مع إطلاق أول فيلم من سلسلة Fast and Furious، عام 2001، يمكن القول أن هناك ما يقرب من عشرين عاما مضت على العرض الأول للفيلم، أو بالأحرى نشأ جيل كامل بالفعل، وتربى على سلسسلة أفلام الحركة والمغامرات التي تركز على سباق السيارات، محققة أرباح عالمية قاربت الخمسة مليارات دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم.
والآن مع تطور مراحلها المختلفة، وابتعادها قليلا عن الفطرة الأصلية لها، ودخول الميلودراما وقوانين الفيزياء، يُقدم الجزء التاسع من الدفعة، والذي ينطلق تحت عنوان F9
فبعد سنوات قليلة من أحداث The Fate of the Furious، يعيش دومينيك توريتو (فين ديزل)، حياة هادئة بعيدا عن طاقم الشبكة، ويشارك ابنه الصغير، وليتي (ميشيل رودريجيز) الحياة المنعزلة في مزرعة بعيدة، يفاجئ بعودة طاقمه لإيقاف مؤامرة مدمرة للعالم يقودها قاتل محترف، ويجب عليهم تعقب برنامج أسلحة خطير يُعرف باسم Project Aries قبل أن يقع في الأيدي الخطأ، وإذا بدوم يكتشف أن شقيقه الأصغر جاكوب (جون سينا) وراء كل ما يحدث وعليه مواجهة خطايا ماضيه، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
يعود جاستين لين إلى كرسي المخرج بعد أن أخذ استراحة من آخر جزئيين شارك فيهما بالقيادة Fast and Furious 6 عام 2013، وFast Five عام 2011، وقبلهما Fast and Furious عام 2009، وبصفته شخصًا ساهم سابقًا في توسيع السلسلة إلى علامة تجارية كبيرة، فهو مخرج يفهم حقًا ما تدور حوله Fast & Furious.
وفي هذا الفيلم F9 يقود جاستين لين، الجمهور إلى ماضي عائلة توريتو، وإلى جانب الأحداث الرئيسية في الوقت الحاضر، ويبني المخرج من ذكريات الماضي رحلة إلى الصراع بين الأخوين، ليمضي مع المشاهد بشكل مثير للاهتمام وبنظرة دومينيك للماضي، والتي نلاحظ إدخاله حبكة سلسلة عائلية معقدة وميلودرامية أكثر من أي وقت مضى، ومحاولات تحويل فكرة انتصار الخير على الشر في فيلم أكشن يحفز الأدرينالين، وانتصار لشخصية أيديولوجية على موضوع تقوده قاعدة المثل العليا.
ومع نجاح لين في تحقيق ذلك، إلا أنه ابتعد كثيرا عن أسس السلسلة، والتي أرى أنه منذ الجزء الخامس تجاوزت الأحداث التعامل مع لصوص السيارات، وسباقات السحب وتوجهت مباشرة إلى منطقة التجسس الدولية، وهذا ما انتهجه جاستين لين في الدفعة التاسعة من السلسلة حيث يذهب بعض أفراد الطاقم إلى الفضاء الخارجي الفعلي، ومحاولا توجيه ضربة قوية مع أكبر أفلام هوليوود ذات القوة الخارقة، بدمج قصص معقدة، وحصانة شبه خارقة للإنسان، وقطع ثابتة تتحدى الموت تأخذ دومينيك توريتو (فين ديزل) وعصابته حول العالم.
وبالرغم من F9 يقدم الكثير من تسلسلات الحركة عالية السرعة بأسلوب سلسلة Fast & Furious الحقيقية، وانفجار السيارات والشاحنات، وتواجه الشخصيات - السلبية والإيجابية، إلا أنني أرى أن جلب بعض الأفكار الجديدة إلى مشاهد مطاردة. وتفادي الألغام الأرضية بسرعة بحيث لا يمكن للصواعق أن تنفجر في الوقت المناسب، والزج بمشاهد مغناطيس قوي بما يكفي لحمل السيارات والرحلات إلى الفضاء كلها إضافات غير ممتعة، تأخذك بعيدا عن الملحمة الأصلية التي ننتظرها دائما مع كل جزء، ويبدو فعليًا بعيدا من سباق شوارع غير قانوني وسرقة واقعية، ليتطور الفيلم إلى تحطم طائرة، والقفز من ناطحة سحاب إلى ناطحة سحاب، والهروب من غواصة حتى الوصول إلى الفضاء، ويجعلك تلهس في وجه الفيزياء، والفطرة السليمة بينما تتأرجح السيارات في الهواء كما لو كانت سبايدر مان. الشيء الأكثر إثارة للاهتمام الذي يجب مناقشته، وما الذي يمكن أن يتحول إلى مشكلة أكثر ضررًا في المتابعين للسلسلة، هو بالضبط مدى إدراك F9 لذاته، وذلك حيث الدفع (بديزل) ليلعب دائما دور البطل الخارق، مع إرهاق المشاهد بشدة لفهم الحبكة أو متابعتها عن كثب.
ومع محاولة لين، المستمرة في صنع فيلما متماسكا ومرضيا من وراء قصص الآخرون، الذين قد حصلوا على فرصة لترك بصمتهم في أفلام سابقة أمثال رومان (تيريس جيبسون) وناتلي إيمانويل، يزج بقصص دوم وجاكوب، لتظهر دائما في المقدمة، حتى يحقق توازنًا بين القلب والحركة، وتحقيق إحدى العلامات التجارية لهذه السلسلة وهي تركيزها الثقيل للغاية على أهمية الأسرة - فلا يمكن للشخصيات أن تستمر لأكثر من 10 دقائق دون الحديث عن كيف تعني الأسرة كل شيء - وكذلك إضافة بعض البهارات من خلال شخصية شو من هيلين ميرين في مقعد السائق في مشهد المطاردة.
لكن الإبداع المبهج في F9، والذي يحسب على طوال مدة الفيلم التي قاربت 145 دقيقة، كانت لمشاهد الحركة التي نجح لين، والمصور السينمائي ستيفن ف. ويندون، ومونتاج الفيلم إعطاء تسلسلات الحركة اندفاعًا متهورًا.
في النهاية فيلم F9، فيلم ممتع للغاية، مثالي لقضاء وقت جيد في مشاهدته، ولكنه لا يفسح المجال للحفاظ على نفس ديناميكية المجموعة الممتعة، ولكنه للأمام باستمرار في تقديم شيء أعمق لضمان استمرار جوهر F9 لموضوع العائلة.