يعد فيلم Parasite أو طفيلي من أكثر الأفلام الأجنبية متكاملة العناصر، التي شاهدتها مؤخرا، وذلك لاحتوائه على قصة شيقة، وجديدة، أداء تمثيلي مبهر لجميع الأبطال، وتنفيذ وترابط محكم بين خطوط الشخصيات والأحداث بكل حرافية. فمن المعروف أن الكائنات الطفيلية هي كائنات تابعة، قد يكون بعضها ضار تعيش على هامش كائنات أخرى وتتغذى من خلالها، وهذا ما شرحه المخرج (بونج جون هو) بشكل درامي بسيط، وقدرة على خلق بصمة إخراجية خاصة كاشفا المعنى الحرفي لطفيلي من خلال أول مشهد من الفيلم بسرقة اﻷسرة لشبكة الأنترنت، واستيائهم من تغيير كلمة السر الخاصة بالواي فاي، وخاصة أن الإنترنت وسيلة تواصلهم الوحيدة مع العالم الخارجي. أحداث الفيلم تدور حول عائلة فقيرة، تعيش داخل شقة تحت الأرض يسكنها الحشرات والزواحف، تتحول حياتهم إلى النقيض تمام بعد أن يلتحق ابنهم بوظيفة مدرس لفتاة ﻷسرة عريقة وثرية.
فالبرغم من أن بعض الأحداث يُسيطر عليها الدراما الكئيبة، المخلوطة ببعض الكوميديا السوداء، والتي قد تٌسيطر على المشاهد، وتجعله يعيش حالة اجتماعية كئيبة بائسة تشبه إلى حد كبير حالات بعض المستويات في المجتمع المحيط، وترسم الواقع القاسي بخطوط عريضة، إلا أنه يتناول الفكرة من منظور أخر، حيث البداية لتحول غريب في مستوى الأسرة، وكيفية تحقيق الأحلام بخلطة متكاملة ومعادلة قد تكون ناجحة في بدية الأمر، بالإضافة إلى عرض حقيقي لصراع الطبقات، وكيف يرى كل منهما الأخر، وأيضا عدم تمكن كل أسرة وخاصة الأسرة الفقيرة من الابتعاد عن عالمها المتدني المنعدم، حتى لو تذللت كل العقبات، وتيسرت الأمور، وتأثير كل مكان على أفراده بفلسفة بسيطة يفهمها أي شخص.
الفيلم قدم لنا بداية قوية من أول لقطة، وحتى مشهد النهاية، وصور مشاهد تشتعل معها الأحداث شيئا فشيء، وينجذب إليها المشاهد بالرغم من عدم منطقية بعضها، مع سيناريو وحوار متكامل وشيق، تميز بالسلاسة في السرد وبناء الأحداث، والشخصيات، وتم تصوير ذلك بعرض العشوائيات في كوريا، بجانب المساحات الواسعة لبعض المستويات الطبقية العالية، وظهر ذلك بشكل واضح في مشهد المطر وكيف استمتعت الأسرة الثرية هطول المطر، في نفس الوقت الذي عانت فيه الأسرة الفقيرة من السيول وغرق منزلهم، وانتهى الفيلم بنفس المكان الذي بدء به دلالة على عدم تغيير الوضع.
أما بالنسبة للإداء التمثيلي فاعتقد أن الممثل (سونج كانج هو) استطاع أن يُسيطر علىى المشهد كاملا، وأن يٌحسن تقديم شخصية اﻷب المستغل، ويخطف الأضواء من الجميع، وأن يجسد المعاناة التي يعيشها البعض في ظل مثل هذه الظروف، أما بالنسبة لباقي الأبطال فاعتقد أنهم برعوا أيضا في تقديم أدوارهم وكانوا متقاربين إلى حد كبير في أدائهم للشخصيات.
وقد حصل المخرج (بونج جون هو) على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي 2019، واتنبأ بأن ينافس في مهرجانات أخرى، وأن يحصد أفضل فيلم أجنبي في أوسكار 2019، ليصبح بذلك أول كوري جنوبي يحصد هذه الجائزة السينمائية العالية،