أكرم فريدمخرجٌ صنّفه الجمهور والنقاد كأحد صانعي الأفلام التجارية التي تلقى غالباً هجوماً حاداً، إلا أنه استطاع تحدّي حصار المنتجين له في هذه النوعية وتقديم نفسه سينمائياً في فيلم « عائلة ميكي».
عن هذه التجربة التي أشاد بها النقاد على رغم إخفاقها على مستوى الإيرادات، كان اللقاء التالي.
أعدتنا بفيلم «عائلة ميكي» الى أفلام العائلة التي ابتعدت السينما عنها منذ « الحفيد» و« إمبراطورية ميم»، لماذا؟
لأننا نحتاج راهناً إلى هذه النوعية من الأفلام، لذا بحثت مع المؤلف عن فكرة لم تقدَّم كثيراً. فوقع اختيارنا على الأسرة وعلاقتها بالمجتمع وعلاقات الآباء مع الأبناء وهي قضية لم تتناولها السينما منذ فيلم «إمبراطورية ميم»، وقد حرصنا على رصد التغيرات التي طرأت على المجتمع خلال الثلاثين عاماً الماضية.
ولماذا تغيّر إسم الفيلم من «الأسرة المثالية» الى «عائلة ميكي»؟
أعلم أن الإسم الأول كان أقرب كثيراً الى مضمون الفيلم الذي يتحدث عن عائلة تشارك في مسابقة لتفوز بلقب «الأسرة المثالية»، لكن المنتج وجد أن هذا الإسم غير تجاري ولا يجذب جمهور السينما لذا اخترنا اسم «عائلة ميكي».
لكن هذا الإسم وضع الفيلم في مقارنة مع الفيلم القديم «عائلة زيزي».
للأسف هذا صحيح على رغم ألا وجه شبه بين الفيلمين سوى الإسم، وإذا حدثت مقارنة فستكون مع «إمبراطورية ميم» لأنه يناقش الموضوع نفسه مع اختلافات الزمن والوسائل المحيطة بالأسرة كالإنترنت والفضائيات والهاتف الخليوي.
كانت لك تجربة مهمة بفيلم قصير بعنوان «3 ورقات»، لماذا اتجهت بعدها الى الأفلام التجارية؟
بعد تخرّجي بأقل من عام عُرض عليّ إخراج فيلم تجاري، فوجدت أنها فرصة لأقدم نفسي الى الوسط الفني كمخرج بدلاً من أن أستمر 15 سنة كمساعد مخرج، من ثم أتّجه الى الأفلام الجادة. لكن توالت عليّ العروض التجارية حتى وجدت نفسي أقدّم سبعة أفلام منها.
لماذا قررت الخروج من طوق الأفلام التجارية بـ«عائلة ميكي» تحديداً؟
لأني وجدت فيه الفكرة التي تعيد تقديمي بشكل مختلف بعد أن حُصرت إنتاجياً في الأفلام التجارية، ولأثبت أنني قادر على تقديم أنواع الأفلام كافة، ما يؤكد أنني كنت أتحيّن الفرصة لتقديم عمل جاد.
بعد نجاج الفيلم فنياً، هل ستكمل في هذه النوعية أم ستعود إلى الأفلام التجارية التي تحقق إيرادات؟
اتخذت قرار عدم العودة الى الأفلام التجارية منذ سنتين بعدما قدّمت فيلم « آخر كلام»، وتعهّدت بألا أُخرج إلا العمل الذي يحمل رؤية فنية ومضموناً هادفاً وجيداً بصرف النظر عن الإيرادات.
يربط البعض بين قرارك هذا وبين خلافك مع المنتج محمد السبكي.
غير صحيح، أنا فحسب سئمت نظرة البعض إلي بوصفي مخرجاً تجارياً لدرجة أن النقاد يهاجمون أفلامي قبل عرضها.
