إنتظرت عرض فيلم تلك الايام كثيراً، خاصة لإنه مأخوذ عن رواية للاديب الكبير فتحى غانم، والتى تحمل نفس الاسم الجذاب والتىتعتبر واحدة من أهم اعمالة، وعندما عرفت أن من سيقوم باخراج الفيلم هو " أحمدغانم" ابن الروائى فتحى غانم ، شعرت بأنها شجاعة كبيرة منه خصوصاً ان هذاالعمل هو أولى تجاربه السينمائية وهو عمل ليس سهلاً ، فتحويل عمل ادبى إلى فيلم سينمائىيحتاج لمخرج متمرس ، لذا كنت متخوف بعض الشىء من مستوى الاخراج ولكن وجود الفنان محمود حميدة فى الفيلم جعلنى أتوقع إنه سيكون فيلم جيد .
ولم يخيب حميدة توقعاتى ، فعند مشاهدةالفيلم ادركت إننى أمام عمل سينمائى متميز ومختلف كثيراً ، بداية من مخرج خالفتوقعاتى فقدم صورة متميزة للغاية ، ونجح فى التعبير عن الحرب النفسية الموجودة بينالابطال وانفسهم وذلك من خلال الاضاءة وزوايا التصوير التى برع فى استخدامها ، وكانت أروع المشاهدفى الفيلم هى المطاردات الخارجية التى يقوم بها احمد الفيشاوى فكانت على اعلى مستوى سواء منناحية التمثيل او التصوير او الاخراج.
تدور قصة الفيلم حول شخصية سالمعبيد "محمود حميدة" وهو استاذ جامعي ومفكر سياسى وهو شخص من الممكن ان يفعل اى شىء ليرضى النظام وذلك طمعاً فى المنصب السياسى الكبير ، وهو أيضاً نفس الشخص الذى تزوج فتاه لا تحبه وذلك طمعاً فى الحب الذى شاهدها وهو تعطيه إلى حبيبها السابق الذى توفى فى حادث إرهابى ، وهو أيضاً الشخص الذى ممن الممكن ان يفعل أى شىء للوصول إلى أهدافه ، ويجب أن اشير أنه كان من الموفق جداً إختيار محمود حميدة لهذ الدور ، فشخصيةسالم عبيد مليئة بالتفاصيل ومركبة إلى اقصى درجة فهو غامض وشرير ورومانسى فى بعضالاحيان ،وسيظهر فى النصف الثانى من الفيلمانه مضطرب نفسياً ويعانى من الهوس ، وقد ادى حميدة الدور ببراعة شديدة كماعودنا دائماً ، او كما أحب أن أوصفه "بيمثل وهو سايب إيده" .
وكان التحدى الاكبر من وجه نظرى فىالفيلم هى الوجه الجديد ليلى سامى والتى جسدت دور زوجة محمود حميدة ، فإنه ليس منالسهل أن تصطدم بعملاق مثل حميدة فى أول اعمالها السينمائية ، ومع ذلك قدمت ليلىالدور بشكل متميز للغاية وكان ادائها فى معظم المشاهد جيد جداً وبدت متماسكة أمامحميدة ، ولكنها لم توفق فى المشاهد التى كانت تغنى بها فخرجت مستفزة بعض الشىء .
ويقوم أحمد الفيشاوى بدور"على النجار" الذى يستعين به سالم عبيد ليقدم له بعض الخبرات الامنيةليساعده فى كتابة كتاب جديد حول الشرطة وتعاملها مع الخلايا الارهابية ، حيث كانعلى النجار ظابط سابق فى مكافحة الارهاب ، ومن المشاهد الفلاش باك التى نفذهاالمخرج ببراعة شديدة سنكتشف سر عقدة الذنب التى يعيش بها الفيشاوى طوال الفيلم , وقد قدم الفيشاوى اداء مميزاً للغاية ودورسيضيف إليه كثيراً .
ويؤخذ على الفيلم دور الفنانة صفية العمرى فقد جسدت والدة محمود حميدة وهو ما لا يتناسب مع المنطق ، من حيث التقاربالعمرى بين الاثنين .
وظهرت أيضاً الفنانة سمية الالفىفى مشهد واحد من الفيلم ولكنها نفذته ببراعة شديدة أستطاعت به أن تلمس قلوب المشاهدين .
ويجب أيضاً الاشادة بمونتاج الفيلمالذى قام به أحمد داوود، ومدير التصوير أحمد عبد العزيز الذى قدم صورة رائعةيستحق التحية عليها.
فى النهاية نحن امام فيلم متميزومختلف كثيراً عن الاعمال التى تعودنا عليها خلال السنوات القليلة الماضية ، فهوفيلم له بعد سياسى واضح ، ومأخوذ عن رواية لكاتب كبير ، ومعالجة جيدة للسيناريو التى قامت بها علا عز الدين ،ولكن أهم ما يميز فيلم "تلك الايام" هو الاداءالرائع لكل الممثلين ،فالفيلم يحمل طاقات تمثيلية عالية جداً ،
ورغم انه بدأ كمغامرة سينمائية من المنتج للاستعانة بمخرج ينفذ عمله الاول الى انه انتهى برسم صورة سينمائية جميلة .