصيل ولا تحتمل اجتهادا ولا عمقاً فى الاداء .لكن –ملحوظة جانبية – قد لاحظت فى اخر اعماله اهتماما كبيرا بمحاكاة سكة اداء والده الامام الكبير المعهودة . فقد بدى لى متعمدا ان يحاكى تعابير وجه اباه حينما تعجبه انثى. محمد شاب موهوب. و قد احترمت للغاية اهتمامه بعمله و ادواره فى بدايته بعيداً عن اسم الوالد الكبير . و ارجو له فى هذا استمرارية ..فأسمه سيصنعه هو و لو كان "عادل امام " هو من يصنع الاسماء لأصبح "رامى امام " يوسف شاهين العصر ..مع الاعتذار لخيرت الشاطر . صلاح عبد الله : من جديد.. نفس التكلف الذى الاحظه يزداد فى اعماله الاخيرة ..يبدوا أن الرجل سئم النجاح !! مى كساب:بالله عليك ِ حدثينى عن دورك ..لم أرى الا مكياجا فاقعا و شعرا اصفر لا يليق ببشرتك الداكنة و جميع الوان الهاند فرى "سماعة التليفون" السخيف و كأنك أخذتى توكيله أو شغالة ف الدعاية لمحل الموبايلات الذى يبيعه . و حقيبة "مها الصغير " التى حملتيها فى صدارة المشهد حيث ابرزتيها اكثر من و جهك و كأنكِ تصورين ديفيليه و ليس مشهدا سينمائيا ً. و بالمناسبة و على جنب برضه فأنا مأخوذة للغاية بكل ما تصممه و تنتجه الموهبة الفارقة "مها الصغير " . ظهور احمد رزق و منة شلبى كضيفى شرف فى الفيلم زاد من الحميمية و احساس الاسرة الذى ظهر على فريق العمل ككل . فى النهاية : ان كنت ممن يستمتعون التحليل و التدقيق و فك الشفرات و الرمزيات و التفاصيل ستجد تربة خصبة فى حلم عزيز تغريك بالتركيز و مشاهدة العمل لاكثر من مرة .اما ان كنت من محبى "الباكدج" و ممن هم "بيجيبوا م الاخر" فستجد فى "حلم عزيز"...فيلم لذيذ!