قليلون من يملكون روحاً مقاتلة، متسامحة في الوقت ذاته، فعادة المحاربون القسوة وعدم الغفران، لكن صاحبنا هذه المرة فنان مقاتل بطبعه منذ بداية طريقه الفني ككاتب للسيناريو، حتى حقق حلمه بالإخراج في فيلم حاز على إعجاب الجميع، وفجر قضية حساسة يعاني منها المجتمع المصري بشدة في السنوات الأخيرة، مما أدى لتشديد قوانينها وتجريمها، وشارك في ثورة 25 يناير حاملاً روحه ليقدمها دون انتظار أي مقابل، تماما كما قبل أن يخرج فيلمه الأول دون مقابل، حيث تتحكم فيه روح المقاتل الذي يرغب في تأدية الواجب بلا ثمن.
وتشع من خلال هذه الروح المقاتلة طاقات لا محدودة من التسامح، تجعلك تتصور أن صدره في اتساع العالم، حيث يتقبل ما لا يتقبله أحد، بابتسامة وصبر وجلد المحاربين، وكأن المحارب خلق للتسامح.
محمد دياب ابن الاسماعيلية الذي بدأ حياته مؤلفاً لفيلم الجزيرة، صاحب البشرة السمراء والشعر القصير والعيون المبتسمة التي تسكن وجهاً بيضاوياً شديد المصرية قال فيه المختصون " يصادف ان اصحاب الوجه البيضاوي لهم حظ كبير بالحياة ، وهم عادة ذوات اخلاق هادئة ونفوس كريمة طيبة فهم يحبون المرح ويسعدون بالحياة وليس من طباعهم المكر والدهاء... فوجوههم كالكتاب المفتوح يمكن لاي شخص ان يعرف ما بداخلهم , وهم غالبا طيبين القلب لدرجه كبيرة" ، وكأن دياب قد أتي ليؤكد النظرية التي تشبهه تماماً.
صاحب فيلم 678 الذي فضح فيه التحرش كان حريصاً خلال ثورة يناير على ملازمة الميدان، على التصدي من خلال بعض البرامج لاعداء الثورة، وعلى كتابة مقالات تحرر عقول الناس وتدعوهم للايمان بقدراتهم في تحديد مصائرهم.
محمد دياب الفنان الذي يخطو بخطوات واثقة نحو حلمه، الذي يدركه جيداً ، والانسان الذي يستعد خلال شهور قليلة ليكون أباً للمرة الأولى، شاب مصري تماماً تعلم أن يفعل مايؤمن به، ليؤمن به الجميع فيما بعد، وان هاجموه في البداية، لتبقى على وجه ابتسامة مريحة تبقى حتى ينتهي الهجوم ويبدأ الاقتناع وتلك سمات القديسين.