تأصيل الأشياء عادةً ما يكون مُمتعاً ، حيث تنتسب أكبر الأحداث/الأعمال إلى أصل أبسط كثيراً مما يَنْتُج عنها في النهاية ، وبالمثلِ : فإن جلوس سيّدة لبنانيّة في شرفة مَنزلها صَباح يوم هادئ ، وتفكيرها في وليدها المُنْتَظر ، وأنه إن كان ولداً "فإنها لا تُريده أن يذهب إلى الحرب" ، فكرة عابرة بهذه البساطة أنتجت في النهاية الفيلم الثاني للمخرجة اللبنانية نادين لبكي " هلّق لوين ؟" حين فكّرت : ماذا يمكن أن تفعله إذا جاءت الحرب وأرادت أن تمنع ابنها من الذهاب إليها ؟
الفيلم الذي يعرض ضمن مسابقة "نظرة خاصة" في مهرجان كان السينمائي اليوم ، تدور أحداثه في أجواء قرية لبنانية أرادت مخرجتها أن تنفي عنها المكان والزمان لتعطيها لمحة أسطورية تتناسب مع روح الفيلم ، حيث مجموعة كبيرة من النساء تحاولنّ بكافة السبل منع أبناءهن/أزواجهنّ من الذهاب إلى حربٍ أهلية ، وعلى الرغم من اختلافهنّ في العمر والديانة والأخلاقيات .. إلا أنهنّ تتفقن على أمرٍ واحد : لا شيء يستحق أن تفقد أيًّ منهنّ "رَجُلَها" ، وأمام ذلك يظهرنّ "القوة الحقيقيّة للنساء" كما تراها لبكي .
في فيلمها الأول " سكر بنات" رَوَت لبكي قصة مجموعة من النساء في بيروت - إحداهنّ قامت بتأديتها هي نفسها - والمشاكل الاجتماعية والإنسانية التي يعانينّ منها ، وعُرض الفيلم في مهرجان كان 2007 ضمن قسم "أسبوع المخرجين" ، ونالَ قبولاً واستحساناً نقدياً وجماهيرياً ، وتبدو الآن أن خطوتها أكثر ثقة في العمل الثاني الذي يعرض بداخل مسابقة "نظرة خاصة" ، وبدت التقارير الأوليّة التي صدرت عنه جيّدة ، وتمتدح - تحديداً - قدرة لبكي على دمج تراجيديا الحدث المتعلّق بالتمسك بالحياة مع خصوصيّة التناول الكوميدي في بعض الأحيان حين يصل إلى حيل النساء لمنع الحرب ، بالإضافة إلى زخم موسيقي وغنائي يصاحبها دوماً .
شاركت نادين لبكي في كتابة سيناريو الفيلم مع رودني حدّاد ، وشاركت في بطولته كذلك ، وجعلت منه الإنتاج الأضخم في تاريخ السينما اللبنانية حيث كُلِّفَ أربعة ملايين دولار بين شركتي إنتاج لبنانيّة وفرنسيّة ، وتأمل لبكي حين يُعرض الفيلم في كان اليوم .. أن تكون إجابة "هلّق لوين ؟" هي خطوة أخرى للأمام بعد "سُكّر بنات" .