نجح السيناريست ناصر عبدالرحمن خلال سنوات عمله فى أن يكون أحد أهم الكتاب الذين تعبر أعمالهم عن معاناة فئة عريضة من فئات الشعب المصرى، فنجح بأعماله فى تكوين قاعدة فنية خاصة به بين جمهور السينما فى مصر بعد أن وضع مشاكل تلك الفئة أمام أعينهم، خاصة أن معظم أفلامه ناقشت قضايا اجتماعية هامة لعل أهمها الفقر الذى يخرج من رحمه العديد من المشاكل مثل الإرهاب وحقد الطبقات على بعضها، إلا أن "ناصر" فاجأنا جميعاً مؤخراً بإعلانه خوض أولى تجاربة فى الدراما التليفزيونية من خلال مسلسل " الصعايدة جبال الصبر" وفى السطور القليلة القادمة يشرح "ناصر" لموقع السينما أسباب اتخاذه مثل هذا القرار الجرئ.
كيف اتخذت قرار خوض تجربة الكتابة التليفزيونية فى هذا التوقيت تحديداً خاصة وأنك نجحت فى التعبير عما يدور داخلك من خلال السينما؟
بداية أريد أن أؤكد أن المنتج محمد فوزى المسئول عن إنتاج المسلسل هو السبب المباشر فى دخولى هذه التجربة التليفزيونية الجميلة، ولولا الحماس الشديد الذى أظهره لى ما كنت قررت كتابة عمل تليفزيونى من الأساس، ثانياً، لا أستطيع أن أنفى تخوفى فى البداية من خوض الدراما التليفزيونية، وهو ما أكدته للمنتج محمد فوزى، إلا أن إصراره وتشجيعه كان له الفضل فى موافقتى أخيراً على كتابة العمل، وأنا سعيد بوجودى كضيف على الدراما خلال رمضان القادم.
وهل كانت الفكرة موجودة بالفعل أم أن أنك قمت باختيارها بعد اتخاذك قرار الموافقة؟
فكرة المسلسل هى جزء من مشروعى الفنى الكبير، فهى تتحدث عن صراع أهل الصعيد فى المدينة بعد هجرتهم من أقصى جنوب البلاد إلى أقصى شمالها، فهى دراما مليئة بالمواقف الإنسانية والحياتية الصعبة، خاصة فى ظل شعور هؤلاء المستمر بالغربة والخوف لتواجدهم فى بيئة لم يعتادوا عليها.
ولماذا لم تختار فكرة جديدة بعيدة عن مشروعك خاصة أن هذا هو عملك الدرامى الأول؟
لأننى مقتنع تماماً أن المسافة تزداد اتساعاً من جيل إلى جيل، وأقصد هنا الجيل الأول الذى هاجر من الصعيد إلى المدينة، وتحديداً فى فترة الأربعينيات، فرغم قسوة الحياة فى المدينة منذ قديم الأزل بالنسبة لهم إلا أن هذا الجيل تمسك بجذوره وحافظ عليها، لكن الأجيال التالية انشغلت "بلقمة العيش" والضغوط النفسية والعصبية فى المدينة وابتعدت عن فكرة التمسك بالجذور عن ذهنهم.
ولكنها سنة الحياة؟
بالتأكيد، لكن عندما تنظر إلى الجيل الأول الذى أتحدث عنه من خلال المسلسل والذى يحسب له أنه كان سبباً رئيسياً فى تشييد العديد من المناطق فى القاهرة والجيزة مثل منطقة فيصل على سبيل المثال لا الحصر، ستجد أن نجاحهم عملياً فى المدينة من خلال مشاريعهم التجارية والمالية لم يمنعهم من التمسك والتشبث بأفكارهم وعاداتهم، وهو ما يظهر واضحاً فى انشائهم لجماعات ومجتمعات خاصة بهم فقط، بل ونجحوا فى إنشاء عائلات كاملة لهم فى المناطق التى جاءوا إليها من اقصى الصعيد، ويتضح هذا من مجتمع سوق روض الفرج، ففى فترة من الفترات كان من يذهب إلى هناك يشعر أنه فى الصعيد وليس فى القاهرة، حتى الصراعات هناك كانت بين العائلات وبعضها كما يحدث فى الصعيد تماماً، وقد تابعنا جميعاً المشاكل بين عائلات الرهاينة وأولاد غريب والكوامله، إلى أن تقرر نقل السوق إلى مدينة العبور فشعر هؤلاء بالغربة مرة أخرى واضطروا إلى الهجرة مرة أخرى من سوق روض الفرج إلى منطقة العبور، وهذا ما ناقشته من خلال فيلم "المدينة" لهذا أنا أعتبر نجاحهم رغم قسوة الحياة نجاح أسطورى دون شك.
