غادرت وجه مصر أحد إبتساماتها العريضة، لتدفن في أحشائها، غيب الموت سهير الباروني أحد أهم الكوميديانات في تاريخ مصر الفني، لتعود إلى ثرى وطن أضحكته يوماً وأدخلت البهجة على قلبه، رحلت صاحبة الأغنية الكوميديا الشهيرة "وأنا عاملة نفسي نايمة" وعشاق فنها يتمنون أن تكون فعلاً "عاملة نفسها نايمة" ولم تغادرنا إلى جوار رب العالمين.
بدأت سهير حياتها على خشبة مسرح الريحاني في أدوار صغيرة، قبل أن تشارك ثلاثي أضواء المسرح الضيف أحمد و جورج سيدهم و سمير غانم مسرحياتهم وتكشف عن خليفة محتملة للفنانة الكبيرة زينات صدقي، وتأتي الرياح على عكس ما تشتهي السفن وبدلاً من أن تحتل الباروني الصف الأول على الأقل في الأفلام الكوميدية، فضل صناع هذه الأفلام الإعتماد على الفنانات صاحبات الملامح الجميلة والمثيرة طمعاً في المشاركة في الجذب الجماهيري مع وجود الفنان الكوميدي في دور البطولة، ولكن المدهش أن سهير لم تتراجع فقط للدور الثاني كما فعلت مرشدتها زينات صدقي بل سقطت في أدوار هامشية صغيرة .
بدأت حياتها الفنية عام 1955عندما شاركت فى فيلم " أيام وليالى" مع عبدالحليم حافظ، وبعدها شاركت فى العديد من الأعمال السينمائية مع عدد كبير من النجوم، ومن هذه الأفلام " عريس مراتى و بين القصرين و 30يوم فى السجن، مرورا بأفلام " سمع هس، و الجواز للجدعان"، حتى شاركت فى آخر عملين سينمائيين لها هما " فول الصين العظيم" و" قصة الحى الشعبى".
ولكن كما هي طبيعة الحال دائماً تنزوي الاضواء، تقل مساحة الظهور حتى تتلاشى، وتبقى موهبتها حبيسة الروح تشكل إرهاقاً لإبتسامة حاولت أن تحتل الوجه لكنه آبي، لقلة طموح هذه الإبتسامة، ولقلة علاقاتها الفنية، وعدم إهتمامها سوى بغزل الضحك على ثوب الفن.
غادرت سهير الباروني في صمت في أيام مليئة بالأحداث، غادرت الباروني دون أن يشعر بها أحد، ودون أن يشيعها أحد، في علامة خاصة لكل المؤمنين بالعلامات، بأن البهجة تتسرب من جنبات الوطن ونحن عنها غافلون، وويل لمن يتجاهل العلامات، رحمة الله عليك يا سهير.