الملفت للنظر فى الفيلم ان خان لم يجلب الى طاقمه مهندس ديكور ولا حتي منسق مناظر فقد اعتمد على الاماكن الطبيعية التي صوّر فيها فيلمه الحريف بعيدا عن زخرف الديكورات والاستديوهات المغلقة. فالحريف الرافض للأنسحاق تحت ضغوط حياتيه الرافض للقيود فى كثير من الأحيان و المتمرد فى أحيان اخري لايجوز سجنه فى ديكورات مصمته مهما بلغت درجة دقتها وصدقها، وكان لابد لطاقم العمل ان يعيش الفيلم كحياة ابطاله، خان الساعي لإخراج فيلم انساني بكل هذا الكم من المشاعر و المتناقضات و الألم استطاع ان يجعلنا " ننهج " على الرغم من إيقاع الفيلم الهادئ للغاية و الذى قد يصل فى بعض المشاهد إلى حد الرتابة. الحريف الذى انتقم من ضغوط الحياة بالإنجراف فيها ودع عالمه ب"شوطة" اعقبت " ترقيصه" لكل الظروف التى خسر بسببها حلمه فى ان يظل طفلا يلعب كورة في الشارع. خان ينتقل بحرفية شديدة من جيل إلى جيل يعيد نفس الدائرة التى مر بها فارسه الجميع يحل محله فى العمل وفى النزوات أيضا، آن الآوان للحريف ان يغادر الملعب دون هزيمة أو إنكسار يكفي انكساره امام الزمن، ولكن خان يرفض ويقرر ان يهزم الزمن ولو بشكل مؤقت فى معركة جانبيه بين مختار وفارس. زمن اللعب راح يا بكر.. يختم خان رائعته هو بشير الديك بهذه الجملة مؤكدا انتصار الزمن على الأحلام، ولكن فى منتصف الفيلم تستوقفك جمل حوارية كجملة " أنور " زميل فارس فى الورشة " بذمتك ما وصلتش ؟"، حيث يسترعى انتباهك تشبيه انور لعزيزة بنهاية طريق أو مسافة طويلة يسير فيها فارس على العكس الحادث فى الفيلم، فارس لا يحلم بالوصول مطلقا فلا يهدف لأى شئ سوى ان يظل " الحريف " يعادي الزمن ويرفضه وخان يرفضه يكفي ان مشهد الساعة لم يأتى ولا مرة فى الفيلم لم ينظر أحد إلى ساعته واعتمد خان على النهار و الليل فى تحديد الوقت لا على الساعات حتى حينما اراد خان ان يخبرنا ان المباراة الختامية على وشك النهاية ركز كاميرته على وجه الحكم لا على ساعته، خان رافض الوقت فلا يمكنك ايضا ان تعرف الزمن الذى دارت فيه احداث الفيلم ما مقداره هو بالطبع يزيد عن يومين ولكن هل تجاوز الإسبوع الشهر لا يمكنك ان تحدد فعليا لا اعتقد، واعتقد ان هذا ايضا كان مقصودا و بشده. خان.. الحريف صنع فيلما عن الألم و المعاناه دون ضجيج او صوت صاخب او صرخات صنع فيلما عن الألم المكتوم غير المبتذل الألم الذى تراه فقط فلا تحتمله و لكن إذا عايشته يصبح عاديا ولكنه العادي المؤلم.