تعرفت بالصدفة على الشاعر المصري مرسي جميل عزيز صاحب الكلمات الرائعة، وصاحب الاحساس المرهف، حيث كان الشاعر مرسي يدير محلا لبيع الاسطوانات التابعة لشركة معروفة مقرها في شارع 26 يوليو، وكان هذا هو المكان الوحيد لبيع الاسطوانات، وكنت شغوفا بشراء الاسطوانات للأغاني الحديثة التي تطرحها الشركة، وعندما كنت أزور مصر أذهب إليه مباشرة حتى أصبح حضوري إليه يتكرر أثناء وجودي في مصر، حيث كنا نذهب مع والدي سنويا في فترة الصيف إلى مصر.
كنت حينها تلميذا في المدرسة، وكنت اذا حضرت إلى مرسي جميل عزيز يقوم بنفسه لعمل القهوة لي بيده، حيث جهز ركنا خاصا في محله كمطبخ صغير للقهوة والشاي يحتوي على موقد صغير وأدوات الشاي والقهوة، من قهوة وسكر وشاي، وكان يعمل القهوة لضيوفه من الفنانين الذين يأتون إليه، ولقد شاهدت كثيرا من الملحنين مثل بليغ حمدي و كمال الطويل و محمد الموجي، يبحثون عن آخر أعماله الشعرية لكي يقوموا بتلحينها.
في إحدى المرات التقيت المطرب محمد الكحلاوي صاحب الأغاني الدينية عند عزيز، ولقد عرفني عليه، فطلب الكحلاوي من الشاعر عزيز ان أزوره في مكتبه الخاص، وكان يسكن في جبل المقطم، وتناولنا عنده الكيك والمعجنات وكانت ابنته هي التي تقدم لنا الشاي والقهوة، كانت يومها بنتا صغيرة وهي الآن داعية اسلامية مشهورة في مصر، وقد قسم سكنه إلى قسمين، يسكن هو في الطابق الأول، أما الدور الأرضي فخصصه كمسجد لتأدية الصلاة.
مسيرة فنيةالشاعر مرسي جميل عزيز من مواليد 9 يوليو 1921 بمدينة الزقازيق، في محافظة الشرقية ولقد توفي رحمه الله في 9/2/1980، وانطلقت مسيرته الفنية بعد أن أذيعت له أول أغنية في الاذاعة المصرية، وهو لم يزل شابا لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ولقد قام بتلحين تلك الأغنية الموسيقار رياض السنباطي، كما أذيعت له أغنية في الفترة نفسها لحنها وغناها المطرب عبدالعزيز محمود واسمها «يا مزوق يا ورد في عودك»، ولقد لقب الشاعر بصاحب الألف أغنية، لأن عدد الأغاني التي ألفها تجاوز الألف أغنية ويزيد.
إلى جانب كونه شاعرا فقد كتب القصة القصيرة والسيناريوهات لبعض الأفلام، كما ان له بعض المقالات الصحفية نشرها في بعض الصحف المصرية، وهو ظاهرة متميزة في عالم الأدب والفن، وأغنية «من غير ليه» هي آخر أغانيه ولقد غنيت بعد وفاته وقام بتلحينها وغنائها الموسيقار محمد عبدالوهاب، ويعتقد أن هناك أغاني كثيرة لم تلحن له بعد.غنى له كل المطربين الكبار في زمانه، مثل فريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب و عبدالحليم حافظ و صباحومطربة الشرق أم كلثوم التي غنت له أغنية «وفات المعاد» التي لحنها الملحن بليغ حمدي، وله أغنية نجحت نجاحا باهرا في زمانه وهي «في يوم شهر في سنة» التي غناها عبدالحليم حافظ، وكذلك أغنية «يمه القمر عالباب» وأغنية «أنا قلبي إليك ميال»، رحم الله الشاعر المبدع مرسي جميل عزيز الذي ما زال خالدا في أغانيه الجميلة.