لمى إبراهيم فنانة سورية شابة برزت في السنوات الخمس الماضية كواحدة من نجمات الدراما السورية، حيث استطاعت، على الرغم من رحلتها الفنية القصيرة، من تكريس تواجدها الفني، من خلال تقديمها الكثير من الأدوار، وتجسيدها لشخصيات متنوعة في الأعمال الاجتماعية المعاصرة والتاريخية والبدوية والشامية وغيرها، فكانت تتميز بمهارة الأداء مع جماليات الحضور القوي، والحرفية العالية. ويتابعها المشاهد في الموسم الرمضاني الحالي من خلال عدد من الأعمال التلفزيونية، منها: « تخت شرقي» بشخصية نوار، التي تخوض الحياة العملية من خلال التصوير الفوتوغرافي, وتشارك أيضا في مسلسل عراقي سوري يحمل عنوان «الشيخة» للمخرج سامي جنادي، وتجسد فيه شخصية مها التي تنتمي لعائلة سورية تعيش في العراق ومقربة من الشيخة، التي تجسد دورها الفنانة السورية رنا أبيض, وتشارك لمى أيضا في الجزء السابع من السلسة الكوميدية « بقعة ضوء».«الشرق الأوسط» التقت الفنانة لمى إبراهيم في دمشق، وكان الحوار التالي:* أي من المخرجين ترتاحين للعمل معه، وهل تفرضين رأيك في الدور، وما هي شروطك لقبول الدور الدرامي؟- فيما يتعلق بالمخرجين فأنا أرتاح كثيرا في العمل مع المخرجة رشا شربتجي، وعملت معها حتى الآن في ثلاثة مسلسلات، وتتميز رشا بأنها تعطي لكل ذي حق حقه، وتتفهم بشكل دقيق ما يناسب الممثل من أدوار في مسلسلاتها، وتعرف تماما أين تضع الممثل في المكان المناسب، ولديها رؤية خاصة بها. في الموسم الحالي اعتذرت عن المشاركة في أربعة أعمال بسبب عدم الرضا عن النص والدور، وشروطي في هذا المجال أن يكون ما يعرض علي هو دور جديد لم أجسده من قبل، وحتى إذا كنت قد قدمت مثل هذا الدور فيجب أن يكون في العمل الآخر مكتوبا بطريقة مختلفة، وليس نسخة «كوبي» عن الدور السابق خاصة أن البعض من القائمين على الأعمال الدرامية، وفي حال نجحت في تجسيد شخصية ما، يقومون بعرض ما يشابهها في أعمالهم الجديدة، ولذلك أعتذر عن تقديمها, وشرطي الثاني هنا أنه عندما أقرأ النص والشخصية أتمعن فيهما كثيرا؛ فإذا لاحظت أنها (الشخصية) لن تضيف لرصيدي الفني فسأعتذر عن تقديمها مهما كانت إغراءات الدور والأجر، فهذا لا يهمني هنا, خاصة هنا إذا كانت الشخصية هامشية، بحيث إذا أزيلت من النص فلا يتغير شيء ولا يشعر بها المتلقي، فسأرفضها بالتأكيد، وهناك أيضا الشرط المادي الذي يجب أن يضمن لي حقي في الأجر الذي يناسب جهدي في الدور.* على ذكر الأجر المادي هناك من يقول إن الممثل السوري يعيش حاليا طفرة في الأجور، حيث يقدم له أجر عال كما يقدم له عندما يشارك في الأعمال الدرامية المصرية, ما رأيك في ذلك، وهل أنت راضية عن أجرك؟- أنا لست راضية عن طريقة الأجور لدينا، بغض النظر عما إذا كنت راضية عن أجري أنا أم لا (أنا راضية عن أجري ولكن ليس مائة في المائة)، والسبب أن ما تتحدث عنه من طفرة يخص عددا محدودا من الفنانين السوريين، وهؤلاء كما يقول المثل الشعبي «يأكلون البيضة وقشرتها»، في حين تقدم أجور قليلة لمن هم في المراتب الثالثة والخامسة، حتى إنه لا توجد مرتبة ثانية في الأجور، فالفروق شاسعة بين أجور الصف الأول وفناني الصفوف الأخرى, وهذا وضع خاطئ، وسيؤثر مستقبلا على فناني الأدوار الأخرى ومشاركتهم في الدراما السورية.* كيف تنظرين لمشاركة الفنان السوري في الدراما المصرية، وهل ستتطور مشاركاتك فيها مستقبلا؟