هيبة الدولة وعسكرها

  • مقال
  • 02:32 مساءً - 20 يونيو 2012
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
المخرج كيربي ديك
صورة 2 / 2:
البوستر الرسمي لفيلم الحرب الخفية

ما هي هيبة الدولة؟ ما معنى هذا المصطلح الذي تكرر كثيراً في الآونة الأخيرة؟ هل هو المؤسسة العسكرية؟ هل هيبة الدولة في جيشها؟ هل جيش أي دولة أمراً مقدساً محرم الذكر أو النقد؟ هل الجيش فوق الجميع بما فيها كرامة المواطنين وآدميتهم؟ إذا كانت هيبة الدولة في عسكرها، فيبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد قررت إهدار سمعتها وهيبتها تماماً حين وافقت على ظهور فيلماً وثائقياً بعنوان الحرب الخفية The Invisible War للمخرج الوثائقي الأمريكي الشهير كيربي ديك.

الفيلم يدور حول الجنديات الأمريكيات اللاتي تتعرضن للاغتصاب من الجنود والقادة الأمريكيون في نفس الجيش الأمريكي الواحد، وآثار تلك الحادثة عليهن ومعاناتهن وخوفهن من تأثير ذلك على مستقبلهن المهني فيؤثرن الصمت عن البوح أو التقدم ببلاغ أو شكوى، وآخريات يفقدن ثقتهن في العدالة فيتركن الجندية تماماً.

الفيلم يقدم حقيقة صارخة أمام المشاهدين مبنية على إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية حيث أن نسبة تعرض الجنديات الأمريكيات داخل أمريكا للتحرش والاغتصاب أكبر من تعرض الجنديات الأمريكيات للقتل أو الإصابة بنيران العدو في العراق أو أفغانستان.. هل تتخيل المفارقة؟

الفيلم تقدم به كيربي في مهرجان صندانس السينمائي وحاز على جائزة المهرجان، كما ترشح عنه لجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي وترشح أيضا لجائزة إيمي، فالفيلم لن يقتصر عرضه داخل أمريكا ولكن الجريمة تم عرضها أمام المحافل الدولية، ويأمل كيربي في استصدار قانون عادل يكفل رد الظلم الواقع على هؤلاء الضحايا ورد حقوقهن ولو بشكل رمزي.

هل تتخيل ذلك؟ أمريكا بلد الحريات والديمقراطية ومباديء المواطنة، هل يحدث بها حوادث كشف عذرية؟ عفوا.. اغتصاب وتحرش جنسي؟ هل يعقل أن نجد يوما ما جندية أمريكية ترتدي عباية بكباسين مثلا؟!

القضية كلها غريبة، والأغرب هو إيثار الصمت من هؤلاء الضحايا ثم الإعلان عن تلك الجرائم أمام العالم كله والتي وصلت إلى ١٩ ألف جريمة لجنود وجنديات تعرضن للاغتصاب والتحرش الجنسي تم حصرها من وزارة الدفاع الأمريكية عام ٢٠١٠، وفي يوم ٢٢ يونيو الجاري سيظهر الفيلم بدور العرض الأمريكية ليشهد كل الشعب الأمريكي على بشاعة تلك الجرائم وآثرها النفسي على سيدات أفاضل قررن التضحية بأنوثتهن خدمة لوطنهن، فما وجدن إلا انتهاك لأنوثتهن وآدميتهن.

من ناحية أخرى لم نسمع أحداً يذكر سقوط هيبة الدولة أو تحريم المساس بهيبتها المتمثلة في الجيش مثلا، ولم نسمع عن الإساءة لسمعة أمريكا.. بل على العكس.. الفساد في مؤسسة ما شيء عادي ووارد، وكشفه والإعلان عنه هو العلاج وأحد وسائل إنهاء هذا الفساد، فهو ليس جرحاً غائراً علينا التكتم عنه إلى حين الوصول لحالة غرغرينا تستحق البتر، بل يمكن علاجه لو أن طبيباً تم السماح له بالكشف فقط، لو أن لجنة واحدة قررت تقصي حقائق بجدية وليست بشكل صوري فارغ.

بالتأكيد فيلماً كهذا لن يظهر بدور العرض المصرية، ليس للقضية التي يناقشها الفيلم -حاشى لله- وإنما لأن ثقافة عرض فيلم وثائقي في مصر لم تنتشر بعد بالشكل الكافي حتى الآن، فلا أذكر سوى فيلمين وثائقيين فقط تم عرضهما بالسينما المصرية حتى الآن هما فيلم التحرير الوثائقي وEarth.

بعد فيلم The Invisible War يبدو أنه على شعب أمريكا العظيم الآن لم شمله والوقوف معاً ضد أعداء الوطن الذين يريدون تشويه سمعة أمريكا والنيل منها وإسقاط هيبتها.. والله الموفق والمستعان.

شاهد إعلان الفيلم

link]



تعليقات