بسم الله الرحمن الرحيم "والشعراء يتبعهم الغاوون"، صدق الله العظيم، ورغم هذا كان للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من شاعر هم هم كعب بن مالك وحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة، وقال عبد الرحمن بن كعب عن أبيه أنه قال: يا رسول الله قد أنزل الله في الشعراء ما أنزل، فقال الرسول إن المجاهد مجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده (لكأنما) ترمونهم به نضح النبل، صدق رسول الله.
أي أن رسول الله كان يستخدم الشعر وسيلة إعلام عصره في الرد على أعدائه كما ورد في السيرة النبوية العطرة، وهو جائز طالما أفاد ولم يضر، لذلك كانت حادثة طرد طاقم عمل مسلسل ذاتمن حرم كلية الهندسة جامعة عين شمس حدث صادم للمتدينين قبل غيرهم، حيث أخيراً تصدت جهة إنتاج جريئة - مصر العالمية - للمنتج جابي خوري لإنتاج عمل حقيقي عن تاريخ مصر في أخر 60 عام، عن رواية لكاتب عملاق في حجم صنع الله إبراهيم، يرصدون فيها تاريخ مصر الحقيقي بدقة متناهية، التاريخ الذي تم تزييفه عدة مرات، ليتم مثلا إختزال حرب اكتوبر العظيمة في معركة الجوية، وغيرها، ويكشف أيضاً نضال طلبة الجامعة خلال تاريخ مشرف لم ندرسه يوماً في مدارسنا لحرص الطغيان على إخفائه، خاصة ونحن أحوج ما نكون في مثل هذا العصر لمعرفة تاريخنا الحقيقي، لنعلم أين كنا نقف، وأين وصلنا، لنستطيع التقدم، ويتم إختزال مسلسل بتلك الأهمية في طول ملابس بطلته في بعض المشاهد.
ومن المحزن أن يكون إعتراض طلبة الكلية المولود أكبرهم في بداية تسعينيات القرن الماضي على نوعية ملابس بطلة المسلسل نيللي كريم، التي كانت تؤدي مشهداً في بداية السبعينيات، التي لم يعيشها أحداً منهم ولم يعرف طبيعة زي تلك الفترة ولم يعاصره، قبل وصول الحجاب مصر في نهاية السبعينيات مع عودة عاملي الخليج، وكأننا صرنا نرفض ما لا يتماشى معنا دون أن نحكم عقلنا لحظة.
اعتبر الطلبة ما حدث فتحاً إسلامياً عظيماً، خلفوا فيه الفاتحين الإسلاميين القدامى، ليحضرني يوم قاطع شاب الشيخ الغزالي على المنبر ليسأله عن حكم تقصير الجلباب، ليسأله الشيخ العظيم عن طبيعة دراسته، وعندما علم أنها الصيدلة، طرده من الجامع طالباً منه أن يستزيد من دراسة الصيدلة ويبرع فيها كي يفيد الأمة.
ويبقى إنصياع إدارة الكلية لمثل هذه "البلطجة" المغلفة بحماية الدين عملاً مشيناً، يستحق أن ترفع شركة الإنتاج قضية على تلك الإدارة التي أخلت بإتفاقها والتصريح الممنوح بالتصوير مما تسبب عنه خسارة مادية للمنتج.
أخيراً "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، حكموا قلوبكم يا أنصار الدين الحنيف، الذى نادى دائماً بحرية الإبداع، وكشف الحقيقة، ونهى النفس عن الهوى.