Iron Sky.. المتحذلقون يمتنعون!

  • مقال
  • 04:57 مساءً - 27 يناير 2013
  • 1 صورة



صورة دعاية من فيلم Iron Sky

كي تتذوق فيلم Iron Sky- المغمور نسبيًا - كما أراد له صانعوه أن يكون، ودون أن يخيب أملك، يجب أن تعد نفسك جيدًا لتقبل كل ما سيعرض عليك من مبالغات.. فالفيلم لم يُصنع كي يكون عملاً داكنًا سوداويًا كالموضة هذه الأيام.. في الواقع هو مليء بالهُراء، ومصنوع للاستمتاع فقط. لا تتوقع أي رصانة هنا، وإذا فعلت، فأنت تشاهد الفيلم الخاطيء.

منذ اللحظات الأولى، ستعرف أنك أمام فيلم استثنائي في كل شيء، بدئًا من الفكرة جامحة الخيال شديدة الطزاجة.. النازيون لم يهزموا في الحرب العالمية الثانية، بل تمكنوا - في اللحظات الآخيرة - من الهروب إلى الجانب المظلم من القمر.. وخلال 70 عامًا عاشوها في سرية تامة بنى النازيون حصن ضخم وأسطول هائل من الصحون الطائرة، استعدادًا لغزو الأرض عندما تسنح الفرصة.. رئيس الولايات المتحدة في هذا الوقت سيدة لا أخلاق لها ولا تهتم بشيء سوى بفوزها في الانتخابات القادمة، ولهذا هي تعيد إطلاق رحلات فضاء جديدة إلى للقمر في عام 2018 بعد خمسون عامًا من توقف مشروع أبوللو، فقط ليكتشف هؤلاء الرواد الجدد مستعمرة النازيين القمرية، وتبدأ المغامرة.

الفيلم إنتاج فنلندي ألماني مشترك، أخرجه مخرج فنلندي مغمور يدعى تيمو فورينسولا كعمله الطويل الأول.. وهو عمل خلاق للغاية، ويلعب في ذات المنطقة التي لعبت فيها أفلام مثل Scary movie وسواها، لكن مع فارق أنه لعب باحترافية قزمت كل تلك الأعمال الركيكة بجواره. هذا فيلم طوائف درجة ب منخفض التكاليف نجح في أن يصير خبطة جماهيرية حقيقية تبدو وكأنها تكلفت 100 مليون دولار.

المخرج تيمو فورينسولا كان حريصًا جدًا على الإمتاع وفغر الأفواه، سواء باستخدامه مؤثرات خلابة أو نكات طازجة (الفيلم بأكمله نكته في الواقع، نازيون على الجانب المظلم من القمر؟)، أو بتقديمه تحية لصناع السينما وأفلامها عن طريق كم وافر من الاقتباسات الذكية.. هذا بجوار تطعيمه بمقتطفات من أفلام شهيرة (هل تتخيل فيلم حقيقي وليس مقطع فيديو يسخر من مشهد هتلر من فيلم Downfallالذي انتهك انتهاكًا على يوتيوب، ثم يتفوق على الجميع حين يفعلها).. أنه بارانويا حربية آخرى مثله مثل Dr. Strangelove لكن أقل جدية وإحكامًا بالطبع، لكن هذا لا يمنع أنه - بمقايسه الخاصة - فيلم مثير للإعجاب، من أصلاً يجرؤ على مقارنة أي عمل بـ Dr. Strangelove.

تتابعات المؤثرات البصرية (وهي عديدة بالمناسبة) تتفوق على تلك التي تظهر في أفلام هوليوود من ذات الضرب.. مشهد أسطول مركبات النازيين وهو يجر وراءه جلاميد من صخور القمر لضرب الأرض هو أحد أكثر تتابعات المؤثرات روعة التي قد تراها في حياتك.. لكن مع فارق بسيط هو أن الفيلم تكلف حوالي 7 ونصف مليون جنيه استرليني، أي ما يعادل 11 مليون دولار فقط تقريبًا، دفعهم متطوعين تجد أسماءهم على تترات النهاية أرادوا للفيلم أن يظهر بصورة لائقة (هذا يجعلك تتسائل لماذا لا نقدم نحن أوبرا فضاء خاصة بنا خاصةً ونحن نكلف أفلامنا أكثر من ضعف هذا الرقم؟).

الممثلة بيتا سيرجنت في دور مديرة داعية الانتخابات الأمريكية قدمت واحد من أكثر الأدوار إثارة في السنوات العشر الأخيرة، وفي المقابل قامت الممثلة الألمانية جوليا دايتز - فرنسية المولد - بدور هو النقيض تمامًا للفتاة النازية الرزينة الرقيقة المحبة للسلام والتي تقهر الجميع ببرائتها في النهاية.. ليصبح الدورين أكثر ما يعلق بذهنك في جانب التمثيل بعد انتهاء الفيلم.

وعلى الرغم من كل ما قلته عن القالب الساخر للفيلم، والنكات المُتخم بها، إلا أنه ينتهي بفيناله مقبضة للغاية، تقدم إعادة سرد قريبة لما قامت به الولايات المتحدة عقب نهاية الحرب العالمية الثانية من السيطرة على اقتصاد العالم أجمع بقبضة من حديد. في نهاية الفيلم، وبعد تحالف العالم معها لدحر النازيين، تريد الولايات المتحدة السيطرة على الحاويات العملاقة للهليوم 3 الذي كان النازيون يستخلصونه من تربة القمر، الأمر الذي يسبب نشوب حرب عالمية ثالثة تقضي على كوكب الأرض بأكمله.. تشاهد هذا على خلفية أغنية قاسية تنعي الجميع بموسيقاها القدرية، وتفكر، هل كان غزو النازيين من الممكن أن يكون أسوء من هذا.

أنه من الأعمال القليلة التي ترى فيها هذا الكم الهائل من الانتقادات السياسية اللاذعة للإدارة الأمريكية وأسلوب أدارتها للأزمات، لهذا كرهه معظم الأمريكيون، وهاجمه الغالبية العظمى من نقادهم بضراوة في محاولة لتشويه تشويهه لوجه أمريكا القبيح بطبعه، لكن دون أن يحققوا نجاحًا كبيرًا في هذا.



تعليقات