بدءاً ذي بدء وبدون أي مقدمات، إذا أخذنا قصة الفيلم من الخارج لشعرنا أنها سهلة ويسهل التنبؤ بها وخاصة أنها قصة حقيقية. حيث قبطان سفينة يهجم عليه قراصنة ويقوموا بخطفه ويتم ارسال فريق إنقاذ من السلطات الأمريكية لإنقاذه وتتوالى الأحداث. ولكن إذا تعمقنا في المشاهد من التصوير إلى الحوار لوجدنا معاني أعمق بكثير من كل ذلك.
بالتأكيد أن أداء توم هانكس الرائع في الفيلم أضاف للفيلم الكثير بالمشاركة مع مخرج الفيلم بول جرينجراس. فخلال أول مشهد في الفيلم أثناء استعداد القبطان فيليبس (توم هانكس) للذهاب لعمله لا يجعلنا المخرج نرى وجهه بصورة كاملة حيث أنه في المنزل رب أسرة وزوج وليس قبطان، وربما نستشعر من تحركاته شيء من التردد وكأنه خائف أو متوجس من شيء. ولكن فور وصول فيليبس لعمله نتمكن من رؤيته بشكل كامل في كامل هيئته في شكل يتسم بالرزانة والرقي.
التوجس أو ذلك الشعور الغريب يظل ملازم لشخصية فيليبس حتى في سفينة الشحن مقر عمله، وكأنه يعرف ماذا سيحدث داخل تلك السفينة. ومن الجدير بالذكر أن التصوير السينمائي غاية في الروعة والدقة حيث يجعلك تندمج مع الصورة وكأنك هناك. يبدأ فيليبس بإجراء عدة تجارب تتعلق بالأمانة وكيفية التصرف في حال حدوث خطر، وتظهر شخصيته الصارمة والجادة والقوية ولكن في رقي متناهي. على الجانب الأخر نجد ظهور القراصنة وعلى رأسهم موسى (بركات عبدي).
إن هزالة جسد موسى (بركات عبدي) تشعرك أنه مسالم ولكن تعابير وجهه وطريقة كلامه وأفعاله تنم عن أنه ذو دم بارد، حتى تكاد تشك أن بركات عبدي كان يعمل في الصومال واليمن قرصان قبل أن يشترك في هذا الفيلم. فلقد أتقن دوره بشكل بارع بالرغم من أن هذا أول تجربة سينمائية له فأدائه فيه شيء من السلاسة بدون أي مبالغة أو تصنع. فبركات عبدي يستحق وبجدارة ترشيحه لجائزتي الأوسكار والجولدن جلوب كأفضل ممثل مساعد.
بالعودة للأحداث نجد تصادم بين القراصنة والقبطان فيليبس فالقراصنة يريدون المال بأي شكل وهو لا يريد أي دماء تسيل ويريد المحافظة على طاقم عمله. وبالرغم من أن القراصنة أقل عدد من الطاقم لكنهم يستطيعوا التغلب عليهم، فالمشاهد الأولى لظهور القراصنة قرب السفينة تكاد تشعرك أنها معركة عكسر وحرامية، وتكاد تشك في بعض المشاهد أن الأفضلية للقراصنة وأحياناً أخرى أنها للسفينة. ولكن بسبب رهبة الطاقم يتركوا القبطان فيليبس في المقدمة حتى يتم خطفه.
لكن هناك مشاهد غائبة في الفيلم أو ربما أراد المخرج ألا يشتت نفسه في أحاديث جانبية، تتعلق بالخلفية الاجتماعية والثقافية للقراصنة وربما خاف أن نتعاطف معهم أو ربما شعر أنه لا مجال لذكرها في الفيلم، ولكنه أكتفى ببضعة مشاهد كمقدمة لدخول القراصنة في الفيلم وعلى رأسهم موسى. أظهر الفيلم أيضاً تعاطف فيليبس مع أحد الصبية حيث حثه في أكثر من مجال على ترك ما يفعله لأنه مجرد صبي وهذا يضيف معاني إنسانية للفيلم بعيدًا عن العنف والدم.
أن ذكاء فيليبس ساعده كثيراً وربما هذا أكثر شيء يجعلك تعجب به فهو يخبر فريق الإنقاذ برقم مقعده ويحاول مماطلة القراصنة كلما سنحت الفرصة ويسعى للهروب منهم في مجال أخر. ولكنه يفقد الأمل ويكتب رسالة لزوجته في حال توفى وينهار في النهاية ويكاد يتسبب في مقتله، ولكن سرعان ما يتغير كل ذلك وينجح في النجاة بعمره وسط إعجاب شديد برقيه وذكائه البارع.