طالب بالمرحلة الثانوية، هربت به أمه الإيطالية إلى الاسكندرية خوفاً من أن يختطفه والده الدبلوماسي النمساوي الجنسية ويعود به إلى بلاده، يتم فصله من المدرسة لعشقه للتمثيل، يعمل "بوسطجياً" لمدة 8 ايام، قبل أن يفصل مرة أخرى للسبب ذاته، يهاجر إلى إيطاليا مع والدته ليعمل مترجماً قبل أن يمارس عشقه بالعمل في المجال السينمائي، يعود إلى مصر عام 24 ليقوم ببعض المهام، قبل أن يخرج فيلم ليلى أول فيلم مصري مائة بالمائة، وينطلق بعدها مخرجاً وممثلاً لا ينسى، حياة تشبه الاساطير، وقصة نجاح تشبه تماماً أساطير جبال الأوليمب خاضها إستيفان روستي عبقري الشر الضاحك في السينما المصرية.
أعرف أستاذنا ونجمنا الرائع أنك لن تقرأ هذا المقال، لكن دعني أفضفض لك بما تحويه روحي تجاهك، فأنت لم تكن مجرد حالة فنية عبقرية يندر تكرارها على الصعيد الفني، بل حالة إنسانية مبهرة، توضح ما كانت عليه مصر في القرن الماضب وحتى منتصفه، وتفضح ما وصلت إليه....
رجل أوروبي الأصل، يصير جزء لا يتجزأ من الثقافة المصرية، تعجنه الأسكندرية بترابها الزعفراني المرمري، وتصبغه شمسها ب"قمحيتنا" المميزة، وتتشرب روحه بالثقافة المصرية، فيصير أكثر مصرية من الكثيرين الذين يعيشون فوق أرضها اليوم.
من ناحيتها لم تقصر مصر، بل إستوعبته، واجاد المجتمع توظيفه، ليقوم بدوره على الوجه الأكمل، في نموذج حي على تشكيل الشعب المصري المتعدد الأصول، مختلف الثقافات، الذائب في طمي النيل والمرتبط بعشق الأرض، قبل أن تهب عليه الرياح الشرقية المحملة بالبداوة.
صدقني يا صاحب "نشلت يا فالح"، "يلا أهي موتة والسلام"، و"روح يا معلم، الله يخرب بيتك "، نفتقد وجودك للغاية بيننا الآن، نفتقد حتى أدوارك التي مزجت فيها الشر بخفة الدم، لأن اشرارنا صاروا ثقيلي الدم، لا يجعلونا نبتسم، بل وحتى لا يبتسمون، والطيبون الودعاء لدينا يموتون.
عزيزي الكونت إسمح لي فقط أن ألومك، لأنك علمتنا أن نحب الشرير، لأن بداخله إنسان، ولكن أعتقد أن عذرك أنك لما ترى أشرار هذا العصر، رحلت في منتصف الستينيات ومصر تودع عصرها الذهبي، وتتجه نحو الأسفل، رحلت وأنت لا تملك سوى 7 جنيهات، ورصيد طاغي من المحبة مازالت افلامك تستثمره ويزيد أكثر فأكثر، رحلت رحمة من الله بك قبل أن ترى قباحة الطيبة يا من جعلت الشر جميلاً.