ماجدة خير الله تكتب ''‬لا تراجع ولا استسلام'' .. ‬ضحكات جديدة علي موضوعات قديمة‮!‬

  • مقال
  • 10:10 صباحًا - 12 يوليو 2010
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
مكى ودنيا اثناء العرض الخاص بالفيلم
صورة 2 / 2:
مكى فى استديو الصوت

أحمد مكي‮ ‬يعيد روح الدعابة المفقودة في‮ '''‬القبضة الدامية''
فى مقالها المكتوب فى جريدة الوفد قالت ماجدة خير الله الناقدة المعروفة :
حتي تستطيع أن تفهم وتستطعم قصيدة لشاعر صيني عليك أن تتعلم اللغة الصينية،‮ ‬حكمة قالها واحد صيني طبعا‮! ‬وحتي تستطيع أن تستوعب فيلما ما،‮ ‬أو أي عمل فني لابد أن تتعرف علي شفرته والابجدية التي يتعامل بها،‮ ‬والبعض للاسف يدخل فيلم خيال علمي،‮ ‬ثم يخرج من دار السينما‮ »‬قالب بوزة‮« ‬وندمان علي ثمن التذكرة،‮ ‬لأن قصة الفيلم‮ ‬غير واقعية،‮ ‬ماهو فيلم خيال علمي ياسيدي‮! ‬حايبقي واقعي منين؟؟ وبعض من دخلوا فيلم‮ "‬ لاتراجع ولااستسلام" ‬خرجوا ليرددوا كلاما مشابهاً،‮ ‬وسمعت واحد بيقول للي جنبه وكأنه اكتشف اكتشافا خطيرا‮ »‬الفكرة دي اتهرست ميت مرة قبل كدة‮«!! ‬مع أن الفيلم نفسه بيقول كدة ميت مرة،‮ ‬بل أنه معمول مخصوص عشان يقول كدة‮! ‬عايز تعرف ايه الحكاية،‮ ‬اتعلم اللغة الصينية الاول،‮ ‬ولا اقولك حا اساعدك عشان تحاول تفهم،‮ ‬بدل ماتردد كلام مالوش معني‮!

