اتفرجت على فيلم الأنس والنمس لاجل خاطر المخرج الفذ شريف عرفة، وأنا مش بهرج ولا بتريق، الأستاذ شريف فعلا مخرج عظيم جدًا وصدق من شبهه أو لقبه بـ سبيلبرج العرب، ما علينا من كل الحاجات اللى بتثير الإختلاف والخلاف، شفت الفيلم لأنه فيلم شريف عرفة وأملًا انه هيقدر يرجع هنيدي للكوميديا تاني، بعد ما قدم هنيدي مجموعة أعمال للسينما، من المفترض انها كوميديا ولكنها لا تمت للكوميديا بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد، مجرد أفلام مشاهدتها تسبب الصداع وكتبها مجموعة من الرغايين وأخرجها محبي الصوت العالي، ولا أعلم كيف لكوميديان بحجم هنيدي يرى في أفلام مثل وش إجرام مثلا أي جملة واحده تثير الضحك! ناهيك عن المصيبة الكبرى " عنتر ابن ابن ابن ابن شداد " (سخافة الأسم تكفي).
توسمت خيرًا في وجود اسم شريف عرفة خاصة وأن أخر عمل كوميدي – بحق – للفنان محمد هنيدي ، قبل الدخول في دوامة الرغي الكثير والصوت العالي، كان فيلم "فول الصين العظيم"، وكان كوميديا عظيمة كتبها السيناريست أحمد عبدالله مُبتكر شخصية اللمبي بالإشتراك مع شريف عرفة والذي كتب لهنيدي من قبل أيضًا تحفة " عسكر في المعسكر " وكانت القصة لشريف عرفة أيضًا.
قصة الإنس والنمس لشريف عرفة برضه ولكن المرة دي شريف عرفة اشترك في كتابة السينارية والحوار مع " كرين حسن بشير " وده سيناريست أعظم إنجازاتة في الكوميديا كانت مسلسل بنات خارقات/بنات سوبر مان، وفي الأكشن فيلم " حملة فرعون " إللى بعتبره إعادة إنتاج – ضمنية - لشمس الزناتي.
من أشهر الحكم المستخلصة منذ بدء الخليقة " سهل تبكي الناس صعب تضحكهم "، وتجربة الإنس والنمس بتأكد على صدق المقولة دي، فين الكوميديا في الفيلم ؟ صحيح مش شرط إنك "تكركع" من الضحك وانت بتتفرج، وان في تجارب كوميدية متضحكش أوي بس بتدخل السرور على البني آدم او بتسلية وترسم ابتسامة بسيطة حتى! إنما في الإنس والنمس أقتصر الضحك بالنسبة لي على إفية "فيلم الممر" بين خزاعة/سليمان عيد وتحسين/ هنيدي، طبعًا أنا بتكلم عن هنيدي بس لكن مشاهد بيومي فؤاد كان فيها بعض الكوميديا.
الكوميديا داخل الفيلم مفتعلة جدًا، بدءًا من مشهد الحمام اللي بتتجمع فيه العائلة كلها بالصدفة حتى لقاءه بالتوائم (السافل والواطي ..الخ ) تشعر وكأن القصة مكنتش هتتقدم في قالب كوميدي لكن حد مسك فيها وقلبها كوميدي عشان خاطر عيون هنيدي أو ربما في لحظة تحدي من الأستاذ شريف لنفسه، شاف انه يقدر يعمل ريمونتادا لهنيدي.
إللى خلاني أفكر في ده إن فكرة الفيلم تصلح لأن يراها البعض إسقاط على الصراع العربي الصـ*ـيوني، وبشكل أدق، مشكلة التطبيع، وربما ملابس والد تحسين/شريف الدسوقي في بعض المشاهد كانت ترمز لهذه الفكرة، حيث ظهر والد تحسين بالعقال والشال العربي ليخبر إبنه تحسين بحقيقة عائلة النمس وكيف تم إغوائه من قبل، من والدة نارمين/منه شلبي، آسيا/صابرين واليوم تقوم نارمين بغواية الإبن كما فعلت الأم من قبل.
الملابس والديكور بُذل فيهم مجهود كويس جدًا، وحتى إبتكار رقصة الجن المضحكة كانت مش بطالة ولكن كل ده لم يشفع للفيلم عند المشاهد، إللى دخل الفيلم أو أتفرج عليه أونلاين، بحثًا بالأساس عن الكوميديا.
عند الإنتهاء من مشاهدة الفيلم ستكتشف أن الفرجة عليه زي عدم الفرجة، وده لو انت شخص طيب زي محمود الجندي وكمال أبورية، لكن أعتقد انك هتحب تكون غسان مطر.
لو أتفرجت على آخر خمسة أفلام للفنان عمرو عبدالجليل فهتلاقيه بيظهر دايمًا بشخصية واحده بترمي إفيهات طول الوقت وبتقول كلام شبه الكلام وبتحور في الأمثال الشعبية ومش بطاله وبتضحك جدًا كمان، وده أصلا سر وجوده في أكتر من فيلم بنفس الشخصية دي.
لكن مع شريف عرفة هنا كان غير، والحقيقة أي ممثل مع شريف عرفة بيبقى غير تمامًا وده مش بقصد الإختلاف والسلام، لأ، شريف عرفة بيعرف يسخر كل شئ لخدمة القصة ونادرًا لما يسمح بمساحة إرتجال في الشخصيات المكتوبة في السيناريو وده حصل من قبل مع الزعيم عادل إمام في أول مرة مع شريف عرفة في فيلم اللعب مع الكبار وهو شخصيًا اتكلم عن ده في لقاءه مع صاحبة السعادة وانه كان فرحان إن عادل إمام كان متعاون وبيسمح له – شريف – رغم انه كان لسه مش معروف قوي، كان بيسمح له أنه يطلب منه أداء مختلف عن اللى قدمه عادل امام في بعض المشاهد.
عمرو عبد الجليل هنا كان ملتزم بشخصية الشهاوي تمامًا وبعيد عن إفيهاته المعتادة القريبة من العفوية، وكان ملامح وتعبيرات وجهه طول الوقت صارمه وجاده وبعيد عن الكوميديا تمامًا.
في النهاية لا أعلم هل قصة الأنس والنمس كتبت لتقدم في قالب دراما الرعب ثم تم تقديمها في قالب كوميدي من أجل عيون هنيدي، أم أنها كتبت من الأساس لتقدم في قالب كوميدي ولكن لم يتصدى للسيناريو والحوار كاتب كوميدي متميز؟!