موسم الجوائز الأمريكية للإنتاجات الفنية يقترب من موعده مع اقتراب العام من نهايته. وأول هذه الاستحقاقات كان مع حفل جوائز الإيمي Emmy Awards السنوي وهو المقابل الأوسكاري للإنتاجات التلفزيونية. الجائزة العريقة واحدة من أهم الجوائز العالمية وأشهرها خصوصاً كونها ربما تكون الأكثر شعبية لتقديم الحصاد السنوي للإنتاج التلفزيوني بما يقدمه من قيمة فنية وترفيهية لا تقل أهمية عن الانتاج السينمائي. يقابلها سينمائياً جوائز الأوسكار Academy Awards ومسرحياً Tony Awards (و توني هنا الاختصار المخل لجائزة أنطوانيت بيري للتميز المسرحي) وموسيقياً الجرامي Grammy Awards.
الجائزة قدمتها للمرة الأولى أكاديمية فنون وعلوم التلفزيون التي أنشئت عام 1946 بعد شهر واحد من ميلاد شبكة التلفزيون الأمريكية. وقدمت الإيمي للمرة الأولى عام 1949 كجائزة للانتاجات التلفزيونية المميزة المنتجة محلياً في لوس أنجلوس مقر الأكاديمية كنوع من الترويج لأكاديمية وأعمالها المختصة بدعم الانتاج التلفزيوني وتطويره. وأول من تسلم الجائزة في أول حفل ليدخل التاريخ كانت مقدمة البرامج والشخصية التلفزيونية الشهيرة وقتها شيرلي دينسديل. في الخمسينات تم تعميم الجائزة لمجمل الإنتاجات التلفزيونية على مستوى الدولة. وفي 1955 أنشئت الأكاديمية الوطنية لفنون وعلوم التلفزيون لتتخذ من نيويورك مقراً لها وتقوم بذات أعمال الأكاديمية الأم لكن على مستوى الساحل الشرقي للبلاد. إلا أن التنسيق تم بين الكيانين ليتم الاشراف المشترك على جوائز الإيمي. في العام 1974 قدمت للمرة الأولى جائزة الإيمي للبرامج النهارية والتي تشترط أن يتم إذاعة البرامج ما بين الثانية بعد منتصف الليل والسادسة مساءاً. لما هذ الصداع؟ لسبب جوهري كان في أعين القائمين على الجائزة وهو اختلاف نوعية الجمهور وتأثيرها على نوعية الانتاج خصوصا مع ارتباط الانتاجات التلفزيونية بالأساس بنسب المشاهدة و عوائد الدعاية والإعلان. في نفس الفترة تقريباً قدمت كذلك جوائز الإيمي الدولية للانتاجات التلفزيونية المميزة من خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
في الأذهان صورة الجائزة مرتبطة كما الأوسكار بصورة التمثال الممثل لها، وهو تمثال ذهبي يمثل سيدة مجنحة تحمل ما يشبه بناء الذرة رافعة إياه نحو السماء. التصميم والذي تم اختياره في العام 1948 وصمد حتى اليوم كان الفائز من بين 48 مشاركة وكان للمصمم لويس ماكمانوس والذي استعان بزوجته كموديل لصنع مخططات التمثال. ترمز الذرة للجانب العلمي للانتاج التلفزيوني بينما تشير السيدة المجنحة للطابع الفني في الأمر. أول الأمر اقترح سيد كاسيد مؤسس الأكاديمية أن تسمى الجائزة بـ "إكا Ika" وهو الإسم الشائع لمكون وقطعة تقنية داخل التلفزيون. إلا أن الإسم لم يلقى استحسان أعضاء الأكاديمية خصوصاً أن السيد دويت أيزنهاور الرئيس الأمريكي الشهير كان يلقب بهذا اللقب – لا أدري ما العلاقة!! –. ثم جاء المهندس والرئيس الثالث للأكاديمية السيد هنري لوبك ليقترح "إيمي Immy" وهو ايضاً لفظ تقني يوصف الصور المولدة داخل القنوات بداخل الكاميرات الأولية ذلك الوقت. ليتم الاستقرار على الإسم وتعديل كتابته ليضفى عليه الطابع الأنثوي للتمثال ويكون Emmy.
