الطاقات المهدرة أساس اختيار لفكرة بنتين من مصر
ثلاثة أفلام فقط قدمها كمخرج ومؤلف وضعت اسمه في مكان متميز في السينما المصرية كمخرج صاحب بصمة مميزة، يحمل شريطه السينمائي رؤية واعية للواقع وتشريحاً عميقاً لسلبيات مجتمع يغرق في المشاكل والأزمات، وجاء فيلمه الأخير " بنتين من مصر" علي وجه التحديد حاملا رؤية قاتمة ومتشائمة للواقع الحالي مناقشاً بوعي قضية في غاية الخطورة وهي تأخر سن الزواج.. اعتبر الكثير من النقاد هذا الفيلم أفضل أفلام الموسم ومن أهم الأفلام التي قدمتها السينما المصرية في السنوات الأخيرة.. لذا كان حوار المخرج محمد أمين مع جريدة الوفد المصرية .
< كيف جاءت فكرة فيلم "بنتين من مصر"؟
< دائما تشغلني فكرة "المشروع القومي" الذي من الممكن أن يفيد الوطن ويحقق له خطوات للأمام، وهذا المشروع أيا كان دائما ما يحتاج للطاقات البشرية، ولكن هناك طوال الوقت ظروف ومشاكل محيطة بنا تسبب إهدار للطاقة وعدم القدرة علي العطاء بشكل كامل، وهذا ما حاولت مناقشته في أفلامي السابقة بداية من " فيلم ثقافي" الذي يهدر أبطاله طاقتهم في البحث عن حقوقهم الطبيعية والأساسية التي من المفترض أن تتوافر لهم في حالة وجود مستوي اقتصادي جيد في البلد، وفي " ليلة سقوط بغداد" سنجد الطاقة المهدرة لدي الشاب النابغ الذي كان من الممكن أن يكون عالماً إذا تم احتضانه في مناخ يقدر موهبته وقدراته العلمية والبحثية، كذلك في فيلم "بنتين من مصر" لا تقدر بطلتاه علي العمل بكامل طاقتهما لأنهما غير متحققتين علي المستوي الإنسان والاجتماعي بشكل كامل وينقصهما ابسط حقوقهما وهو الزواج.
< ولماذا مشكلة "الطاقات المهدرة" علي وجه التحديد؟
<< قد يكون تأثراً شخصياً بسبب أنني شعرت ان هناك اكثر من عشرة سنوات ضاعت من عمري أنا وأبناء جيلي بسبب ظروف صناعة السينما التي كانت متدهورة منذ نهاية الثمانينات ولم تتح لنا الفرصة للإبدع والعمل في مجالنا الا مع بداية الألفية الجديدة بعد أن كان هناك جيل كامل قد تخلي عن حلمه وانصرف عنه.
< متي بدأت بالتحديد التحضير للفيلم؟
<< بعد "ليلة سقوط بغداد" كنت قد بدأت التحضير لفيلم آخر ولكن لم يتم انجازه الي أن تراجعت عن فكرة تقديمه، وقررت تقديم مشكلة تأخر سن الزواج في فيلم "بنتين من مصر" خاصة وأن هذه المشكلة الآن لم تعد مرتبطة بوجود مشكلة أو علة لدي الفرد، بل أصبحنا نجد فتيات جميلات من عائلات محترمة وعلي قدر جيد من العلم ويشغلن وظائف جيدة ورغم كل ذلك لا تتزوج، وهنا تكمن المشكلة التي أصبحت يواجهها المجتمع، وفكرت في البداية أن أكتب الفيلم عن 3 بنات، ولكنني وجدت هذا الشكل الثلاثي قد استهلك سينمائيا كثيراً في البطولات الجماعية وفي نفس الوقت، وجدت ان التفاصيل التي أردت طرحها تكفي لفتاتين فقط، واستغرق السيناريو مني في الكتابة حوالي عام تقريبا.
< غياب الأمان كان أحد المفردات التي شكلت تكوين معظم شخصياتك.. هل أصبحنا بالفعل نعيش في مجتمع غير آمن؟
<< في تصوري أن هناك عدة أسباب لعدم الإقدام علي الزواج عند البعض من ضمنها "التوتر" من المسئولية الاجتماعية عن أسرة في مجتمع لا يعطي الآمان لأفراده لا في التعليم ولا في الصحة ولا في الطعام.. وهناك عدد كبير من الشباب حالياً يتردد في الارتباط وتكوين أسرة لغياب الشعور بالأمان.
< لماذا بدأت الفيلم بمشهد قاع السفينة.. وتم تكراره في أكثر من موضع بالفيلم.. حتي حدث الانفجار في النهاية؟
<< أردت تصوير حالة الفساد التي نعيشها في المجتمع حالياً وكيف تنتشر بشكل عنكبوتي يهدد بحدوث انفجار، وقد اعتبرت مشهد الانفجار نهاية أولي للفيلم قبل النهاية الاخيرة بست دقائق لأنه لم يكن من المنطقي أن انهي الفيلم بعيدا عن البنتين.
< اختياراتك للممثلين هل كانت الترشيحات الأولي أم حدث تغيير؟
<< بالنسبة للرجال كانت هذه الترشيحات الأولي ولم يتم التغيير فيها أما بالنسبة للبنتين فقد كان هناك ترشيح أولي ولكن لم يتم التوفيق في المواعيد لارتباط كل منهما بأعمال تم التعاقد عليها، ومن هنا كان ترشيح زينةمن جانب اسعاد يونسورحبت بذلك كثيرا ثم جاء اختيار صبا مبارك التي كنت أتابعها في الأعمال التليفزيونية السورية ولمست موهبتها الواضحة، وأحمد الله علي هذه الاختيارات لأنها في النهاية ساهمت في خروج الفيلم بالشكل الذي أرضي عنه من ناحية التمثيل علي الأقل.
< هل حدث صدام مع الرقابة؟
<< لم تكن هناك أية ملاحظات للرقابة علي الفيلم سوي تغيير جملة واحدة وهي (مجتمع كافر) لتصبح (مجتمع فاجر) فقط، وما عدا ذلك لم يكن هناك أية تحفظات علي السيناريو أو الفيلم، وانتهز الفرصة لشكر الدكتور سيد خطاب رئيس الرقابة.
< ما مشروعك القادم؟
<< لدي حالياً فكرة فيلم اجتماعي لم أنته منها بعد ولا استطيع اعلان تفاصيلها النهائية ولكن سأنتهي منه خلال اربعة أشهر، بعدها سأعود لتقديم نوعية أفلام (البلاك كوميدي).