ألا ترى أن توقيت عرض الفيلم في عيد الفطر ظلمه؟
شخصياً، لم أكن راضياً عن هذا التوقيت ولكن ارتأت شركتا الإنتاج والتوزيع ذلك. كنت أفضّل أن يُعرض الفيلم بعد العيد ليحظى بدعاية أقوى وليحقق إيرادات.بالتالي ظُلم كثيراً لأن طبيعته لا تتناسب مع جمهور العيد الذي يبحث عن فيلم يضحكه ويسلّيه والذي يتعامل مع السينما على أنها سيرك ولا يهتم بالأفلام الجادة والسينما بالنسبة إليه مجرد ترفيه.
ألم تقلق من العمل مع المؤلف الجديد عمر جمال؟
لا، لأنه خاض تجربة ناجحة بفيلم « أوقات فراغ « لكنه انتظر بعد ذلك سنوات عدة ليجد فرصة مناسبة كي يقدّم فيلمه الثاني بدلاً من أن يختار عملاً تجارياً لمجرد التواجد، ما يدل على تميّزه الفكري وحرصه على تقديم الأفكار الجيدة دائماً، بالإضافة الى أن أسلوبه في الكتابة يعجبني ويهتم كذلك بالموضوعات القريبة من الناس.
انتُقد الفيلم لعدم توضيحه أسباب انحراف الأبناء، ولاهتمامه فحسب بمفارقة أن تفوز أسرة فيها هذه المشكلات كلّها بلقب «الأسرة المثالية»؟
لكلّ شخصية في الفيلم مكنونها الذي يبرهن عن سلوكياتها، لكني اهتممت أكثر بالمضمون العام بدلاً من تفسير كل معلومة بشكل مباشر، لأن السينما المباشرة برأيي هي أضعف أنواع السينما.
رأى البعض أن الفيلم كان أشبه بحالة مسرحية، إذ تدور الأحداث في مكان ضيّق وخلال يوم واحد؟
لم يتطلّب موضوع الفيلم مني التصوير في أماكن عدة لأنني أتحدّث عن أسرة معيّنة وأرصد حياة كل فرد فيها، وقد قصدت أن يكون التصوير كله داخل المنزل لأوضح حالة المتاهة التي طرأت على أفراد الأسرة. فعلى رغم أنهم يعيشون معاً تحت سقف واحد، إلا أن ثمة مسافات نفسية كبيرة تفصل بينهم .
لماذا أظهرت لبلبة بالحجاب في هذا الفيلم؟
لأن ظهورها بالحجاب يضفي جزءاً من المصداقية والطبيعية والواقعية على الفيلم، خصوصاً أن الشخصية التي تقدّمها تعمل في الشؤون القانونية بإحدى المصالح الحكومية، وإذا نظرنا إلى الواقع سنجد أن كل العاملات في هذا المجال يرتدين الحجاب.
لماذا اخترت وجوهاً جديدة بدلاً من نجوم شباك؟
لأنها أنسب من يقدّم هذا الفيلم، فالنجوم سيشعرون المشاهد بعدم المصداقية، لأننا كجمهور شاهدناهم كثيراً ونعرف سنّهم الحقيقي فلا يصح أن أقدم فنانة عمرها 27 سنة على أنها في السابعة عشرة. ثم إن التعامل مع الوجوه الجديدة أمتع بكثير لأنني أُخرج منها طاقات كثيرة ويثمر مجهودي معها نتاجاً جيداً، وهذا ما حدث بالفعل.
ظهرت زوجتك الفنانة تاتيانا في الفيلم ضيفة شرف، فلماذا لم نشاهدكما في أفلام معاً؟
إذا توافر لها دور جيد ومناسب في فيلم أخرجه، فلن أتردد في اختيارها مثلما رشّحتها لدور المذيعة في «عائلة ميكي».
أخبرنا عن فيلمك الجديد Euc؟
يتمحور حول مشكلة التعليم في مصر وأركّز فيه على أن عدداً كبيراً جداً من خريجي الجامعات لا يفهمون شيئاً من تخصّصهم، إذ إن ثقافتهم ضئيلة وينجحون معتمدين على الحفظ لا الفهم.بالتالي من الصعب أن يكون هؤلاء نواة المجتمع.