الإيمي في أرقام لها الكثير من الدلالات والأرقام القياسية. مثلاً فإن المنتجة التلفزيونية المختصة بالافلام الوثائقية شيلا نيفينز هي الأكثر حصولا كفرد على الإيمي برصيد 23 جائزة! في حين أن أكثر عدد لترشيحات لفرد هو من نصيب المصور المخضرم هيكتور راميرز بواقع 68 ترشيح منهم 17 فوز! في البرامج كان نصيب التنين من الترشيحات على مدار تاريخ المسابقة هو لبرنامج Saturday Night Live بـ156 ترشيح ليسبق المسلسل الدرامي الأشهر ER بـ32 ترشيح.
على مستوى الأداء الفني للممثلين الرجال نرى في الصدارة العجوز الجميل إدوارد أنسر الذي قد تتذكرون صوته من الفيلم الإنيميشن الرائع Up وذلك بسبع جوائز. وفي فئة السيدات نجد كلوريس ليشمان بثمان جوائز. أما العدد الأكبر من الجوائز لنفس الممثل عن نفس الدور كان من نصيب الممثلة الأمريكية كانديس بيرجن عن مسلسل Murphy Brown بعدد 5 جوائز يساويها في نفس الوصف والعدد الممثل دون نوتس عن دوره في Andy Griffith Show. أما أكثر مسلسل تلفزيوني فوزاً بالجائزة فهو السيتكوم الشهير Frasier بإجمالي 37 جائزة! أما المسلسلات القصيرة الأمد فكان الرقم القياسي لمسلسل John Adams برصيد 13 جائزة. أكثر الترشيحات لمسلسل كوميدي في عام واحد كانت من نصيب المسلسل الشهير 30Rock للنجم أليك بولدوين و تينا فاي في عام 2009.
ما دفعني للإشتعال غضباً لدى إعدادي للتقرير وبحثي عن هذه الارقام هو عدد من الممثلين التلفزيونيين الرائعين الذين لم يحصلوا عن أدائهم المميز على الإيمي ولو حتى لمرة واحدة!! كهؤلاء نجد جون هام والذي ترشح سبع مرات عن مسلسلي 30Rock و Mad Men. ستيف كاريل الكوميدي الرائع عن المسلسل الفكاهي The Office! ولطمتي العار التي استشعرهما شخصياً وتشككني في كامل الجائزة: جيري ساينفيلد عن السيتكوم "المسخرة" Seinfeldوالذي يعده الكثيرون واحد من أكثر المسلسلات شهرة في التاريخ الامريكي!! والمصيبة الكبرى أن الممثل الرائع Hugh Laurie في دور واحد من أهم وأعقد الشخصيات التي شهدها التلفزيون الأمريكي الدكتور جريجوري هاوس عن مسلسل House M.D بالرغم من ترشحه عن ذات الدور 5 مرات!!!
بعيداً عن سخطي الخاص تبقى جوائز الإيمي هي أوسكار التلفزيون الأمريكي الأهم ومحطة رئيسية في الانتاج الترفيهي التلفزيوني. هذا العام حقق مسلسل Modern Family جائزة أفضل مسلسل كوميدي و مسلسل Homeland جائزة أفضل مسلسل دراما (المسلسل حقق 6 جوائز هذا العام) . كما حقق Game Change جائزة أفضل فيلم تلفزيوني. جون كريرفاز بجائزة أفضل ممثل عن دور كوميدي و داميون لويس عن دور درامي و كيفن كوستنر عن أفضل ممثل في فيلم تلفزيوني أو مسلسل قصير. من الممثلات فازت جوليا لويس دريفوس عن أفضل دور كوميدي وفازت كلير دانسعن أفضل دور درامي وفازت جوليان مور عن لعبها لدور السياسية الامريكية سارة بالين في Game Change بأفضل ممثلة في فيلم تلفزيوني أو مسلسل قصير. وحقق برنامج تلفزيون الواقع The Amazing Race جائزته الخامسة عشر في تاريخ الإيمي عن فئة برامجه.