تقرير "Moonrise Kingdom" : عائلة أندرسون تفتتح مملكتها في كان

(1)

الاسم: ويس أندرسون ، المهنة: مخرج ، تاريخ الميلاد: 1 مايو 1969

العام 1975 ، طِفل صغير في السادسة من عمره ، ومَرْسَم يبدو بوسْعِ الكَون ، وَرقة بيضاء هي آخر ما تَركه الأب قبل رحيله ، وباليتة تحمل آلاف الألوان ، تِلكَ هِيَ الحِكاية كُلها .

بعدها بأربعِ سَنوات ، في امتحانِ الرّسم بالصّفِ الرابع ، هُناكَ أربعة وعشرون لَوناً فقط في مَقْلَمَتِه ، الورقة التي أمامه أوسع كثيراً من الحُجْرَةِ ، من المَدْرَسَة ، من الحَيّ كاملاً ، لا يَتْرُك سَمْ دون أن يَجعله مُلَوّناً ، النتيجة كانت 5 من 10 في الاختبارِ ، وفتى صار يعرف الآن ما يريده .

ثمانية سنوات أخرى تَمر ، يُقابل شاب أشقر نَحِيل يُدعى " أوين ويلسون" ، الوحيد الذي يفهم طِباعه الخاصة ، حُبه للألوان ، والسفر ، والموسيقى الهِنديّة ، والذهاب للسينما في ساعات الصّباح المُبكّرة ، والمُذاكرة في الليلة الأخيرة قبل الامتحان ، والنّجاح برقمٍ واحد فوق درجة السّقوط .

عام 1990 ، تقابل لأولِ مرة مع " لوك ويلسون" ، شقيق أوين الأصغر ، أثناء الذهاب إلى فيلم مارتن سكورسيزي الجديد GoodFellas ، ثلاثة شباب في سن المُراهقة ، ساعتين ونِصف دون أن يَنْطِقَا بكلمة ، ثم ساعة أخرى بعد الخروج من دار العرض ، صَار هذا هو أحد أفلامهم المُفضَّلة إلى الأبد .

في تِلك الاثناء كان قرارهم بأن هذا هو ، بالظبط ، ما يريدون فعله ، ثُم ؟! ، كتابة سيناريو لفيلم طويل يُدعى Bottle Rocket ، من الذي سيتحمس ليعطي شاباً في أوائل العشرينات من عمره لينفذ فيلماً مثل هذا ؟ ، والحَل ؟َ! كِتابته مرة أخرى ، وتنفيذه كفيلمٍ قصير ، والنَتيجة: نجاح ضخم ، أدى لحماس شركة كولومبيا كي تمنح هؤلاء الفِتية 7 ملايين دولار من أجل تنفيذ عملهم كفيلمٍ طويل ، كما كُتِبَ في البداية ، وفي النهاية: كلب مُستودع جديد .. سيصير واحد من أهم مخرجي جيل التسعينات في السينما الأمريكية .

خلال الخمسة عشر عاماً التالية ، أخرج ويس أندرسون باليتة الألوان من جديد ، وملأ بها كل كادر قام بتصويره ، استحضر الحِكايات الشخصية عن العائلة والسفر ، أسماء الزملاء في المدرسة والجامعة ، تفاصيل فريق الكَشَّافة ، وقصص الحب غير المُكتملة ، ليصنع بهم ستة أفلام أخرى جعلت الجميع يُقدّر السينما التي يقدمها ، والتي صارت مرتبطة به ، وبه فقط ، ويكَوّن مع أوين ولوك ويلسون ، ما هو أكثر من "فريق عمل" ، كَوّنوا"عائلة" .. "عائلة أندرسون" ، تلك التي انضم لها فيما بعد بيل موراي ، جاسون شوارتزمان ، أنجيليكا هيوستن، أندرو ويلسون (الشقيق الأكبر للوك وأوين) ،وبريان تينينباوم (الذي صنع فيلماً باسم عائلته)،هؤلاء الذين شاركوا – تمثيلاً أو كتابةً أو حضوراً – في كُلّ عمل حَمَل اسمه .

"في كُل مرة أقرر ألا أُكرر نفسي ، أجدني أقدم نفس الحكايات والتفاصيل والشخصيات ، أعتقد أنني أخرج أفلاماً للعائلة فقط ، قد تكون مثيرة بالنسبة للجمهورِ خارجنا"

ويس أندرسون
مهرجان فينيسيا – عام 2007

(2)

هذا العام ، انضم لـ"العائلة" أربعة أفراد جُدد ، اثنين من نجوم هوليوود بروس ويلس و إدوارد نورتون ، وطفلين هما جارد جيلمان وكارا هايوارد ، يُمكن وصفهم كـ"أصغر أعضاء العائلة" ، وكذلك كـ"أبطال إنتاجها الأخير" ، ذلك الذي افتتح مهرجان كان السينمائي ، " Moonrise Kingdom" .

قِصة مُشابهة تماماً لويس أندرسون بمجرَّدِ قراءتها: فتى الكَشَّافة سام ، يُرسل جواباً لحبيبته الصغيرة سوزي ، ويدعوها للهربِ معه إلى البريَة ، خارج قريتهم الصغيرة ، التي تتعرّض لهزّة قوية من جرّاءِ هذا الحادث ، فيخرج الجميع للبحثِ عنهم .

إدوارد نورتون كان دقيقاً للغاية حين شَبّة تصوير الفيلم بكونه نُزهة عائلية: "ويس أندرسون أنشأ فريق عمل من كل هؤلاء الممثلين ، وبطريقة لا أفهمها جعل العلاقة بينهم رومانسية للغاية أثناء التصوير" ، الأمور تتضح أكثر حين يقول: "الأمر يشبه قليلاً حين نكون شباباً ونسعى لإخراج فيلمنا في حديقة المنزل العائلي" .

أن تعيش حياتك كلها كفيلم كارتون طويل ، وتقتطع فصولاً منها كل عدة سنوات لوضعه على شريط 35 مللي ، وعرضه على جمهور ، قد لا يُحب البعض هذا ، ولكن المؤكد أن الذين سيحبُّونه ، سيصبحون عُشاقاً حقيقيين ، ومع الوقت ، مع مرور السنوات ، مع تكرار مُشاهدة Rushmore و Royal Tenenbaums ، يُصبح هؤلاء جُزءً من العائلة .

"أنا سعيد لأنني هنا ، سعيد لأنني أفعل دائماً ما أحبه ، وأن هُناك البعض في هذا العالم يُشاركونني فيه ، سعيد لكونِ بين أفراد عائلتي ، وأنها تتسع كل يوم"

ويس أندرسون
مهرجان كان 2012