‬المخرج والمؤلف والممثل الامريكي النابغة‮ »‬ميل بروكس‮«‬،‮ ‬قدم في عام‮ ‬1977‭ ‬فيلم اسمه إثارة عالية‮ ‬HIGH ANXIETY‭ ‬‮ ‬قدم من خلاله إعادة إخراج لأكثر المشاهد إثارة ورعباً‮ ‬في تاريخ‮ ‬أفلام المخرج‮ »‬ألفريد هيتشكوك‮«‬،‮ ‬ولكن بأسلوب كوميدي ساخر يفطس من الضحك،‮ ‬وتابع الجمهور مشهد القتل الفظيع في الحمام كما جاء في فيلم‮ »‬سايكو‮«‬،‮ ‬ولكن بطريقة مضحكة،‮ ‬ومشهد من فيلم‮ »‬فيرتيجو‮« ‬أو الدوامة وآخر من فيلم الطيور،‮ ‬و»الشمال والشمال الغربي‮« ‬وغيرها من اشهر افلام هيتشكوك،‮ ‬وذلك من خلال حبكة محكمة وسيناريو مدهش،‮ ‬ليس فيه لحظة تهريج،‮ ‬ونجح الفيلم نجاحا منقطع النظير،‮ ‬أدي الي ظهور موجة من الافلام التي تسخر من منطق افلام رعاة البقر والجواسيس واشهر التيمات السينمائية ولكن بطريقة ضاحكة،‮ ‬تنجح أو تفشل بمقدار جودة السيناريو وقدرة الممثلين علي الاقناع.
‬وفي هذه النوعية من الافلام يؤدي الممثليون بمنتهي الجدية والانضباط،‮ ‬حتي لايتحول الأمر الي تهريج واستخفاف،‮ ‬وبعد ميل بروكس قام الممثل الكندي الأصل ليسلي نيلسون بتقديم سلسلة من الافلام الكوميدية تحت اسم السلاح العاري‮ ‬NACKED GUN‭?‬‮ ‬تسخر من اسلوب افلام العميل السري جيمس بوند،‮ ‬وفي هذه السلسلة يصبح التهكم مباحا علي كل شيء وكل الشخصيات العامة،‮ ‬من نجوم حفلات الاوسكار حتي ملكة إنجلترا،‮ ‬والمدهش أن أليزابيث ملكة انجلترا حضرت عروض تلك الافلام وكانت أول من يقع علي الارض من الضحك‮! ‬وهي تتابع موقف هو الاشهر في تاريخ الافلام الكوميدية عندما يحاول العميل السري الذي يلعب دوره ليسلي نيلسون،‮ ‬أن ينقذ الملكة من مؤامرة تحاك ضدها ويرمي بنفسه تجاهها حتي يحميها بجسده من الرصاصات الطائشة فإذا به يسقط فوقها ويؤدي هذا الي ارتفاع ملابسها حتي خصرها وحققت هذه النوعية من الأفلام نجاحا شعبيا كبيرا،‮ ‬رغم ان بطل هذه السلسلة رجل وقور جدا،‮ ‬في منتصف العمر وشعره ابيض ولايحاول التهريج مطلقا ويبدو في منتهي الجدية.
‮ ‬ومن الصعب ان نقدم مثل هذه النوعية في السينما،‮ ‬لاننا لو فعلنا ذلك‮ »‬ستطير فيها رقاب‮« ‬رغم اننا شعب كان مشهورا بتقبل النكتة والدعابة،‮ ‬وكنا نتباهي بخفة دمنا،‮ ‬فأصبحنا نعشق الكآبة ونصدرها للآخرين،‮ ‬ونكره الضحك ونعجز عن إطلاق النكات‮! ‬فاختفي من حياتنا الفيلم الكوميدي،‮ ‬بمعناه الصحيح،‮ ‬وإذا كنا تقبلنا في وقت ما فيلم اللمبي ومن قبله صعيدي في الجامعة الامريكية و همام في امستردام،‮ ‬فذلك لكون هذه الأفلام‮ ‬تعتمد علي حبكه معقولة ومخرج يجيد التعامل مع نجومه،‮ ‬حتي تضخم هؤلاء النجوم،‮ ‬ومع قلة وعيهم وضعف ثقافتهم الحياتية والفنية،‮ ‬بدا مستوي ما يقدمونه من أفلام يقع من منحدر حتي وصل ووصلوا معه إلي القاع‮!‬وفي السنوات الثلاث الأخيرة ظهر علي السطح أحمد مكي وهو مخرج أولا وممثل ثانيا وكوميديان ثالثا،‮ ‬والأهم من ذلك أنه يتابع السينما العالمية،‮ ‬والمحلية طبعا ولاشك أنه يتعلم من أخطاء من سبقوه،‮ ‬ويكاد يكون الوحيد من بين من يقدمون الكوميديا الآن الذي يستطيع ان يتواصل مع جمهور الشباب،‮ ‬الذين يشكلون النسبه الاعظم من جمهور السينما‮! ‬

وفيلمه الأخير‮ "‬لاتراجع ولا استسلام ـ القبضة الدامية‮" ‬أفضل افلامه الثلاثة،‮ ‬وفيه يقدم رؤية ساخرة‮ ‬لبعض افلام الجاسوسية والمغامرات البوليسيه التي قدمته السينما المصرية،‮ ‬أكثر من مرة وحققت من خلالها نجاحا كبيرا،منها مثلا إعدام ميت الذي يقوم علي فكرة زرع شخص بديل مكان جاسوس مصري،‮ ‬بعد إجراء عمليات جراحيه للبديل بحيث يصبح شديد الشبه بالجاسوس الذي سوف يحل مكانه،‮ ‬رغم صعوبة الأمر بل استحالته،‮ ‬وطبعا فكرة زرع شخص بديل استخدمتها السينما المصرية وهرستها أكثر من مرة،‮ ‬آخرها كان مع فيلم كتكوت الذي قدمه محمد سعد من أربع سنوات تقريبا.‮ ‬

