جاءفيلم احمد حلمى الجديد " عسلإسود" على غير ما كانمتوقعاً ، فمعظم المتعطشين ﻻفلام حلمىتوقعوا ان يكون الفيلم كوميدى وملىءباﻻيفيهات المضحكة كأعماله السابقة , ولكن ذكاء حلمى أصر على أن يكون له رأى اخر ، و نصف موهبة حلمى ذكاء ، فهو يعرف متى يأخذ خطوةجديدة ، ومتى ينتقل إلى مرحلة جديدة, ويعرف جيدا أن يضع خطاه ،فهناك فنانون غيره يمتلكون موهبة ربما تكون أعلى من موهبته ولكنهم فشلوا فى الحفاظ على القمة التى يحافظ هو عليها و بجدارة للعام الخامس على التوالى .
عندماتشاهد فيلم عسل اسود ستشعر بوجع حقيقىوستسأل نفسك هل أصبحنا بكل هذا السوء؟ ،يرصد حلمى فى فيلمه الجديد معظم السلبياتفى المجتمع المصرى بداية من سلوك أفرادومشكلة التعليم والسكن والمواصلات وتلوثالمياه والرشوة او "رشا"كما ظهرت فى الفيلم, فحلمىاو مصرى سيد العربى طفل هاجر إلى امريكامع والديه وعمره 10 سنواتوعاد إلى مصر بعد غياب 20 عاماًليصطدم بالواقع المؤسف ، حتى إنه قد تركجواز سفره اﻻمريكى هناك ولم يحضره معهﻻنه كان يظن إنه بجواز سفره المصرى سيكونالوضع افضل كابن للبلد وكان اقرب إلى التفاخر بذلكفى بداية الفيلم ، ولكن منذ اللحظات اﻻولىوهو فى المطار , تبدأ عمليات اﻻهانة المتعمده للجواز المصرى وحامله بالتبعية، وتستمر عملية اﻻهانة المتعمدة طوالاحداث الفيلم وفى مواقف مختلفة ,ولكن يتغيرالوضع كلياً بعد احضار ه لجوازه اﻻمريكى, ويحسبلمؤلف الفيلم خالد دياب إنه قدخرج من مأزق المباشرة التى يقع فيها كلمن يحاول ان يتحدث عن سلبيات المجتمع, و التىزادت بشدة إلى ان اصبح من الصعب أن تجمعكلها فى فيلم واحد ,ولكنحلمى وصناع الفيلم نجحوا فى عرض معظم هذه المشاكل بأسلوب سهل و بدونتعقيدات , واستطاع حلمى ان ينتزعضحكات الجمهور فى أكثر مشاهد الفيلم سخرية , وهو عندما يمر امام الفندق بعدمااحضر جواز سفره اﻻمريكى فيبدأ كلب الحراسةبالنباح ولكن حلمى يشهر فى وجه "الكلب"جواز السفر فيكف الكلبفوراً عن النباح .
فيلم يستحق المشاهدة , و يستحق حلمى رفع القبعةتحية على مجهوده الواضح فى الفيلم ، حيثانه قد سافر ليعيش فى امريكا لفترة حتىيختار شكله الذى ظهر به فى الفيلم, ويحتكبالشعب اﻻمريكى و يستوعب الشخصية اكثر، وايضاً استعان حلمى بمدرس انجليزى محترفلكى يساعده فى نطق الجمل اﻻنجليزية خلالاحداث الفيلم بطريقة صحيحة , وقد نجح فى ذلك رغم عدمإجادتة للغة اﻻنجليزية, وقدتعرض الفيلم لبعضالانتقادات التى وصفته انهسقطة فى مشوار حلمى ، ﻻنه اهان كرامةالشعب المصرى بعبارات والفاظ غير مقبولةوهو مالم يحدث طوال احداث الفيلم ، على الرغم من أن الفيلم لم يعرض اى شىء مبالغفيه ولكنه عرض الحقيقة بل و دعى الى التغير - مشهد لطفى لبيب عندما التقط علبة سجائره الفارغة من على الارض - ، وهذه هى رسالةالفيلم . وبغضالنظر عن النجاح الكبير للفيلم حيث حققإلى اﻻن 9 ملايين جنيةو800 الف جنية فى اسبوعين عرض ، فدعونا ﻻننسى انها خطوة حلمى الاولى نحو مناقشة مشاكل الشعب المصرى والارتباط بالمواطن البسيط و هى خطوة تحسب له , اتخذها قبله الفنان الكبير عادل إمامفى تسعينيات القرن الماضى عندما التفت إلى مشاكلالناس والواقع المصرى فصنع افلامامثل اللعب مع الكبار و اﻻرهاب والكبابو اﻻرهابى وغيرها .
عسلاسود مرحلة انتقالية فى حياة فنان يحترمفنه ويحترم بلده