"Fractured" هو واحد من أكثر الأعمال التي كانت منتظرة خلال شهر أكتوبر على منصة Netflix، لعدة عوامل أهما قلة هذا النوع من الأعمال في عام 2019، وهي النوعية التي تعتمد بشكل كبير على الغموض والإثارة والتشويق للمخرج براد أندرسون، والذي طالما اتسمت مدرسته الإخراجية بهذه التيمة.
تدور أحداث العمل حول راي مونرو، والذي يقود عائلته في رحلة بالسيارة خلال عيد الشكر، ولكن حينما تتعرض ابنته لحادث مروع، يهرع هو وزوجته للمستشفى القريبة من الحادث لإنقاذ ابنته، وبينما تذهب الأم مع ابنتها لإجراء الفحوصات الشاملة، يكتشف راي أن عائلته اختفت بالكامل، وأن سجلات الدخول أو الخروج لا تحمل أسامي ابنته أو زوجته.
في عالم براد أندرسون الذي حاول جاهدا بنائه بعناية بداية منذ فيلمه "The Machinist"، اتسمت اعماله دائما بالغموض اللامنطقي في بعض الأحيان، وعلى الرغم من إعجاب البعض هذه النوعية من الأفلام، لكن لم يأتي العمل بالجديد على الإطلاق، القليل من مشاهد الحركة والمطاردات، والقليل من مشاهد حبس الأنفاس، والقليل من كل شيء.
لنتخيل أنك كاتب، وقد جاءت لك تلك الفكرة المذهلة حول قصة ما، وعندما هرولت في كتابتها لأيام وليالي كثيرة، واجهتك المشكلة الأكبر، كيف تنتهي قصتك؟ هل يموت الجميع؟ هل تترك الخاتمة مفتوحة؟، كلها أشياء طبيعية للغاية، ولكن لنتخيل الكاتب في هذا العمل وقد جاءت له فكرة النهاية فقط، لا شخصيات لا أحداث لا عمق درامي بإمكانه إقناع طفل رضيع بين ذراعي والدته، وهنا قرر ألان بي. مكيلروي أن يضع القصة بعد ذلك حتى يصل للنهاية التي ربما كان يظن أنها ستترك الجميع في دهشة وتصفيق، ليس من المهم أن تكون القصة متماسكة أو تستحق حتى المشاهدة، الأهم هو أن نذكر محبي السينما بأفلام النهايات الصادمة.
يعاني "Fractured" في بنائه الدرامي من التخاذل الشديد في كل شيء، فوقف العمل على الحياد، لم يتمكن من العبور للجانب الدرامي المطلوب، ولم يتمكن من التميز في عالم الغموض والتشويق، فتبدأ أحداث العمل ببطيء شديد منذ اللحظات الأولى وحتى مرور النصف ساعة الأولى، وحينما تقع المفاجأة ويكتشف البطل أن عائلته قد أختفت بالكامل، تقول في ذهنك "نعم لقد انتظرت كثيرا، لقد مر نصف ساعة بالكامل وقد داعبني النعاس، حسنا هذه هي بداية العمل الحقيقية"، ولكن تتحول الأمور إلى شخص مجنون يتشاجر مع طاقم مستشفى بالكامل بحثا عن عائلته لما يقرب من الساعة، وتكتشف مع مرور الوقت أن كل التفاصيل الصغيرة التي توقعتها وتمنيت أن لا تحدث قد حدثت بالفعل، وكل ما شاهدته كان فقط بدافع تقديم النهاية الصادمة.
عادة عند مشاهدة ما يعرف في مصطلح السينما الأمريكية بأفلام الـ Popcorn لا تنتظر الكثير من الأداءات التمثيلية القوية، أو الجوانب الفنية الأخرى كالكدرات السينمائية واللمحات الإخراجية المبهرة، فقط بعض الأحداث الكافية لتستمتع بتناول الفشار فقط وليس العكس، وهذا بالضبط ما يتفق العمل معه، فليس هناك ممثل يمكننا الحديث عنه من الأساس سوي سام ورثينجتون والذي قدم شخصية الأب التائه، الباحث عن عائلته، والباحث عن الحقيقة، ولكن لم يحمل أدائه الكثير من التميز، وعلى الجانب الإخراجي لم يتمكن براد أندرسون من دفع العمل على النحو الكاف.
"Fractured" هو ذلك الكائنٌ البائس في شِلَّة من الأَصْدِقاء، والذي يدعي دائما بالعبقرية وأنه أذكى من الجميع، ولكن في الحقيقة الجميع يعرف أنه غبي، والجميع يعرف أن هذا العمل أيضا محاولة باهتة تتظاهر بالذكاء من أجل تكرار كل الأعمال العظيمة التي سبقته، والتي للمفارقة يوجد عمل سابق للمخرج ذاته في قائمتها وهو "The Machinist".