فيلم أم حياه , حدوتة أم عالم حى , هل كل ما رأيته مصطنع ؟ .. هل هذا تمثيل ؟ ... لا أدرى منذ بضعة أسابيع رأيت لقاء للمخرج هانى خليفة مخرج سهر الليالى و سكر مر و لحبى الشديد له و لاستغرابى الشديد بسبب عدم الفهم كيف لأحد بموهبته الواضحة للعيان أن يترك فجوات زمنية كالتى يتركها دون عمل وفى مجمل حديثه ذكر أن ( يوم مر و يوم حلو ) و ( الطوق و الاسورة ) بالتحديد كانوا السبب الرئيسى لتوجهه لفن الاخراج و الاصرار عليه وترك مجال المحاماة الذى درسه وايضا مجال عمل والده , بالاضافة لحديثه شديد الخصوصية عن خيرى بشارة ومن هنا توقفت وبدأت مشاهدة الفيلم الذى غير وجهة أحد مخرجينى المفضلين مع معلومات بسيطة فى خلفيتى عن خيرى بشارة مثل أخراجه لافلام مثل ( كابوريا ) و ( أيس كريم فى جليم ) و ( أمريكا شيكا بيكا ) بالاضافة لبعض المسلسلات مثل ( ريش نعام ) و (ذات ) الذى شارك فى أخراجه وبدأ السحر , مشهد البداية أسرة فى برنامج مسابقات لاستلام الجايزة مشهد عبقرى عَرفنا فيه جميع أفراد الاسرة وطرح أول لبنة فى حبكة الفيلم على لسان ست عائشة ( فرحتى بصحيح يوم ما استر على بناتى وأسد ديونى ) ثم التعرف على عرابى ( محمد منير ) خطيب الأبنة الأكبر , الجار ظابط الجيش , حربى الترزى الاخرس , بيومى صاحب الفرن أول الدائنين , نبيل الخراط ثانى الدائنين الراغب فى الزواج من سعاد ( عبلة كامل ) لم أذكر تلك التفاصيل لرغبتى فى الثرثرة أو سرد أحداث الفيلم لكن لتوقفى أمام روعة خيرى بشارة وتمكنه .. أربعة عشر دقيقة كانت كفيلة لمعرفة حبكة الفيلم و أفراد العائلة والدائنين و الشخصيات الفرعية و الجيران والحارة حتى أم يحيى بائعة الخضار , أربعة عشر دقيقة وكنت أنتقلت وجدانياً الى هذا العالم الحميم واهم أن الامور سهلة وستنتهى باليوم الحلو لسد ديون الأب المتوفى كما اقترح نبيل أو بيومى لكن لم أكن أعلم أنها بداية الصدمة لطمات متتالية من كل الجهات ولكن بدأ الفيلم وانتهى ولم يحدث موقف واحد غير منطقى أو يصعب حدوثه فى الواقع وهنا الروعة بعد أنتهائى من الفيلم كنت أنتهيت معه كلياً ولكن بعدها فكرت فيلم بهذه الكأبة و السوداوية كيف يخرج بتلك النعومة و الروعة ووجدت واسطة العقد ( خيرى بشارة ) هذا الرجل الذى تفانى أعطى روحه لفنه , كل عناصر الفيلم مبهرة من أداء تمثيلى من الجميع بلا أستثناء وحوار محكم و أخراج متمكن و موسيقى تصويرية وأغانى خلابة وديكور ينضح واقعية وبعد كلامى الكثير يجب أن أتوقف عند نقطتين أولهم العظيمة فاتن حمامة والتى بدونها لفقد الفيلم الكثير من رونقه , عاجز لسانى عن وصف هذه السيدة وتجسيدها الخيالى الصادق , لم أشعر ولو للحظة أنها فاتن حمامة الارستقراطية الأنيقة بل هى عايشة محمد المنديلى بنت فاطمة الى ابوها كان بايع عطور و بخور بين السورين , ويتجلى أبداعها فى مشهد كتابة جواب لزوجها المتوفى لتشكى له الحال وترجو منه أيجاد الحل قبل خراب البيت مشهد يخلد بجانب كل لقطة لها فى هذا الفيلم والنقطة الثانية وهى حالة نادرة الحدوث معى وهى أن تكون الموسيقى التصويرية مسيطرة على روحى بهذا القدر لدرجة أنتظارى لها كل لحظة فى خلفية جميع المشاهد بصوت منير المسيطر وفى نفس الوقت أكره شخصية عرابى الذى يقوم بها وأنتظر أشد عقاب لها لدرجة أنى توحدت مع الفيلم ونسيت أن منير الذى ينشد توت توت هو ذاته عرابى رأس كل النكبات التى وقعت على رأس هذه العائلة فى شخصية من أروع أشرار السينما المصرية فى النهاية ليس بيدى قول شكرأ لكل من شارك فى هذه الأيقونة الأبداعية