" Interstellar " هو واحدة من اكثر الأفلام المنتظرة فى عام 2014 ومنذ الأعلان عن بدء العمل بالفيلم من قبل الأخوين " نولان " فى بدايات 2013 ليس لمجرد انه فيلما يتحدث عن رحلة فضائية مجهوله ولكن الثقة الكبيرة فى المخرج " كريستوفر نولان " تجعل افلامه دائما الأكثر انتظارا على مدار الأعوام فبشكل شخصى كنت انتظر الفيلم بفارغ الصبر منذ الأعلان عنه وكنت اتابع الصور واللقطات الدعائية التى اضافت مزيد من التشويق والأثارة لدى متابعى السينما وجعلت الفيلم رحله مجهولة ومنتظره بفارغ الصبر , ومرت الأيام وظهر الفيلم اخيرا بدور العرض المختلفة حول العالم جاذبا عددا كبيرا من الفئات العمرية المختلفة من اجل البحث عن تجربه فضائية مختلفة .
تدور احداث الفيلم حول فترة زمنية غير محددة من تاريخ الأرض حينما تعانى البشرية من انتشار الأتربة والأوبئه المميته بالأضافة الى نقذ الموارد والطعام والمحاصيل الزراعية بشكل يجعل الحياة على الأرض امرا ميئوس منه فتتجه الحكومة و " ناسا " الى ارسال " كوبر " المهندس , المزارع , الطيار و الأب لطفلة صغيرة وشاب بالغ فى رحلة خارج اطار الأرض من خلال ثقب دودى يؤدى من خلاله الى مجرة اخرى مرورا بالزمكان من اجل البحث عن موطن او كوكب اخر يصلح للحياة من اجل انقاذ الجنس البشرى من الفناء , فيتجه " كوبر " الى قبول المهمه ويتجه عبر النجوم باحثا عن موطن جديد له ولأولاده متمسكا بدافع الوعد الذى قطعه على نفسه بأنه سيعود من اجل ابنته الصغيرة " ميرف " .
قصة الفيلم كانت فوق الممتازة , معقدة وممتعة فقد كانت التيمة الـ " نولانية " موجودة بالفيلم والتى تعودنا عليها فى افلام عديدة مثل ثلاثية " فارس الظلام " و " انسبشن " و " برستيج " وافلام كثيرة قدم لنا الأخوين دائما هذه النوعية من الأفلام والتى تمتاز بالتشويق والغموض والفكرة العميقه التى تحتاج الى تفكير المشاهد حتى يعى جيدا بالمضمون واحداث الفيلم , ففكرة تعرض الأرض الى الى هذه الظاهرة الكارثية هو امر محتمل ووارد حدوثه طالما كان الأنسان مهملا لبيئته معاملا الموارد المائية والغذائية والزراعية بأسوء الأساليب من خلال الحروب والتعديلات الوراثية لكل شيء من حوله ففى نهاية المطاف سيقود الأنسان نفسه الى فنائه وهو انذار يقدمه لنا الأخوين كأنذار للطبيعة , وكما كنت دائما اقتنع ان القصة التى تعيش هى القصة التى تصلح لأى فترة زمنية وأى مكان وزمان بعقدتها وحلها ولذلك يمكن القول ان الفيلم وقصته بشكل عام ستعيش لسنوات عديدة قادمة , وبجانب القصة الممتعة , والفيلم بشكل عام اثبت ان الأخوين " نولان " لا يخجلوا من البحث عن الأخطاء وأنتقاد اعمالهم بأنفسهم حتى يخرج العمل بأقل اخطاء ممكنه ويمكن القول ان قصة الفيلم خرجت بالفعل بأقل اخطاء ممكنه على الرغم من القضية المعقدة علميا التى ناقشها الفيلم .
