حينما يملأ الظلام عالمك فحتما ستسعى إلى أي بصيص من نور و حينما يملأ الكذب حياتك فأنت حقاً ستلتمس الصدق فيما حولك و حينما ترى الجميع لا يحترم عقلك فأنت حتماً ستنصرف عنهم محاولاً أن تشعر بوجودك ككائن مفُكر يستطيع أن يرى الوهم وهماً و الخداع خداعاً و الكذب كذباً ستنصرف عنهم محاولاً إيجاد من يتواصل معك مُقيماً لك وزناً معتبراً إياك ذو قدرة على التمييز بين الغث و السمين.
بينما سيبدأ التاريخ في مصر بكتابة قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ و بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ ستجد أن هناك من لم يتلونوا أو يتغيروا لم يختلفوا عن ذلك الجسد و الروح و الفكر و ستجد من تغيروا و أختلفوا تبدلت جلودهم سريعاً تغيرت ألوانهم بطريقة أسرع أرتدوا ثياب الحرب رفعوا الرايات أصبحوا ملكيين أكثر من الملك أصبحوا ثوريين أكثر من شهداء الوطن ، ذكرناهم كثيراً و كثيراً لن نكل و لن نمل سنظل فقط نُردد كلمات أمل دُنقل لا تُصالح و لو منحوك الذهب.
في واحدة من تلك الليالي أثناء الثورة المجيدة الذي مازالت أتوق أن أراها حققت أحلام طارق و كريم و أحمد و سالي و كل الشهداء العظام الذين مازالت أغبطهم على أنهم راحلوا عن هذا العالم الكريه بأجسادهم بينما بقيت أطيافهم تعبرنا يوماً بعد يوم تمسح دمعة نزلت عنوة عن أيتامهم، تحتضن برفق زوجاتهم و محبيهم ،تحنو على أعزاء مثلهم ينتظروا أن يرحلوا برؤوسهم المرفوعة .
مثلهم في واحدة من تلك الليالي كانت أمام شاشة التلفاز أُشاهد قناة المحور بعد أن تابعت قنوات عريقة و حيادية و مهنية و واقعية مثل الجزيرة و البي بي سي و السي إن إن قلت لنفسي فلتنظر ماذا يقولون حتى أن رأيت فقلت ياليتني ما رأيت.
مشهد أول:
يدخل رئيس تحرير البرنامج إلى الأستوديو مشيراً إلى الجميع بالصمت فهو يتحدث مع مالك القناة و الذي فيما يبدو كان غير راض عن أدائهم النفاقي و يتطلع إلى المزيد أستمع بحرص عالي إلى ولي نعمته و أضاف إلى كلماته في الرد معاليك و توجيهات سموك و ما إلى ذلك من متطلبات مهنته و في نهاية المكالمة أكد لمالك القناة أن هناك قنبلة و إنفراد سيكون على شاشة قناته ستجعل أصحاب السمو راضون عنه للغاية.
مشهد ثاني:
جلس رئيس التحرير مع الفتاة المنشودة و بادرها قائلاً هل حفظتي الدور المطلوب جيداً أنفعلت و هي تؤكد نعم نعم هل تود أن نقوم بتجربة الآن فرد عليها أنا تنتظر حتى يكون مقدمي البرنامج موجودين و ما أن وصلا حتى بدأ توزيع الأدوار طالباً من الجميع أن يُتقنوا أدوارهم فهو يُريد أن يبدو الأمر طبيعياً و حقيقياً هو يُريد أن يُحقق أكبر ضربة في تاريخ الإعلام المصري هو يُريد أن يكون صاحب أول ضربة إعلامية أجهضت الحرية
قاموا بعرض البروفة بينما هو يسبح في بحور الخيال و يحلُم بالمكاسب التي سيتحصل عليها و سينعم بها لقد واتته الفرصة هو و فريق العمل لخدمة الرأس الكبيرة مباشرة ياله من تفكير شيطاني الذي أتى بهذه الفكرة إلى رأسي قالها و هو يطالبهم بالإتقان في العمل.
مشهد ثالث:
تبدأ الحلقة من البرنامج الإخباري و تبدأ معها تمثيلية مثيرة للضحك مثيرة للإشمئزاز تخيلت نفسي جالس مع يوسف شاهين و نحن نرى تلك الحلقة فإذ به يسقط على الأرض ميتاً من كم الإبتذال و الإسفاف تخيلت نفسي جالس اشاهد هذه الحلقة مع أحمد مكي و أحمد حلمي ملوك الكوميديا في مصر فإذ بهما يعتزلا العمل بعد أن رأوا كيف هبط المستوى إلى ما دون الحضيض.
الضيفة من المفترض أنها تلقت تدريبات هي و زملائها على قلب الحكم بطريقة سلمية يا ريت كلنا نحط خطين تلاتة تحت سلمية دي الضيفة أمضت قرابة السنة في التدريب على يد خبراء أجانب من قطر و أمريكا و صربيا و ماسونيا و زلابية و جزر الأنتيل و جزر فتحية العدوية و عند الست أم بوش و في الآخر مش عارفة تنطق و لا كلمة إنجليزي صح و الكارثة بقى في المحاور و المحاورة إيه يا أخي الحلاوة دي و الجمال ده مفيش اي نوع من أنواع الشك في الكلام اللي بيتقال طب أسألوا أسئلة نضيفة شوية طب حتى بصوا للكاميرا بإستغراب طب أي لقطة كده من لقطات الإندهاش يا أخي واحدة بتقلك إتدربت على قلب نظام الحكم أول حاجة أعملها أطلع موبيلي و أتصل بالشرطة و الجيش و المخابرات أفضل قاعد أدردش مع الأمورة كده عادي.
و تنتهي المأساة الهزلية على يد الكاتب المبدع بلال فضل بعد كشفه للشخصية الوهمية الهلامية الزلالية و هي صحفية مش عارف في جورنال إيه.
عادي ما إحنا ياما أتعودنا منكم و من أشكالكم على أكتر من كده
لحد ما جه فنان بجد و عمل كل اللي مصري بجد كان نفسه يعمله أتصل بيهم و واجههم على التليفون ،فنان قدم لنا حلم جميل في أحد أفلامه ، حلم جميل حقيقة، قدمه بطريقة كوميدية مبدعة خلتنا و إحنا بنضحك نحلم و نفكر و إحنا بنفكر نتمنى و الحماس ياخدنا إنه هيجيلنا يوم و نبقى فعلاً أمة عظيمة
صحيح أنت عملت سلاح يردع عدونا في فيلم كوميدي لكن ردت بسلاح الصدق على كل منافق و كذاب بيستخف بعقولنا و بيحاول يلبسنا العمة
انه الفنان الحقيقي أحمد عيد الذي جعل صناع برنامج المحور المشبوه يعرفون قيمتهم.