سينما الثورة.. جماليات أفلام الوعي بالتاريخ والوطنية

  • مقال
  • 10:00 صباحًا - 19 يوليو 2010
  • 1 صورة



جمال عبدالناصر وام كلثوم وانور السادات

قبل أيام من ذكرى ثورة الرجل الكبير عبد الناصر 23 يوليو 1952 نظمت لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة على مدى أربعة أيام حلقة بحث بعنوان سينما الثورة طرحت خلالها 12 ورقة بحثية تناولت الأفلام المصرية خلال الفترة من 1952-1971 من بينها ورقة بحثية للمفكر الدكتور حسن حنفي بعنوان السينما الفلسفية.. توفيق صالح نموذجا .. وقدم الدكتور أحمد عبد الحليم ورقة أخرى بعنوان جماليات السينما المصرية في أفلام صلاح أبو سيف.. وورقة بحثية بعنوان العلاقة بين الأدب والفن السابع في السينما المصرية منذ رواية زينب والدكتور محمد حسين هيكل إلى آخر الحقبة للناقد إبراهيم العريس.. و السرد في السينما المصرية للناقد محسن ويفي.. وورقة بحثية بعنوان القطاع العام السينمائي في مصر 1963 / 1972 للناقد علي أبو شادي.. الأوراق البحثية اتفقت في مجملها على أن السينما التاريخية قبل الثورة اهتمت بقصص مثل شمشون وغيرها, أما بعد الثورة فاتجهت إلى أفلام الجهاد والكفاح مثل واإسلاماه و الناصر صلاح الدين و فتاة من فلسطين وغيرها من أفلام الثورة التي تميزت بجماليات الوعي بالتاريخ, وإحياء مشاعر الوعي بالوطنية والانتماء للقومية العربية ويقظة الوعي بالتاريخ الإسلامي من خلال الأفلام التي تناولت الرسالة الإسلامية ومنها بلال مؤذن الرسول و الشيماء أخت الرسول وغيرها مثل رابعة العدوية الذي تناول سيرة إحدى النساء الصالحات..
وسينما الثورة.. تعيد للذاكرة رؤية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لدور الفن بصفة عامة, ودور صناعة السينما بصفة خاصة, ومنذ بداية السنوات الأولى للثورة, وبهذه الرؤية طلب من الفنان فريد شوقي أن يجسد بطولة فيلم عن بور سعيد وأحداث العدوان الثلاثي على مصر, وبهذه الرؤية أيضا تدخل أكثر من مرة عندما تصله معلومات عن منع عرض أو منع إنتاج فيلم بعينه, ومنها فيلم شيء من الخوف حين قيل أن سلطة وسطوة عتريس في القصة ترمز إلى عبد الناصر, وقد ضحك كثيرا من هذا التشبيه وأمر بعرض الفيلم, وهو ما حدث مع فيلم ميرامار الذي يتهكم على التنظيم السياسي الأوحد الموجود الاتحاد الاشتراكي وغيرها من الأفلام التي يراها تحمل وجهة نظر ورؤية يتم عرضها للمشاهد الذي له حرية الاختيار داخل ساحة من حرية التعبير.

ويقول الكاتب والناقد سليمان الحكيم كانت علاقة عبد الناصر بالفنانين علاقة متابعة ورعاية ونقد في نفس الوقت, والعلاقة الوطيدة التي ربطته بسيدة الغناء العربي أم كلثوم معروفة للجميع, ومع الفنان الراحل عبد الحليم حافظ الذي أصبح مؤسسة فنية وسياسية في نفس الوقت باقترابه من مجلس الثورة ومن الزعيم ناصر, وكانت احتفالات الثورة واحتفالات عيد العلم مناسبات يتابع عبد الناصر من خلالها عطاء الفنانين للوطن, حتى الخلافات بين الفنانين كان يتدخل لحلها.. ويقول الملحن الموجي الصغيرإن أم كلثوم اتصلت بوالدي وطلبت منه الست تلحين نشيد الجلاء الذي ستشدو به في عيد الجلاء, وبالفعل تم اللحن, وشدت به ثومة في حفل حضره الرئيس جمال عبد الناصر وكل قيادات ثورة يوليو, وأصرت الست على تقديم الموجي إلى جمهور الحاضرين, وهو أمر ظل أبي يتذكره بفخر واعتزاز.. ويكمل الموجي الصغير: وبعد نجاح نشيد الجلاء, قررت ثومة أن يلحن لها الرضا والنور وهو اللحن الذي استغرق منه وقتا طويلا, مما أثار غضب أم كلثوم, ووصل بها الأمر أن اشتكته إلى الرئيس جمال عبد الناصر الذي داعبها بقوله: أحبسهولك حتى ينتهي من التلحين !! وخرج اللحن, وحظي بإعجاب شديد .

