ليسَ من الصعب اعتبار جيل جاكوب ، رئيس مهرجان كان السينمائي الدولي منذعام 2001 ، واحداً من رموز السينما في العالم ، حتى ولو لم يخرج فيلماً سينمائياًواحداً ، ولكنه استطاع أن يحول - عبر ثلاثين عاماً من العمل - ضفاف نهر الريفيرا إلى الملتقى السينمائيالأهم ، والحدث العالمي الأكثر سطوعاً وبريقاً بعد مونديال الكرة ربما !
ولد جاكوب عام 1930 لعائلة يهودية ، وهو ما جعله يعاني أثناء فترة مراهقتهمن قسوة الحرب العالمية الثانية وخطر النازيين ، ولكن ما انتهت تلك المرحلة .. إلاوكانت فرنسا تنتفض سينمائياً بوجود أسياد "الموجة الفرنسية الجديدة" الذين بدأوا من مقاعدالنقاد ليغيّروا تاريخ السينما بعد ذلك ، جودار .. تروفو .. آلان رينيه ومن تلوهم، هؤلاء الذين صاحبهم جاكوب صديقاً وناقداً .. وعاشقاً لما قدَّموهمنسينما بعد ذلك .
ومن خلال مسيرة نقدية طويلة وشغف حقيقي بالسينما ، وصل جاكوب عام 1977 إلىالأمانة العامة لمهرجان كان ، الذي امتلك وقتهاقدراً كبيراً من الأهمية .. ولكنهلم يصبح بعد أهم مهرجان سينمائي عالمي كما سيحدث بعد ذلك .
أهم ما فعله جاكوب طوال تاريخه مع المهرجان هو منحه السطوة الحقيقية في كلشيء للمخرجين وليس للمنتجين أو النجوم ، ليصنع ما يُسمّى بـ"مخرجي كان"، الذين يسعون دوماً أن يكون كان هو التظاهرة الأولى لعرض أفلامهم ، وعن طريق منح مساحة كبيرة من حريةالانتقاد السياسي والاجتماعي - حتى لفرنسا ذاتها - فإن بصمة جاكوب في فتح بابالمهرجان لأفلام مختلفة وأكثر جرأة تبدو واضحة .
جاكوب كذلك حوّل المهرجان لـ"تظاهرة ثقافية" ، تدعم السينما بكلالسبل .. عن طريق إضافة أقسام جوائز للأفلام الأولى ، وقسم للأفلام القصيرة ، وقسم "نظرة ما"الذي يعرض أفلاماً هامة خارج المسابقة ، وكذلك وقف بشدةخلففكرة"درسالسينما"الذييستمر طوال أيام المهرجان ، مع قسم خاص للأفلام القصيرة من جميع أنحاء العالم التي يدعم من خلالها المخرجين الشباب ، وآخر للأفلام الكلاسيكية التي يساعد فيها في ترميم روائع السينما حول العالم وتقديمها بصورة وجودة أفضل .
ويحرص جاكوب بكل السبل على أن يضع "كان" في المقدمة دوماً ،محاولاً استغلال كافة الإمكانيات التي تجعله القِبْلَة الأولى لعشاق السينما ، ويقول دوماً أن هذاشيء لن يتخلى عنه ، وذلك يلقبه الكثيرين بـ""المواطن كان" لأنهويّته صارت من هوية المهرجان نفسه .
يبلغ جاكوب من العمر الآن 81 عاماً ، وسيقف اليوم الحادي عشر من مايو القادم- تماماً ككل عام - في أعلى السجادة الحمراء الشهيرة .. ليستقبل صناع الأفلامالمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان السينمائي الأهم في العالم .