أما فيلم لاتراجع ولا استسلام ـ القبضة الدامية فهو يهيء الجمهور للضحك بداية من العنوان،‮ ‬الذي استخدم كثيرا في افلام الحركة الأمريكية والصينية والتايوانية وخاصة أفلام بروسلي،‮ ‬نجم افلام‮ "‬الكونج فو‮" ‬الراحل‮! ‬وتبدأ أحداث الفيلم بمطاردة بين‮ "‬أدهم‮ " ‬أحمد مكي،‮ ‬وهو أحد افراد عصابه لرجل خطير‮ "‬ عزت أبو عوف"يعمل في تجارة المخدرات،‮ ‬مع عناصر أجنبية،‮ ‬وتبدو مهارات‮ "‬مكي‮ "‬الحركية في مشاهد المطاردات الاولي التي تنتهي بمقتل أدهم،‮ ‬ويبحث رجل الشرطة‮ » ‬ماجد الكدواني‮« ‬المكلف بالقبض علي عصابة عزت أبو عوف عن شخص يشبه أدهم ليزرعه بدلا منه في العصابة ويتمكن من خلاله من ضبط كل أفراد الشبكة،‮ ‬وبعد جهد جهيد يقع الاختيار علي‮" ‬حزلقوم‮" ‬أحمد مكي أيضاً‮ ‬،‮ ‬وهو شاب من بيئة شعبية،‮ ‬كان يحاول الهجرة لليونان،‮ ‬بحثا عن فرصة عمل ولكنه يكتشف أنه وقع في قبضة نصاب استولي علي نقوده،‮ ‬وتركه علي سواحل بلطيم،‮ ‬باعتبارها اليونان.

‬وبصعوبة بالغة يتم إقناع حزلقوم بالمهمة،‮ ‬ويتم الاستعانة بجراح خواجة ليحول حز لقوم الي أدهم،‮ ‬وفي واحد من أظرف مشاهد الفيلم تقوم‮ "‬بدرية طلبه‮" ‬بترجمة حوار الجراح النمساوي الي ضابط الشرطة‮ "‬ماجد الكدواني‮" ‬والعكس!المهم يصبح حزلقوم صورة من أدهم ولكن يبقي صوته الغريب مشكلة،‮ ‬يتغلب عليها بادعاء إصابته برصاصه في الحنجرة،‮ ‬حتي لا يشك فيه زعيم العصابة عزت ابو عوف،‮ ‬وتساعده جيرمين‮ "‬ دنيا سمير‮ ‬غانم"وهي سكرتيرة عزت أبو عوف‮ ‬،علي معرفة طريقة تصرفات أدهم وسلوكياته،حتي يستطيع ان يتصرف بطريقه طبيعية مع أفراد العصابة‮! ‬طبعا كل مابعد ذلك من أحداث يمكن توقعه،‮ ‬والصعوبة هنا أنك‮ "‬هارش المسألة‮" ‬وعارف إيه اللي حايحصل،‮ ‬ومع ذلك فإن‮ ‬سيناريو شريف نجيب بمساعد‮ة ‬كل من مكي والمخرج أحمد الجندي يضعانك أمام مواقف تفجر الضحكات وحوار مبتكر شديد الذكاء،‮ ‬يدور بين ماجد الكدواني وأحمد مكي،‮ ‬طوال الوقت تقريبا،‮ ‬وهنا تصبح مهمة السيناريست بالغة الصعوبة في خلق المواقف التي تسخر من مواقف مشابهة في افلام أخري شاهدتها كثيرا دون ان يستوقفك عدم منطقيتها‮!

‬فيلم‮ "‬لاتراجع ولا استسلام‮ "‬من افلام الكوميديا التي لاتدعي طرح قضايا جامدة ومع ذلك فهو فيلم يشيع البهجة والمرح في النفوس المرهقة،‮ ‬وقد تألق فيه محمد شاهين في دور مساعد الضابط،‮ ‬وبدرية طلبه،‮ ‬وماجد الكدواني الذي يؤكد مع كل دور يقدمه أنه ممثل جامد قوي وكوميديان له طبيعة خاصة،‮ ‬وأنه لم يكشف عن كل قدراته ومواهبه التي تتألق يوما بعد يوم،‮ ‬دنيا سمير‮ ‬غانم جميلة ومتدفقة الموهبة كالعادة وإن كنت أتمني أن تفكر في مستقبلها الفني علي نحو أفضل،‮ ‬أما أحمد مكي فهو ممثل موهوب ولديه قدرات فنية لم يعلن عنها وإن كنت أخشي عليه من تقديم الشخصيات الكاريكاتيرية بكثرة،‮ ‬وأعتقد أنه في حاجة الي إعادة نظر فيما سوف يقدمه في فيلمه القادم‮!‬



تعليقات