هل يصدق أحد أن يقضي المخرج أكثر من نصف مدة تصوير الفيلم في استخراج تصاريح التصوير في الشوارع والمؤسسات والهيئات الحكومية والمناطق الأثرية وغير الأثرية؟! هل يصدق أن مشهد نزول البطل من علي سلم الطيارة في أي فيلم يكلف المخرج والإنتاج عناء شهرين عمل وتعب ومجهود حتي يتم استخراج تصاريح التصوير في المطار؟ وأن مشهد التصوير في جامعة القاهرة قد يستغرق أكثر من ثلاثة أشهر لاستخراج تصاريح التصوير داخل الحرم الجامعي وممكن بعد كده ما يطلعش التصريح أصلا؟ هل من الطبيعي أن يكون عدد الأماكن الممنوع التصوير فيها في مصر أكثر من الأماكن المسموح فيها بالتصوير؟.
قائمة طويلة من الممنوعات علي رأسها جامعة القاهرة التي يتم التعامل معها علي أنها حصن منيع يصعب اختراقه إلا بعد مشوار طويل مع الجهات المسئولة عن استخراج التصاريح قد يستغرق شهرا أو أكثر، وهي الإجراءات التي زادت تعقيدا بعد فيلم « link"، وتصل قيمة التصوير في جامعة القاهرة حاليا إلي عشرة آلاف جنيه في اليوم الواحد، لذا يلجأ معظم المخرجين لكلية الزراعة للتصوير فيها علي أنها جامعة القاهرة مقابل دفع ثمانية آلاف جنيه في اليوم الواحد وبتعقيدات أقل.
كما حدث في أفلام مثل « link»، هذا طبعا بالإضافة لعملية التفتيش الذاتية لكل فريق عمل الفيلم التي قد تستغرق وحدها نصف يوم أو أكثر.
ويقول البدري إن هذه الإجراءات تعطلنا عن العمل كمبدعين وتدفعنا لتصوير أفلامنا خارج مصر، ويكمل قائلا: أنا لو باصور في سوريا أو في دبي، وطلبت منهم 30 دبابة لن يتأخروا في توفيرها بالإضافة طبعا لسهولة استخراج تصاريح التصوير في الشوارع والأماكن الحكومية والخاصة والجامعات.
المساجد والكنائس أيضا أصبحت من الأماكن المحظور التصوير فيها في مصر بعد الضجة التي أثارها فيلم « link"، حيث أصبح الإطلاع علي السيناريو شرطا أساسيا للموافقة علي التصوير داخل المؤسسات الدينية التي تحتل مكانا متأخرا في تسعيرة أماكن التصوير حيث لا يتجاوز المبلغ المطلوب مقابل التصوير فيها 2000 جنيه.
أما التصوير في المدارس، فأصبح ممنوعا تقريبا بعد فيلم « link، ويا ريت كمان لو يبتعد المخرجون عن التصوير في المناطق الأثرية لأن التسعيرة التي وضعتها هيئة الآثار ارتفعت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث يتراوح سعر التصوير لمدة ساعة واحدة في الهرم مثلا من عشرة إلي 15 ألف جنيه بحسب الوقت، وهو التصريح الذي قد يستغرق أكثر من شهرين لاستخراجه، بينما ارتفع سعر التصوير في الشوارع إلي ثلاثة آلاف جنيه في اليوم الواحد، وأحيانا يصل لخمسة آلاف في شوارع الجيزة، خصوصا لو كان بطل الفيلم نجما من نجوم الصف الأول!
المشكلة أن الرد بالموافقة بالتصوير في الشوارع يأتي بعد مرور أسبوعين أو شهر علي تقديم الطلب، وأحيانا يأتي الرد بالرفض، وهو ما يدفع المخرج في تغيير وجهة نظره الإخراجية تماما بحسب كلام المخرج وائل إحسان الذي يقول: «أنا مش فاهم الدولة بتعمل معانا كده ليه.. ليه بيضطرونا نسافر نصور في سوريا، حيث نجد تسهيلات لا حدود لها.. ده أنا لو عايز جيش كامل هالاقيه تاني يوم بيصور معايا، لكن هنا لا يوجد أكثر من الممنوعات أبسط حاجة حصلت أثناء تصوير فيلم « link» كان نفسي أصور علي كوبري السلام «الكوبري الطاير» اللي فوق قناة السويس لكن الجهات المسئولة رفضت قالوا لي ممنوع يا أستاذ! رغم أن في العالم كله المخرجين بيصوروا فوق الكباري وتحت الأنفاق عادي يعني من غير مجهود أو تعب أو طاقة مستنزفة وضائعة.
أما المخرج والمنتج link» أنني كنت أرغب في التصوير بقصر محمد علي بشبرا لكن وزير الثقافة رفض واضطريت للتصوير في قصر آخر.