لسنوات طويلة ترسخ في وجدان المشاهدين وصناع الأفلام بأن أمكانياتنا السينمائية متواضعة ولسنا قادرين على عمل أعمال تاريخية ملحمية تضاهي ما نراه في هوليود ولا حتى تضاهي تجربة فيلم (الناصر صلاح الدين) التي لم تتكرر، نردد دائماً بأنها أعمال تتطلب ميزانيات ضخمة وأن الجمهور لن يعجبه هذا اللون من الأفلام وأن كبار الممثلين لا يفضلون المخاطرة والمشاركة في هذه الأفلام.
فيلم كيرة والجن استطاع أن يهدم هذه الأساطير وأفكار العجز وقلة الحيلة وأننا عندما نقدم عمل فني متواضع هذا ليس أفضل ما عندنا بل نستطيع أن نقدم أعمال فنية قوية وأن لدينا إمكانيات لعمل أفلام ملحمية كبرى، أثبت أن العمل الجيد يأتي بالإهتمام بالتفاصيل ولو بسيطة مثل الاستعانة بممثل أجنبي والاهتمام بموضوع اللغة واللكنة، الاهتمام بالديكور والملابس وأماكن التصوير.
كيرة والجن ليس أول محاولة لتقديم أعمال تاريخية فقد سبقه فيلم الكنز والممر وأيضاً من الممكن أعتبار حرب كرموز ضمن هذه الفئة، ثنائية مروان حامد وأحمد مراد بدأت بمخاطرة ومحاولة أقتحام السينما عام 2014 في فترة كانت لا ترحب بأي افلام درامية جادة ونجح الفيلم الأزرق في تحطيم أرقام شباك التذاكر ويفتح لنا باب للسينما الخالية من أفلام المهرجاناتو أستمر التعاون ونجاح تلو الأخر حتى قرر المنتجين تسخير الميزانيات الضخمة لمخرج كبير استطاع اثبات نفسه بقوة.
فيلم كيرة والجن ملحمة تاريخية عظيمة وتجسيد متقن من الجميع، فيلم رأينا فيه إبداعات سينمائية سواء في الكادرات والتصوير والديكور والملابس أو حتى المؤثرات البصرية والسمعية، اجتهاد واضح من قبل الممثلين من أجل أتقان أدوارهم وخصوصاً الحركات والاشتباكات.
ربما يعاب قليلاً على الفيلم بعض التسرع في الجزء الثاني من الفيلم وبعض الهفوات في السيناريو لكنه يظل في النهاية فيلم متميز بمعنى الكلمة وربما يكون من أفضل الأعمال التي صدرت خلال 10 سنوات، فيلم ربما قد يقود ثورة سينمائية تشجع صناع الأفلام على تقديم هذا النوع من الأفلام التي أبتعدوا عنها كثيراً بسبب أساطير ومعتقدات مترسخة بقلة الإمكانيات وقلة الحيلة وذوق الجمهور وكن الفيلم استطاع اثبات العكس.