كان دائماً التحدي أمام أي مبدع في السينما أن يتناول "تيمة" تم إستهلاكها من قبل ويعيد تقديمها من خلال وجهة نظر جديدة، أو من زاوية مختلفة تطرح بعداً آخر لتلك "التيمة"، وهذا ما لم يفعله نهائياً صناع فيلم ركلام، الذي تعتمد قصته على رحلة السقوط لـ4 فتيات ليل، وكيف تحولن من نساء شريفات لبائعات هوى، وهي قصة سبق تقديمها عشرات المرات من قبل، إلا أن السيناريست مصطفى السبكي كاتب الفيلم قدم لنا الفكرة بسطحية مفرطة بل ومستفزة في بعض الأحيان لأنه لم يقدم مبرراً درامياً واحداً لسقوط واحدة من بطلاته.
بطلته الأولى الشابة التي تعمل لتصرف على نفسها، والتي تشتبك مع الرجال لمجرد أنهم ينظرون لجسدها قررت بيعه في لحظة إفلاس مرت بها من قبل عشرات المرات، بطلته الثانية التي عملت كمندوبة مبيعات، باعت نفسها لمجرد إغراء المال على الرغم من مكافحتها طوال الأحداث الأولى وباعت دون أي مقاومة ، وكذلك الثالثة التي عملت راقصة، والرابعة "بنت الناس" والتي كان والدها مليونيراً والتي لم يحدد حتى كيف سقطت، وكلهن سقطن دون لحظة مقاومة مع النفس أو حتى تفكير.
وكانت نقطة قوة الفيلم هي إستعراض هذا العالم السفلي دون إسفاف أو إبتذال وهو ما يحسب لصناع العمل، بينما كانت نهاية الفيلم تقليدية للغاية وتشبه "حواديت" الأطفال التي ينال فيها المجرم عقابه، فتفقد إحداهن طفلتها والأخرى خطيبها، والثالثة أكوالها، ويسجن جميعاً في النهاية، في رسالة ساذجة لا تعكس الواقع.
يعيب الفيلم أيضاً إيقاعه شديد البطء وهو ما يتحمله المخرج على رجب الذي إستعرض كمية من اللقطات الفاصلة - السماء، القطار، البحر - في تكرار لم يحدث من قبل في تاريخ السينما، ولكن كانت أهم نقاط قوة الفيلم هو التألق الغير عادي للفنانة غادة عبد الرازق التي قدمت دوراً مهماً يحسب لها، بعد أن تخلصت من أدائها التلفزيوني المبالغ فيه، كذلك كانت رانيا يوسف على موعد مع حلقة جديدة من الإبداع، بينما سقطت أغلب الوجوه الجديدة التي شاركت في الفيلم في فخ التمثيل على "الكاميرا"، وهو ما يؤخذ أيضاً على مخرج العمل.
فيلم "ركلام" فيلم متوسط المستوى، إستعرض قضية بالغة الحساسية دون أن يعطيها عمقاً مناسباً، وأكتفى صناعه بإتقاء شر الإبتذال، فقدموا "طبخة" مسلوقة ينقصها الكثير من الدسم والملح، وحرصوا على أن ينال كل مخطيء عقابه في موجة جديدة من سينما الوعظ الغير منطقية.