هو ابن بلد حتي النخاع.. نشأ في إحدي حارات حي عين شمس, لذلك فإن ذكرياته عن رمضان تدور كلها حول طفولته هناك.. تعالوا نشاهد رمضان بعيون محمد فؤاد .......
* نشأت في حي شعبي ثم نقلت إقامتك إلي حي مدينة نصر.. كيف تجد الفرق في الأجواء الرمضانية بين الحيين؟
** أنا فعلا نشأت في إحدي حواري عين شمس ومنذ أكثر من عشرين عاما انتقلت إلي مدينة نصر, ولم أكن أتوقع أن يكون الفرق شاسعا في جو رمضان بين الحيين لدرجة أنني أكاد لا أشعر بطعم وريحة رمضان في الحي الذي أسكنه الآن.. صحيح أن رمضان في مصر كلها له طعم جميل لكن الذين لم يعيشوا أجواء رمضان في حي شعبي لا يعرفون الطعم الأصيل لرمضان.
* ما الذي تتذكره عن هذا الطعم الأصيل لرمضان؟
** كنا نشم رائحة رمضان في الحارة قبل قدومه عندما يجتمع أطفال الجيران كلهم لصنع زينة رمضان وتصبح الحارة خلية نحل, فهذا يجمع الكراريس القديمة وذاك يقص الورق والآخر يقوم بتلوينه والبعض يبحث عن الحبال ومجموعة تقوم بعمل اللزق من النشا والماء ثم نقوم بتعليق الزينة المبهجة ونحن في انتظار بداية الشهر علي أحر من الجمر.
* ما الذي كنت تفعله بعد حلول الشهر الكريم؟
** القاهرة كلها كانت تفطر علي صوت مدفع رمضان بالقلعة أما أنا فقد كان لي مدفعي الخاص, فقد كنا نذهب إلي الحداد ليصنع لنا مدفعا بدائيا نقوم لحظة الإفطار بفتحه عن طريق حجر كبير فتنطلق عيدان الكبريت محدثة دويا هائلا ثم أجري إلي البيت لنجتمع أنا وإخوتي الثمانية حول طبلية الإفطار ولا نستطيع أن نمد يدنا إلي الطعام قبل أن يبدأ أبي في تناول طعامه.
* كأنك تصف فيلما سينمائيا.. هل كان الواقع قريبا إلي هذه الصورة؟
** السينما والمسلسلات حاولت تجسيد هذه الاجواء وقد نجحت إلي حد ما لكنها لم تستطع نقل مشاعر البهجة والسعادة التي كانت تنتابنا في هذه الأحياء الجميلة في شهر رمضان والتي لم أعشها في أي مكان آخر لدرجة أنني كلما اشتقت للإحساس بها من جديد أذهب أنا وإخوتي إلي حينا القديم ونفطر أو نتسحر مع أهالي الحي الذين يتجمعون أمام منز والدي المغلق ونستعيد معا ذكريات الطفولة.
* في رأيك.. ما الذي يجعل تلك الذكريات ماثلة بهذه القوة والجمال؟
** أعتقد لإننا كنا نصنع كل شيء بأيدينا.. فبالإضافة إلي مدفع الافطار وزينة رمضان كنا نقوم بصنع الفوانيس فكنا نحضر علب البلوبيف وننزع غطاءها العلوي ونلصق الشمعة بداخلها وننطلق في الشوارع ندور علي البيوت فيعطوننا البلح وحلويات رمضان, وظللت أقوم بهذه العادة حتي تخطيت سن العاشرة وبدأت أشعر بالخجل.
* هل كنت تغني في ذلك الوقت؟
** كنت أغني منذ طفولتي.. لكن في تلك المرحلة كان اهتمامي بلعب كرة القدم أكبر. وكنت ألتحق بالدورات الرمضانية التي كان ينظمها مركز شباب عين شمس ـ وأتذكر أن الخطيب كان يسكن جانب المركز وكان يأتي احيانا ليشاركنا في رمضان ويقوم في نهاية الشهر بتكريم الفائزين وكان ذلك بالنسبة لي احتفالا رائعا ولحظات لا تنسي.
* هل تحاول إدخال بهجة الإحساس برمضان علي أبنائك ليستمتعوا به كما استمتعت أنت به؟
** للأسف ما ينفعش.. لأنهم جيل مختلف وأبناء زمن آخر, ومهما حاولت خلق بهجة لهم فلن يشعروا بما شعرت أنا به لدرجة أنني أشعر أنهم مظلومون لأنهم لم ينشأوا مثلما نشأت لكنني أحاول قدر استطاعتي أن أصطحبهم معي في زياراتي للحي القديم.
* وكيف تقضي رمضان حاليا؟
**90% من رمضان أقضيه مع الحاجة والدتي وهي تقطن الآن في نفس الحي الذي أقيم فيه علي بعد شارع واحد من سكني ـ وفي أغلب الأوقات نجتمع أنا وإخوتي وعائلاتنا للإفطار معها. وعلي فكرة الحاجة صوتها جميل وكانت زمان تحب أن تغني الأغاني الشعبية والفلكلورية خاصة أنها من الشرقية.
* والعمل في رمضان.. هل تفضل أن تأخذ أجازة منه خلال رمضان كما يفعل أغلب الفنانين؟
** لا علي العكس.. فقد تصادف أنني قمت بتصوير أنجح كليباتي خلال رمصان مثل الحب الحقيقي وأنا لو حبيبك وأنساك حتي صرت أتفاءل بالشهر الكريم والعمل خلاله, خاصة أن عملي كله لا يتعارض مع جلال الشهر ولا ينقص من هيبته.
* ما هو الشيء الذي يضايقك في رمضان؟
** الشيء الوحيد الذي من الممكن أن يضايقني في هذا الشهر الجميل هو أن أشاهد في التليفزيون بعض الأعمال الفنية التي يكون بها خلاعة لا تتناسب مع حرمة الشهر. حتي لو كانت قليلة مثل بعض الكليبات التي يجب منعها تماما طوال العام فما بالك بالشهر الفضيل.
* وما هي العزومة التي لا تستطيع ردها؟
** عزومة أحد دور الأيتام بحلوان.. فقد اعتدت كل سنة أن أذهب لزيارتهم والإفطار معهم ولا أستطيع إلغاء هذه العادة مهما كانت ارتباطاتي.