الأداء التمثيلى كان أكثر من رائع من قبل اغلبية طاقم العمل ويأتى على المقدمه بالطبع الممثل المميز " ماثيو ماكونهى " والذى قدم شخصية " كوبر " على أكمل وجه بأسلوب بسيط خالى من التكلف او التصنع فهو من الممثلين القلائل الذين يقدمون ادوار طبيعية وممتعه وأرى انه يستحق وبدون مبالغة الترشح للمرة الثانية على التوالى للأوسكار هذا العام فقد قدم ادائا دراميا مميز بفيلم من المفترض ان مضمونه الخيال العلمى ان لم تصدق فيمكنك مشاهدة مشاهد الزمكان ومشهد رسائل ال23 عام ومشهد النهاية لتتأكد بنفسك فقد اثبت مرة اخرى انه ممثل مميز تأخر كثيرا توهجه , " انى هاثاوى " ايضا قدمت اداء مميز بالفيلم فى شخصية " ايمليا " والتى تثق كثيرا فى والدها وترى ان الرحلة الأستكشافية هى امل البشرية الوحيد , ربما طبيعة الدور كانت اقل حجما من ناحية الدراما والظهور من " كوبر " ولكنها قدمت البطولة النسائية بشكل وجيد , بالحديث عن البطولة النسائية ربما تفوقت هذه المرة " جيسيكا شاستين " على " انى " فى تقديم شخصية " ميرف " الشابة بعفويتها وعمقها , فى الحقيقة لم اكن من عشاق " جيسيكا " وكنت اراها ممثله عادية ولكنها اثبتت لى عكس ذلك فى شخصية " ميرف , كذلك كان الحضور مميز للغاية لـ " مايكل كين " و " كيسى افليك " و " ويس بينتلى " و " جون ليثجو " و " ديفيد جياسى " , ربما سأتوقف قليلا على الأداء الأكثر من رائع للطفلة الصغير " ماكانزى فوى " والتى لا تبلغ من العمر اكثر من 14 عام ولكنها قدمت شخصية " ميرف " الصغيرة وكأنها ممثلة كبيرة وخبيره ارتدت عباءة الطفلة فقد كان ادائها التمثيلى والدرامى مذهلا بالنسبه لى .
على مستوى الأداء التقنى بالعمل كان ضمن عوامل نجاح الفيلم بنسبه كبيرة بالنسبه لى بداية من المؤثرات البصرية المميزة والمقنعة فقد كان امرا متوقعا عندما اعلن صناع العمل ان ميزانية انتاج الفيلم تخطت ال165 مليون دولار أمريكى وهو رقم يؤكد على ضخامة الأبهار البصرى بهذا العمل وهو من العوامل الجاذبه لأى متفرج , الأخراج فى هذا العمل كان ابداعيا كعادته " نولان " يقدم زوايا تصوير ومواقع لم تقدم من قبل ولا يكتفى فقط بتقديم المتعة من خلال المؤثرات او القصة بل يقدم المتعه بأسلوبه الفريد من نوعة فى الأخراج , كما اثبت " نولان " ان انفصال مدير التصوير " والى فستر " عنه لم يؤثر على مستوى افلامه فقد ظهر الفيلم بمستوى تصويرى واخراجى يضاهى افلامه السابقه , طاقم الملابس والديكورات ايضا كان مميزا ووضح الجهد الكبير المبذول بالعمل من مشاهد الأرض الى مشاهد الفضاء , وكالعادة لا يمكننا ان ننسى الموسيقار المبدع " هانز زيمر " والذى شعرت ربما فى بداية الفيلم بغيابة عن العمل قليلا ولكن مع بداية احداث الفيلم الحقيقة ظهرت مقطوعاتة والحانه المميزة التى تخترق اذن المشاهد وتمتعه بألحان تضيف رونقا مميزا وملائما الى احداث الفيلم لكى يثبت نجاح الثلاثى " كريستوفر " المخرج و " جونثان " المؤلف " و " هانز " الملحن فى كل فيلم يقدموه معا .
" Interstellar " فيلم مميز .. رائع وقوى من ناحية القصة والأبهار والمضمون ويستحق المشاهدة بتقنيه ال " الأيماكس " ويثبت دائما ان " كريستوفر نولان " هو افضل مخرج فى جيله وربما ضمن قائمه المخرجين الأفضل فى تاريخ السينما فهو على طريقة الفيلم ملك الزمكان والخيال العلمى فى العصر الحالى , فيلما لا يمكن نسيانه يأخذك الى عالم ما خالف المجرة بقصة غير مكررة ومختلفة ولا ينكر احد انه افضل فيلم قدم بعام 2014 حتى الأن .