- شاركت في المسلسل المصري « ابن الأرندلي»، وعندما شاركت في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون بدورة العام الماضي 2009، التقيت منتجا مصريا اقترح علي بطولة مسلسل تلفزيوني وفيلم سينمائي، ولكني اعتذرت لسبب وحيد فقط، وهو أنه طلب مني الإقامة والسكن لفترة طويلة في مصر تتجاوز الستة أشهر، وهذا صعب علي، فمن الممكن أن أبقى شهرا فقط، أما أكثر من ذلك فلا أستطيع، واعتذرت منه، خاصة أنها المرة الأولى التي سأقيم في بلد كل هذه الفترة الطويلة، وأبتعد عن بلدي.* لكنّ هناك ممثلين وممثلات سكنوا فترات طويلة، وضحوا من أجل الظهور في الدراما المصرية؟- أنا لست مستعدة أن أضحي من أجل بطولة عمل مصري، ولا حتى 1 في المائة من أجل المشاركة في الدراما المصرية, فأنا مرتاحة في العمل مع الدراما السورية، وعلى أي حال لدي شروط للمشاركة في الدراما المصرية، منها ما يتعلق بالمخرج والنص والدور، وقد أتخلى عن بعضها في حال كان المخرج سوريا، كما في «ابن الأرندلي», ولكن ما يغريني للمشاركة مع المصريين هو السينما، حيث لا توجد لدينا سينما في سورية، مع شروطي أيضا، فليست مصر هوليوود حتى أضحي بكل شيء للمشاركة في عمل مصري.* ولكن مصر هوليوود الشرق كما يصفها الكثيرون.- هوليوود الشرق؟! لا أعرف, على أي حال إذا جاءتني المشاركة بما ينسجم مع شروطي فسأشارك في الدراما المصرية وفي السينما المصرية، على الرغم من أن لديها أفلاما ناجحة وأخرى تجارية، كما لديهم مخرجون ممتازون وآخرون يبحثون عن العمل التجاري، وفي المحصلة أقول لك بصدق لن أذهب أنا لأبحث عن فرصة هناك للعمل في مصر.* هل توافقين على تقديم أدوار إثارة في التلفزيون أو السينما؟- عرض علي هنا في سورية ومن خلال بطولة فيلم سينمائي قصير، ولمخرج غير سوري، أن أقدم دورا فيه مشهد لقبلة حارة فاعتذرت عنه, فلن أقدم أدوار إثارة مطلقا، حتى إن القائمين على الفيلم اقترحوا علي أن يكون مشهد القبلة «غرافيك»، ورفضت أيضا؛ لأن الجمهور وعائلتي لن يعرفوا أن المشهد غرافيك وليس حقيقيا, وفي رأيي أن الإثارة لا ترتبط بشيء معين، بل ممكن أن تكون إيحاء، وهذا أمر مقبول، وأنا عملت بالإيحاء في مسلسلين تلفزيونيين وهما «نزار قباني» و«أعيدوا صباحي»، ولكن أن يكون هناك مبالغة في المشهد، وضد قناعاتي، فلن أقدمه على الإطلاق, مهما كانت المغريات؛ فمثلا لن أظهر بفيلم أو مسلسل بلباس البحر، حتى لو كان العمل في هوليوود! وأنا بالتأكيد ليس لدي طموح للذهاب لهوليوود، حيث سأتخلى هناك عن كثير من شروطي، وهذا يتنافى مع تربيتي الشرقية وتقاليد عائلتي.* وكيف تنظرين لتجربتك مع دراما البيئة الشامية والمحافظة على نجاحاتها؟- شاركت في بطولة مسلسل « بيت جدي» بجزأيه، وشاركت في الجزء الثالث من «باب الحارة»، وفي الجزأين الثاني والثالث من مسلسل « الحصرم الشامي» وهذا العمل الخير كان مميزا ومختلفا عن الأعمال الأخرى، حيث يتميز بواقعيته وقدم تاريخ حقبة مختلفة تعود لأعوام 1700 حتى 1800، وهي مختلفة عن أعوام مثل 1930، ولكن للأسف عرض على القنوات المشفرة فقط، وللمحافظة على نجاح الدراما الشامية يجب أن تكون قصتها غير مملة، وألا تركز فقط على المثاليات والجماليات، كفانا ذلك، فقد شبعنا مثاليات! كذلك في رأيي يجب أن يكون هناك ممثلون منوعون ومختلفون في كل عمل شامي، والابتعاد عن تكرار الأسماء في هذه الأعمال على الرغم من أنني أعذر بعض المخرجين في الاعتماد على ممثلين بذاتهم، لقلة الفنانين الذين يجيدون العمل في مثل هذا النوع من الدراما، فهي ليست لهجة فقط، بل هي روح أيضا، حيث على الممثل أن يتقن الشخصية الشامية وتجسيدها بداخله وروحه، وليس فقط بمظهره الخارجي وإتقان اللهجة الشامية, وفي رأيي أيضا يجب أن تكون الأعمال الشامية قليلة في الموسم الدرامي الواحد. يكفي عمل واحد في السنة.