أقيمَ اليوم على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ندوة تحت عنوان "الحفاظ على تراث السينما المصرية" ، أدارها الدكتور خالد عبد الجليل رئيس المركز القومي للسينما ، في حضور الباحث والمخرج محمد كامل القليوبي ، وعضوين من المركز الثقافي الفرنسي وهم ريجيس روبرت منسق وموثق السينماتيك الفرنسي ، وبياتريس دي باستر مديرة أرشيف الفيلم الفرنسي في المركز القومي للسينما ، واعتذر عن الحضور جيان لوكا فارينالي مدير عام السينماتيك الإيطالي .
وبدأت الندوة بحديث الدكتور خالد عبد الجليل عن أهمية الحفاظ على التراث السينمائي المصري في مشروع خاص بالدولة ، بعد ضياع العديد من نسخ الأفلام المصرية القديمة ، والفكرة رغم قدمها إلا أن خطوات جادة قد اتخذت الآن لصنع "سينماتيك مصري" يحفظ تراث مائة عام من السينما ، وذلك بعد أن تم النخطيط لجعل متحف عمر طوسون متحفاً للسينما ، بعد الاتفاق بين وزارة الثقافة المصرية ونظيرتها الفرنسية على تنفيذ هذا المشروع الهام .
تحدث بعدها الدكتور محمد كامل القليوبي ، موضحاً في البداية الفارق بين كلمة "أرشيف" وكلمة "سينماتيك" ، حيث يكون الأرشيف أشبه بدار الوثائق ويحفظ فيه النيجاتيف آمناً ، ولكن السينماتيك هو أقرب لمتحف سينمائي مُتاح للجمهور من أجل المشاهدة والتعرف على تاريخ طويل من السينما ، بعدها أبدى سعادته الكبيرة بالاتفاق الذي حدث نظراً لأن هناك تاريخ طويل وعريق للسينما المصرية ضاع لأسباب مختلفة سواء للسرقة أو للإهمال ، لدرجة أن 25% من تاريخ السينما المصرية يعتبر ضائعاً ، لذلك فهناك أهمية كبيرة لهذا المشروع من أجل الحفاظ على تاريخنا السينمائي .
وأوضحت بياتريس دي باستر أن الوضع في مصر يتشابه نسبياً مع فرنسا التي ضاع الكثير من تاريخ أفلامها القديمة لأسبابٍ مختلفة ، لذلك فهي متفائلة لقدرة الخبراء الفرنسيين في المساعدة بخبراتهم في هذا المشروع ، خصوصاً مع إدراك الجميع لأهمية التراث السينمائي المصري ، وهو ما ظهر واضحاً حين عُرِضَ فيلم " المومياء" في باريس بعد أن رممه المخرج الكبير مارتن سكورسيزي ، وقالت بياتريس أنها من اختارت قصر عمر طوسون كمقر للسينماتيك المصري ، نظراً لأنه مكان أثري وله أهمية تاريخية لبناءه من القرن التاسع عشر .
وهو نفس ما أكد عليه ريجيس روبيرت حين أبدى سعادته لإيجاد مكان في مصر لتنفيذ مشروع للسينما في العالم ، مؤكداً أن الخبراء في فرنسا وأوربا لن يبخلوا في أي جهد لخدمة هذا المشروع ، الذي لن يقتصر - حسب قوله - على الأفلام فقط ، ولكنه سيمتد لما أسماه "التراث السينمائي غير المنظور" وهو كل ما يتعلق بصناعة الفيلم ، منذ أن كان ورق على السيناريو ، مروراً بالملابس أو الكاميرات أو الديكورات أو الأفيشات أو أيًّ مما بقى من تاريخ صناعه ، ونظراً لإبداء الكثير من السينمائييين المصريين مشاركتهم بما جمعوه على مدار سنوات فإنه يعتقد أن المتحف سيكون تاريخياً وهاماً للعالم ككل وليس لمصر فقط .
وكان ضمن الحضور في القاعة المنتج السينمائي جابي خوري الذي سأل هل سيكون المتحف مقتصراً على السينما المصرية فقط ، أم سيمتد ليشمل السينما العربية أيضاً ، وأجابه الدكتور خالد عبد الجليل أن المتحف يخص السينما العربية كلها ، بل أن هناك طموح كبير بأن يمتد الأمر ليشمل السينما العالمية كذلك .
وسأل المخرج الكبير يسري نصر الله الذي حضر الندوة من بدايتها عن إمكانية إيجاد النيجاتيف الأصلي الذي صور في الفيلم ، نظراً لما تعرضت له بعض الأفلام المصرية من تشويه عند شراءها من الفضائيات الخليجية ، فأجابه الدكتور محمد كامل القليوبي بأن هناك بالفعل بعض نيجاتيف الأفلام تم تشويهه ولكن الأغلبية لازال موجوداً ، وهو ما سيتم العمل على ترميمه كما صُنِع .
وفي الختام سأل أحد الحضور عن الوقت المنتظر لكي يخرج المتحف إلى النور ، فرد الدكتور خالد عبد الجليل أن التصور المبدئي يقول أن هناك عام سيكون لترميم متحف عمر طوسون ، وعام آخر من أجل إعداده للسينماتيك ، وبعدها يمكن أن يتحول الأمر إلى حقيقة ونصبح نمتلك متحف للسينما في مصر ، وهو حلم كبير دعا الدكتور خالد الجميع إلى التكاتف من أجل تحقيقه .