وكان أحد عناصر نجاح فيلم رابعة العدوية وبعده استمر المشوار بين الموجي وثومة وغنت له محلاك يا مصري و أنت الدفة و بالسلام إحنا بدينا و بالسلام على الأمة و صوت بلدنا .. وكانت تلك الألحان وستظل من أقوى الأغاني الوطنية في تاريخ الأغنية المصرية.. وقال الموجي الصغير: أذكر أن أبي بكى بكاء شديدا يوم وفاة الزعيم عبد الناصر, فقد كان يشعر أنه قريب منه, لأن الريس كان يهتم بالفنانين, وكانوا هم جيل الموجي الذين يعتبرون أنفسهم جيل الثورة ويشعرون تجاه الزعيم بشعور الابن تجاه أب روحي لأحلامهم ومشاريعهم. ويروي الأستاذ هيكل أنه رغم الأحداث الساخنة المتلاحقة, وكأن عبد الناصر يلاحق الزمن للإعداد لمعركة التحرير سياسيا وعسكريا, وخلال زيارة سرية وهامة للاتحاد السوفييتي مع بداية عام 1970 وكان هيكل وزيرا للإرشاد القومي, فاتحه عبد الناصر في موضوع بدا للأستاذ هيكل غريبا.. قال له ناصر لقد سمعت صوت مطربة جديدة عفاف راضي ويذكرني بصوت فيروز, وطلب من هيكل الاهتمام بالصوت الجديد ليكون صوت فيروز مصر.
ويقول المخرج سعد هنداوي: بالنسبة لي الثورة تتمثل في الأغنية الوطنية للنجوم الكبار مثل عبد الحليم و شادية, وأكون في غاية الفخر والسعادة عندما استمع لهذه الأغاني بسبب أهمية هذه الثورة العظيمة..
وقال الفنان الكبير محمود ياسين: كلي سعادة وفخر لأني من الجيل الذي تربى على هذه الثورة لحدوث تطور مهم جدا في الحياة من خلال الحكم الجديد الذي أنجبته الثورة, وكان وقتها كل ما يطفو على السطح من إعلام ومن طوائف أخرى مثل المدرسين والموظفين وكل التجمعات الشعبية, الجميع كان يتحصن بالثورة, وأيضا الثورة كانت تتحصن بهم جميعا لأنهم آمنوا بها, وعشنا جميعا عبق وروح الثورة من خلال جميع الأمور الحياتية من الشارع والإذاعة وكل وسائل الإعلام وقتها, ولما استقرت الأمور للزعيم الكبير عبد الناصر بدأنا نعرف قيمة وطنيته, وبدأنا نشعر بالثورة في كل أمور حياتنا لأننا أولاد الثورة أنا وجيلي وتربينا في ظل الثورة وتأثيرها مازال حتى الآن, لأن الثورة لم تكن مجرد حدث ولكنها نقلة عظيمة لطريق الحرية, وعند قرار التأميم شعرنا بتغيير جبار لأن التأميم هو في الأصل تأثر بالثورة لأنها قضت على كل فساد في النظام السابق.. ويقول المخرج علي عبد الخالق: أنا فخور بأني إبن من أبناء الثورة, وكان بداخلنا إحساس دائم بالتغيير التام للأفضل مع شعار أرفع رأسك يا أخي لأن الثورة جعلتنا نشعر بقيمتنا كمصريين مرة أخرى, واننا لسنا من مستوى أقل من بقية دول العالم, وغرست فينا الوحدة والعروبة, وأيضا شعرنا أننا لسنا تابعين ولكن أصبح لنا وطن له شخصيته, وكنا نتباهى وقتها بهذا الوطن القوي الجديد الذي أصبح ندا لأي دولة أخرى.
وقال الفنان سامح الصريطي: أدين لثورة يوليو بكل الحب والاعتزاز لكل إنجازاتها من تعليم وثقافة, لأنها صنعت انفتاحا أدى إلى إنجازات ضخمة في جميع المجالات, وتشييد قصور الثقافة والمسارح في جميع الأقاليم, إلى جانب المستجدات من حركة البناء والتنوير, والاهتمام ببناء الوحدات الصحية والمساكن الشعبية, جنباً إلى جنب مع جميع فنادق مصر, كل هذا تم البناء والبدء فيه مع حركة الثورة. وقالت الفنانة تيسير فهمي: أنا شخصيا أعتبر حدوث هذه الثورة شيئا مهما في حياتي, ولكن في بعض الوقت أحزن من هؤلاء الأفراد الذين طالما حاولوا إطفاء هذه الثورة, رغم أنها صاحبة الفضل في أننا أصبحنا أحرارا بعد فترات عصيبة من القمع والقهر والذل, فقد أعطتنا معنى الحرية الحقيقي, الذي تأثرنا به ونعيشه حتى الآن,ولن يستطيع أحد مهما كان إنكار ما فعلته بنا هذه الثورة من تغيير للأفضل.. ويقول الكاتب والناقد رؤوف توفيق: نحن جيل مدين للثورة بكل الفضل والعرفان, لأننا عشنا فيها أزهى العصور, حيث الانتماء والحماس,وفيها ظهر النضال العربي,فلم يكن الموضوع مجرد ثورة سياسية بل ثورة في كل الأمور الحياتية, فكانت ثورة ثقافية وظهر وقتها ثروت عكاشة بكتابته وحدث تطور في كل ميادين الفن من سينما وباليه وكونسرفتوار.. ولو ألقيت خطب جمال عبد الناصر الآن على الشعب فسوف تزيده حماسا وشجاعة, رغم أنها قديمة, ولكن الشعب يحتاج لهذا في هذه الفترة.
وقال المخرج الكبير سعيد مرزوق: نعتبر أننا بدأنا حياتنا مع الثورة وكانت هي التكوين الوجداني لكل فناني مصر في هذه الفترة, وعملت أنا شخصيا بنفس قدر جرأة عبد الناصر نفسه, وحين مات عبد الناصر وبإحساس اللحظة والسنين جمعت فيلما يحكي قصته معنا من البداية وحتى ووري الى مثواه الأخير وكان فيلم دموع السلام سنة 1971 من أحسن الأفلام لعبد الناصر لأنه كان فيه تلخيص لكل المشوار الفني ولكل إحساسي بثورة 23 يوليو وحتى اليوم حين أشاهده لا أملك دموع عيني من التدفق وحصلت به على أحسن عمل من بين 24 فيلما.

وصلات



تعليقات