مكى فى شكل جديد يبدو مقتبساً
منذ ان شاهدت البوستر الخاص بفيلم الفنان أحمد مكي الجديد , لا تراجع ولا استسلام , حمدت الله انه لم يواصل تقديم سلسلة جديدة من شخصية دبور التي قدمها في أكثر من عمل سابق , لكن الصورة اوحت لي ايضا ان مكي لم يحاول ابتكار شكل فني خاص به , فالتفاصيل التي ظهر بها علي البوستر تتشابه الي حد كبير مع ملامح شخصية المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم , لكن التاثر بالمطرب الشعبي لم يمتد الي اداء مكي داخل الفيلم بل تحول الي تأثر أخر بشخصية محمد سعد في اللمبي , بالتحديد في الاداء الحركي والراقص الذي يمارسه محمد سعد بجسده لخلق نوع من الكوميديا الهزلية داخل الفيلم مروراً بالاداء الصوتي المتلعثم ,كلاهما اتبعهم مكي وبنفس التفاصيل في رسم شخصية ( حزلقوم ) , بل انه نقل بعض مشاهد اللمبي بأسلوب مطابق لما قدمه سعد سابقاُ , كمشهد الرقص فوق السرير بتحريك جسده بشكل كوميدي .
أحمد مكي أصبح من نجوم الكوميديا في الفترة الاخيرة , واصبح كما يقال نجم شباك ينسب العمل له وليس للمخرج كما هي العادة , لكن ظروف دخوله لعالم البطولة السينمائية تتشابه الي حد ما مع ظروف دخول محمد سعد ايضا , فالاثنان استثمروا نجاح شخصيات قدموها في اعمال سابقة واعادوا طرحها من جديد علي المشاهدين في عدة اعمال اخري لكنها لم تكن بنفس النجاح الجماهيري الذي حققته الشخصية عند تجسيدها للمرة الاولي , وعندما حاول احمد مكي ان يخرج من هذه الدائرة وقع في فخ التقليد لشخصية اخري اصبحت اكثر استهلاكاُ ونفوراُ لدي المشاهد .
شلال من الافيهات الضاحكة
لا تراجع ولا استسلام هو العمل الثالث الذي يجمع بين أحمد مكي والمخرج أحمد الجندي بعد أن جمعهم في السابق فيلمي اتش دبور وفيلم طير انت , ويشارك مكي البطولة دنيا سمير غانم , و عزت ابو عوف و ماجد الكدواني , والفيلم يقدم كوميديا يمكن للمتلقي ان يستمتع بها طوال مدة عرض الفيلم لكنها تسقط من ذهنه فور خروجه من قاعة العرض , فهي لا تعتمد علي خلق مواقف كوميديا خلال تدفق الحدث الدرامي , لكن الفيلم يعتمد بشكل اساسي علي تقديم كوميديا الافيهات الضاحكة والتي تشبه الي حد ما الاسكتش الفكاهي وفن المنولوج الذي يعتمد علي موهبة الالقاء والاداء الحركي .
تبدا أحداث الفيلم بإستعراض مطاردة بين ( أدهم ) احمد مكي وهو احد مساعدي زعيم عصابة لتجارة المخدرات ( عزت ابو عوف ) , وبين عصابة اخري تحاول سرقة المخدرات وقتل أدهم الذي يقضي عليهم جميعا ونراه يفر في سيارته هاربا وهو مصاب بجرح في جسده , مشهد المعركة بين ادهم والعصابة اخفق المخرج كثيراُ في تقديمه حيث اربك المونتاج السريع ذهن المشاهد واستخدام الاضاءة القاتمة لاضفاء احساس الجو البوليسي والمغامرات , أفقدنا التمييز في تحديد الشخصيات , وربما أصيب المخرج ايضا بهذا التشويش البصري الذي مارسه علينا , ارتباك المونتاج أصبح غاية الوضوح في اللقطة التالية التي ظهر فيها أدهم وهو يهرب بسيارته بعيداٌ عن مكان الحادث , و بعد إكتشاف البوليس للواقعة يحدثنا المخرج ان الشرطة وجدت جثة أدهم وباقي افراد العصابة في موقع الحادث .