معنى هذا أنك ستعقد مقارنات بين الجيل الأول والجيل الحالى؟
ليست مقارنة بالمعنى المعروف، المسلسل يناقش الحنين الكبير الذى تشعر به الشخصيات الرئيسية تجاه موطنها الأصلى، ويناقش أيضاً حلم العودة الذي يلح عليهم باستمرار خاصة مع تحقيقهم للنجاح فى المدينة مما يمنع معه تحقيق هذا الحلم، مما يجعل المسافة النفسية تزداد داخلهم،وفى الوقت نفسه نرى أن شكل المدينة وصل إلى الصعيد نتيجة زيادة عدد أهل الصعيد فى القاهرة، لذا فإن المسلسل سيأخذ شكل السيرة الهلالية، لأنها ملحمة كبيرة جداً من الصراع تمزج بين الواقع والخيال، وبين الاسطورة والتفاصيل الانسانية المعتادة.
هل ينقسم المسلسل إلى أكثر من جزء خاصة وأن معظم المسلسلات التى تناقش مثل تلك المشاكل يضطر مؤلفها لتقسيمها إلى أجزاء نتيجة تعدد الشخصيات وكثرة الأحداث؟
ما تحدثنا عنه منذ قليل سيكون فى حدود 30 حلقة، تم تكثيف أحداثها بشكل جيد مع الاحتفاظ بالقالب الدرامى وتطور الأحداث والشخصيات، وسيكون هناك جزء ثانى بعنوان أبو الروس لكننى لا أستطيع الحديث عنه الآن لأننى لازلت فى مرحلة الكتابة.
هل كانت لك رؤية معينة فى اختيار فريق العمل؟
أنا من مدرسة محسن زايد، أى أننى وبمجرد انتهائى من كتابة الورق أرفض التدخل فى عمل المخرج أو شركة الإنتاج، فلكل منا تخصصه، خاصة وأن مخرج هذا العمل هو حسنى صالح صاحب التاريخ الكبير فى الدراما والذى سبق وقدم لنا مسلسلات " الرحايا" و" شيخ العرب همام" و وادى الملوك.
هل تم ترشيح باقى فريق العمل بعد اختيار سمية الخشاب؟
يسأل فى هذا الأستاذ حسنى صالح.
إلى أى مرحلة وصل فيلم " سره الباتع" مشروعك القادم مع خالد يوسف؟
جارى الإعداد حالياً للفيلم ويقوم الأستاذ خالد بعمل تكوينه للإنتاج لأن الفيلم ضخم الإنتاج جداً جداً، والفيلم به الكثير من التفاصيل، لدرجة أننى شعرت أننى أكتب للمرة الأولى فى حياتى خاصة مع صعوبة الكتابة عن الشخصية المصرية بشكل مباشر.
وهل يدور الفيلم حول الحملة الفرنسية عن مصر بالفعل؟
جزء من أحداث الفيلم تدور حول الحملة الفرنسية.
وما موقف فيلم سره الباتع بعد إعلان خالد يوسف الدخول فى مشروع تحويل رواية أولاد حارتنا إلى فيلم؟
يسأل فى هذا الأستاذ خالد أيضاً فهذه تفاصيل لا علاقة لى بها.