أستغربت الحقبة الزمنية التي دار بها الفيلم و التي تعود إلى حقبة الثمانينيات ، و هذا كان واضح في الملابس و المركبات الآلية و النظارات و تسريحة شعر النساء و أسماء الفنانين المتداولة كأحمد مظهر مثلاً ...
لأن القصة -في رأيي- لن تتطلب تلك الحقبة و كان من العادي أن تجري في زماننا هذا ...
فهل كان من الصعب على المؤلف أن يصيغ الأحداث في وقتنا المعاصر ؟
هل كان صعباً أن يجد إسم غير ( نور الشريف ) لمزجه بالسخرية من كيان طفلنا ؟!!
هل الأرشيف المصري خالي من أي أحداث أمنية/سياسية في التسعينيات مثلاً لها خطوط تصلح لمزجها مع شخصية المراكبي "ماجد الكدواني" غير القصة التي عُرضت في الفيلم ؟!!!
هذه نقاط تتلخص في مشكلة زمان أحداث الفيلم و للأسف ليست الأخيرة ، فالسيناريو حقيقةً مليء بالفجوات ...
منها مثلاً تنميط و تضييق حجم الأدوار المساندة في الفيلم و إتيان ضيوف شرف بالبراشوت كأحمد أمين مثلاً ... قرار السيناريو بالمناصفة بين خالد دياب و عمرو سلامة بتضييق الأدوار المساندة خلى كل واحد و نصيبه ، فمثلاً محمد عبد العظيم و أمجد الحجار أدوارهم صغيرة لكنهم أكثر من أضحكوني في المرات الكوميدية في الفيلم .. بينما زملاء "نور" في الفصل الدراسي و طالبة مدرسة البنات المجاورة ...
أطفال المدرسة و المحبوبة الصغيرة مشاكلهم بدأت و حُلت بشكل غير مفهوم .
و أحمد أمين من المفترض أنه قبيح و المفروض علينا كراهيته و لكن الفيلم لم يفهمنا خلفية شخصيته أساساً ولا أيضاً لماذا إبنه يعامله بهذا الشكل .
و غياب دور الأم من الفيلم غير مشروح ، لماذا توفت و ماذا أسفر عن وفاتها و جعل هذا الوضع بين الطفل و أبيه ...
و لدينا أيضاً مشكلة في الرابط بين عنوان الفيلم و موضوعه ، "برة المنهج" ..
ما التقويم الإنساني المفروض على طفل مهمش الكيان و ضعيف الشخصية إستمداده من كشف أكاذيب تاريخية -في رأي المؤلف- لتعزيز كيانه ؟!!
ما الرابط أصلاً بين معاناة الطفل و الحكايات التاريخية التي سُردت في الفيلم بلسان و صياغة "المراكبي" ؟!!
إجابة السؤالين : لا يوجد
و هذه النقطة السلبية أفسحت الطريق لمشكلة في الإخراج ...
بجانب مشكلة زمن الأحداث و التي لا حل بيد الإخراج لها ، ظهر تأثر و هيام المخرج بمدرسة "ويس أندرسون" في مشاهد الحكايات التاريخية و ديكوراتها ، مما أدى لمضاعفة مشكلة الربط في السيناريو ، بالإضافة للمباشرة الشديدة أصلاً . أعتقد أن "عمرو سلامة" حينما جلس على كرسي المخرج أرتاح أكثر لأن فيما هو غير السيناريو كان أفضل ... إستطاع السير بإيقاع مناسب و تقديم كادرات جميلة و أجواء خفيفة و لطيفة في المدرسة و إدارة جيدة لفريق التصوير و الديكور و الملابس و توظيف موفق للموسيقى التصويرية الجميلة لراجح داوود التي كانت مناسبة للفيلم و إستخراج أداء جيد من بطلي الفيلم عمر شريف "نور" و ماجد الكدواني "المراكبي" ، بطلي الفيلم فقط ...
أداء الطفل "عمر شريف" كان جيد جداً و واعد في المستقبل و أنا شخصياً تأثرت معاه في معظم لحظاته برغم نمطية الشخصية ...
أداء "ماجد الكدواني" أيضاً جيد جداً و أقترب من ممتاز حينما تم الكشف عن خلفية شخصيته و ذلك برغم نمطية الدور ..
"روبي" شخصيتها غاية في النمطية و بنائها صفر و مفتقدة للدافع في أغلب تصرفاتها و أداءها لن يذكر تقريباً إلا ببعض اللحظات التي إستطاعت إلتقاطها بخفة ظلها و بغنوتها القصيرة في الفيلم ، بس لو على غنوتها فكان من الممكن أن تُدلى داخل الأحداث و نقتص دورها تماماً و كان ذلك أفضل لها و للفيلم ...
دنيا ماهر "خالة نور" قدمت أداء جيد و كانت محظوظة بقدرٍ ما بشخصيتها التي كانت خالية بنسبة كبيرة من الفجوات ..
أحمد صالح "زوج خالة نور" رغم ضرورة شخصيته كونها خط الشر الأول إلا أنه شرير سيء بكتابة نمطية و أسوء أداء في الفيلم ، كون أحمد صالح بالنسبة لي ممثل غير جيد أصلاً و تعبيرات وجهه محدودة و ذلك حتى دون المقارنة مع أبيه الراحل خالد صالح ، مع إحترامي له طبعاً ...
نهايةً ، فيلم《برة المنهج》في مجمله ظريف و دافئ و مسلي جداً و أنا شخصياً فضلت الإنتصار لنقاط قوته عن مشاكل السيناريو و تقييمه له أصبح 6.5/10 ، و بصراحة محتار في تحميل مشاكل السيناريو لمن بالضبط لعمرو سلامة أم لخالد دياب ، و لكن إن كان الأول هو السبب -فرأيي- أنه يحتاج لنهضة أكبر في الكتابة من ذلك و إن كان الأخير السبب فللأسف خسارة كبيرة ، لأنه واحد من المؤلفين و الكُتاب المفضلين عندي بشكل شخصي .