ما بين السينما والمسرح ..... ما بين الجنة والنار!

  • مقال
  • 11:43 صباحًا - 21 نوفمبر 2010
  • 3 صور



صورة 1 / 3:
سعاد حسني
صورة 2 / 3:
شويكار
صورة 3 / 3:
وجه سعاد حسني تحت النظارة الشمسية

لماذا نحب السينما إلى هذا الحد؟
حياتنا ليست سوى مجموعة من التقمصات واﻻستعارات ، والدنيا مليئة بعشاق يصل ولعهم بالسينما إلى حد الوله، بينما ﻻ تتجاوز العلاقة بالمسرح دفء الزواج السعيد .
المسرح يقدم حياة بديلة ، إستطاع أن يعيش ويتجاور مع السينما حتى اﻻن لكننا يمكن أن نتحدث عن رواد ﻻ مجانين مسرح ، بينما ﻻ يمكن أن نحصي مجانين السينما حول العالم، حتى بين فئة صناع الخيال من الكتاب والشعراء ، الذين يفترض أنهم يعرفون سر الصنعة !

ماذا فى هذيان حائط "الظلال اللذيذ كما سماه جان بول سارتر الفليسوف وكاتب السيناريو الفرنسي " ما الذى يجعلنا نتوله به إلي هذا الحد ؟
السر يكمن فى أن إستعارة السينما أكثر نقصاناً من إستعارة المسرح فهى تشبه الحياة بأقل مما يشبهها ، المسافة الكبيرة بين الحياة والظلال المتحركة تمنح مشاهد السينما القدرة على التقمص والحرية فى إختيار الأقدار .
الموت فى السينما إفتراضي .. ليس كالموت على المسرح والحب فى السينما ليس كالحب في المسرح ، فى الحرب بوسعنا أن نحزن أقل لأن ظلاً مات أمامنا على الشاشة ، وليس شخصاً حقيقياً يسقط ويسحب إلى ظلام الكواليس وفي الحب بوسعنا أن نأمل في إمكانية إمتلاك المحبوبة ﻻن حبيبها مجرد ظل .

اﻻبطال من لحم ودم على المسرح يرتبطون بمصائرهم ، ويشغلون مساحتهم ، ﻻ يتنازلون عنها ، على عكس الظلال المتحركة الهشة ، سهلة الإزاحة .
على أيام مراهقتي ، كان من السهل أن نزيح عبدالحليم حافظ بمنتهى السهولة من سرير نادية لطفي، لكننا ﻻ نجرؤ على أكثر من التلصص على مفاتن شويكار بسبب واقعية فؤاد المهندس على المسرح ، على الرغم من الفارق بين تدله نادية لطفي فى حليم ، وبين البرانية التى تتعامل بها شويكار على المسرح مع قؤاد المهندس ، وتجعل منه رجلاً مثالياً لكي يخان.

فى أفلام المراهقة كانت تسحرنا إستعارة أخرى داخل إستعارة السينما ، النظارة الشمسية التى كانت تضاعف فتنه بطلاتنا وتعيننا على اﻻستيهام ، بأكثر ما يقدم لنا لباس البحر . والفضل لشركات النظارات التي إهتدت إلى إستعارة العمي !! العين شباك يفتح الروح على العابر والزائل والنسبي وإنغلاق الشباك، بشارة بإطلالة أرحب على المطلق .

العراف أعمي في كل الثقافات تقريباً

العمي يوسع المعرفة ، وفى الوقت نفسه يوسع حدود الحرية من خلال وهم عدم المعرفة .. في قصة يوسف إدريس"بيت من لحم" أباحت بنات البيت الأعمي لأنفسهن جميعاً ﻻنه ﻻ يرى ، وبوصلته كانت خاتماً يتنقل بين أصابعهم ، فى تواطؤ بين الجميع .
ﻻبد للمبصر أن يخوض تجربة العمي ، ليري إن كان الأعمي يخاف ، لكن بخبرة مبصر فإنه يخيف ، ﻻ يمكننا أن نحدس ما يفكر فيه الأعمي ، وﻻ أن نعرف أين ينظر وهذه هي سلطة العمى التى إستعارتها التجارة لنظارات الرجل الشمسية .
العمي الذكوري يختلف عن الأنثوي ، فى لوحات الإعلان الكبيرة بالشوارع وما تبيعه الشركات في نظارات الجنسين شىء مختلف .. وجه الرجل تحت النظارة ﻻ يشترط أن يكون جميلاً ، وﻻ يشترط أن يكون الشعر مصففاً حسب الموضة ، هو غالياً نابت اللحية ، قصير الشعر ، لكن بادىء الهيبة.
اﻻعلان يبيع القوة فى نظارات الرجل ، أو وهم القوة فى الغموض .
"الرجل الغامض بسلامته متخفي ف نضارة" هكذا غنت سعاد حسني من كلمات صلاح جاهين.
المخيال حول المرأة في عالم العمى المستعار مختلف ، جمال البشرة والشعر واضحان ، والمساحة الزجاجية المعتمة على الوجه تبث غموضاَ ووعداً .. تيمة ﻻ تتغير في الأفلام وإعلانات الشوارع على السواء .. النظارة مثل قيد والعين المقيدة تستدعي أزمنة الغزو والسبي ، وتوحي بيدين مقيدتين حول الظهر.

من كتاب "الغواية"

وصلات



تعليقات