أكد المخرج علاء الدين كوكش أن المشهد الإعلامي العربي ما زال في مرحلة تخبط ولم يستقر بعد، وأن أغلب أفكار البرامج غربيّة وغريبة عن تقاليدنا وقيمنا، لذلك ما زلنا في حالة بحث عن لغة تواصل مع الناس، وأعتقد أننا نحتاج إلى زمن أطول حتى نستقر على أفكار نابعة من قيمنا.
ويرى كوكش أن الدراما التلفزيونية السورية قطعت أشواطاً مهمة في طريق الوصول إلى المُشاهد في العالم العربي، وانتزعت المشاهدين من السينما الأميركية. كما يعتبر أن اتجاه الجمهور إلى الدراما التركية انتكاسة، لأن هذه الدراما اعتمدت على اللهجة السورية في الوصول إلى المشاهدين العرب قائلا " البيئة التركية مشابهة للبيئة السورية، لدرجة أن المشاهد العربي يشعر أنه يتابع مسلسلاً سورياً، وهناك بذخ إنتاجي على الأعمال التركية وهذا ما ينقصنا، حيث من الملاحظ أن أعمالنا فقيرة إنتاجياً وهذا خلل كبير".
وعاب كوكش على شركات الإنتاج الدرامي السورية خضوعها لمطالب السوق لأنها ابتعدت عن قواعد التلفزيون السوري الذي يعتبر الأكاديمية الحقيقية للدراما، والذي أسس بشكل صحيح، وبدأت تخضع لمطالب السوق، وهذه المطالب معروفة للجميع، "فالإعلان هو المسيطر على المشهد الدرامي العربي"، وشركات الإنتاج لم تعد تُقدِم على أي عمل درامي ما لم تأخذ ضوءاً أخضر من إحدى الفضائيات، ومن ثم بدأت الدراما السورية ترتهن لعوامل أخرى خارجية خارج أطر التأسيس، "لدي خوف حقيقي على هوية الدراما السورية"، ويتم الآن سحب البساط من تحت المخرجين، فبدلا من أن يكون المخرج هو الأول في العملية الدرامية، أصبح في المرتبة الثالثة والرابعة، فالمحطة أولاً، والشركة المنتجة ثانياً، والنجوم ثالثاً، وهذه ظاهرة خطرة بدأت تتسع في الدراما السورية، وكأننا لا نعرف أن أحد أهم أسباب تراجع الدراما المصرية هي هذه الظاهرة المقلقة".
وحول أسباب إبعاد المخرجين المخضرمين عن العمل في الدراما السورية قال كوكش إن شركات الإنتاج تفضّل المخرجين الشباب على ما عداهم لعدة أسباب، منها الأجر، حيث أجور الشباب أقل بكثير من أجور المخضرمين، علاوة على أن كثيراً من المخرجين الجدد ليس لهم رأيًا فنيًا، ويعطي الشركة المنتجة حق اختيار الممثلين، معظم المخرجين العاملين اليوم ما زال تنقصه الخبرة، فعملية الإخراج عسيرة وصعبة وتحتاج إلى جهد وثقافة وتجربة.
ويعكف كوكش حاليا على إخراج مسرحية بعنوان " السقوط"، التي بدأت بروفاتها النهائية في العاصمة القطرية الدوحة، موضحًا إن صاحب فكرة العمل المسرحي هو هاشم السيد، وهو رجل أعمال قطري لديه عدة شركات منها شركة "إيكوميديا للإعلام" التي أنتجت في العام الفائت مسلسل " سقوط الخلافة"، ونحاول من خلال هذه المسرحية الإشارة إلى مواطن الضعف العربي، وهي كثيرة للأسف، فنحن نعيش زمن السقوط على كل الأصعده، وارتأينا ألا نقدم مسرحية متكاملة لأنها لن تستطيع الإحاطة بالمشهد العربي العام، لهذا تأتي المسرحية في عشر لوحات، كل لوحة منها تتناول جانباً من جوانب السقوط، وقد أقمنا ورشة عمل ضمتني مع الفنانين الكبيرين دريد لحام وعمر حجو، والمخرج المسرحي العراقي محسن العلي. وأشار أن المسرحية أعادت الفنان دريد لحام إلى المسرح بعد اعتزاله وهذه إضافة للعمل الذي نرجو أن يصل للناس.
ويعد كوكش المولود في عام 1942 وخريج علم الاجتماع والفلسفة في جامعة دمشق، من أصحاب التجربة الطويلة والمميزة في المسرح السوري، عندما كان يعيش فترته الذهبية، حيث أخرج أربعة أعمال مسرحية هي "الفيل يا ملك الزمان" تأليف سعد الله ونوس عام 1969، و" حفلة من أجل 5 حزيران" تأليف سعد الله ونوس 1970، ومسرحية "لا تسامحونا" عام 1972 بالتعاون مع المخرج العراقي فيصل الياسري، وفي 1976 مسرحية "الطريق إلى مأرب" للكاتب اليمني محمد الشرقي، كما له العديد من النصوص المسرحية، وهو قاص وروائي، وقدم أكثر من مسلسلٍ تلفزيوني بدءاً بـ من " أرشيف أبو رشدي" عام 1967 وانتهاء بـ" أهل الراية" عام 2008.