يحاول ضابط الشرطة ( سراج ) ماجد الكدواني البحث عن شبيه لشخصية ادهم يساعده في القبض علي الزعيم الاكبر للعصابة , ويعثر بالفعل علي شخص يحاول تدريبه ليقوم بدور أدهم ثم يلجأ الي سكرتيرة زعيم العصابة ( جيرمين ) دنيا سمير غانم لتساعدة علي اداء مهمته , وبعد عدة مواقف تغلب فيها الاداء الحركي لاحمد مكي علي الاداء التمثيلي و الحوار المستهلك , ينتصر أدهم المزيف أو ( حزلقوم ) علي قوة العصابة بالكامل , وبالطبع لابد ان ينتهي الفيلم بنهاية سعيدة وهي زواج البطل بالبطلة بعدما تكتشف طيبة قلبة ورجولته وشجاعتة المفرطة .
البحث عن تقديم الضحكة بأى طريقة ...شعار رفعه صانعو الفيلم
حاول الفيلم تقديم نوع خاص من الكوميديا يشبه مضمونها سلسلة الافلام الكوميدية الامريكية Scary Movie , التي تقوم علي السخرية من بعض مشاهد أشهر الافلام العالمية , لكن الفيلم لم يستطع الوصول الي درجة واحدة من الابداع التي تتميز به هذه السلسلة , لكن حاول الاشارة من خلال التلميح الحواري الي السخرية من مشاهد بعض الافلام المصرية القديمة , ففي محاولة لتحويل شخصية حزلقوم الي شخصية أدهم علق ضابط الشرطة علي ضرورة قطع أحد اصابع القدم لتتطابق مع الشخصية الحقيقية كما في فيلم إعدام ميت , مشهد أخر وهو حلم يراود حزلقوم يظهر فيه الفنان غسان مطر بشخصيتة الحقيقية يتحدث عن الفرق بين اداء ادوار الشر في السينما وبين شخصية الفنان التي لا ترتبط بملامح أي دور , الخ من المشاهد التي انفصلت عن سياق أحداث الفيلم , والتي أصبحت حادثاً منفصلا يختفي ويظهر ليلقي إفيه علي الجمهور كلما عجزت أحداث الفيلم الرئيسية عن مواصلة تقديم هذه الابتسامة , كما بالغ المخرج في توضيح مشاهد لا تحتاج للمزيد من التوضيح بإضافة موسيقي تصويرية تعبر عن خلفية المشهد , مما جعل عنصر الموسيقي في الفيلم يفقد قيمته ويتراجع عن أهميتة في التعبير عن الصورة حتي أصبح زائد عن احتياج المشهد , فالصورة واضحة لا تحتاج لمساندة موسيقية من حين لأخر .
حاول ماجد الكدواني من خلال شخصية ضابط الشرطة سراج والتي تختلف ملامحها تماما عن شخصية الضابط التي قدمها سابقا في فيلم عزبة أدم , حاول تقديم الشخصية الكوميدية بمنتهي الجدية لكنه حولها الي منتهي السخرية بإنفعالة المبالغ فيه الذي أضحكنا أكثر من الحوار , اما دنيا سمير غانم فهي في كل عمل جديد تثبت اقدامها أكثر علي شاشة السينما , هذا الوجة الذي يسهل تطويعه لكل الادوار فهي ممثلة غاية الاجتهاد في كل دور تقوم به , اما احمد مكي برغم انه لم يستطع ان يرسم لنفسه في هذا الفيلم شخصية مستقلة بعيدة عن تأثرة بشخصيات قدمها أخرون , الا انه أعطانا إشارة ولو من بعيد أنه سيكون نجم أفلام الأكشن القادم لو إجتهد جيداُ في تدريب نفسه أكثر علي الجمع بين الاداء التمثيلي والاداء الحركي , رغم ان احمد الجندي لم يجيد اخراج مشاهد المطاردات في الفيلم لكنه ركز علي توجيه ملامح احمد مكي التي تميزت في اداء دور الشر من خلال شخصية أدهم الحقيقي رغم انها مشاهد قليلة .