* هل شاركتِ في الدراما المدبلجة وما قيل عن تأثيرها على مساحة بث الأعمال السورية؟- نعم، أشارك في بطولة المسلسل الأميركي المدبلج «لوست» من ستة أجزاء، الذي يعرض على إحدى الفضائيات العربية, وأنا لا أقبل أي دور في الدراما المدبلجة، واعتذرت عن المشاركة في الكثير منها. وفيما يتعلق بتأثير الدراما السورية فيها، فأنا لا ألوم شركات الدبلجة، بل ألوم المحطات التلفزيونية؛ فهناك مثلا محطة تعرض من الصباح وحتى المساء ستة أعمال تركية مدبلجة, فلماذا لا تعرض معها عملا سوريا وآخر مصريا؟!* ولكن من حق هذه القنوات عرض ما يحقق الأرباح لها، والدراما التركية كاسحة حاليا.- هذه المحطات تشتري الأعمال المدبلجة بسعر رخيص، فهي جاهزة للعرض ولا تتدخل المحطة في إنتاجها، والبعض يلوموننا كممثلين أننا نعمل في الدبلجة من أجل المال، وللأسف هم يجهلون أن ما نحصل عليه زهيد جدا ومشاركتنا فيها لأنها تحقق لنا المتعة وتمرينا للصوت، حتى لو وضعنا صوتنا على صوت الممثل الأساسي، وأحيانا نعطيه أحاسيس غير موجودة في المشهد المدبلج، والممثل هذا قد يكون من الدرجة العاشرة في بلده، ويشتهر على حساب الفنان السوري المدبلج، ولكنها تبقى لعبة محطات, فهي عندما تأتي بالممثل التركي لتكريمه وتتناسى أنه لولا الفنان السوري فلن يعرفوا هذا الممثل التركي.* كفنانة شابة هل تقبلين تجسيد دور أم كما حصل مع بعض زميلاتك وكان مربكا لهن فيما بعد؟- أنا جسدت دور أم في مسلسل « زمن العار»، ولكن لأطفال صغار أما إذا كان الدور أما لشباب، فعلى القائمين على العمل تقديمي امرأة كبيرة من خلال الماكياج وغيره، وليس لدي مانع في تجسيد هذا الدور.* هل لجمالك الشرقي دور في إعطائك أدوارا مميزة من قبل المخرجين والمنتجين؟- قد يكون حصل ذلك في السنة الأولى من دخولي عالم الفن والتمثيل، ولكن تغير الوضع فيما بعد وصار التركيز على موهبتي والأداء، فالشكل ليس هو الأساس، حتى إنني قدمت في العام الماضي أدوارا بعكس شخصيتي الحقيقية, قدمت «كاركترات» لفتاة بشعة، ووصل الدور والشخصية للمشاهد، وللمخرجين رأي في هذا المجال، وهو أن وجهي يمكن أن يقدم بشكل جميل أو بالعكس بشكل بشع من خلال دور فتاة مجنونة مثلا, وفي رأيي هنا أن الشكل الجميل يخدم الفنانة في سنواتها الأولى، ولكن تبقى حرفيتها وموهبتها الأساس.* هل تحلمين بتجسيد شخصية ما كما فعلت بعض الممثلات السوريات وغيرهن؟- لا، مطلقا، فأنا لست مع تقديم دراما السيرة الذاتية وتجسيد شخصيات تاريخية مثلا؛ لأن هذه الأعمال تحمل المغامرة للفنان، فإما تجعله يحلق عاليا في عالم الدراما أو بالعكس، يمكن أن تقضي على مسيرته الفنية, لا يوجد حل وسط في هذا المجال, كما أن دراما السيرة الذاتية لا تستهويني؛ حيث تتعرض للكثير من النقد والتحليل من قبل النقاد وأن الفنان أخطأ وأصاب في حركة ما للشخصية التي يجسدها، وخاصة عندما يجسد سيرة ذاتية لشخصية عربية معروفة من التاريخ القريب أو البعيد.* وهل لديك هوايات أخرى غير التمثيل؟- نعم، فأنا أحب الكتابة وأكتب نصوص مسلسلات تلفزيونية، ولدي بعض المشاريع في هذا المجال لم تتحول بعد إلى واقع، وكان هناك عرض لتقديم عمل من كتابتي في إحدى البلدان العربية، ولكن اعتذرت لأسباب خاصة.ومن هواياتي أيضا الرياضة وخاصة لعبة التنس، وكذلك من هواياتي مطالعة الروايات خاصة العلمية التي تتصف بالغرابة في قصصها ومضمونها، وأقرأ بشكل خاص لكتاب أتراك.