مع بداية متابعتك لمسلسل " اسم مؤقت" يأتيك انطباع يتحول ليقين إنك على موعد مع جزء ثاني أو ما يشبه استئناف لحلقات مسلسل " رقم مجهول" الذى حظى بمشاهدة ونجاح فاقا التوقعات فى العام الماضي؛ ولهذا السبب أحجم عدد لا بأس به من جمهور يوسف الشريف عن متابعة مسلسل اسم مؤقت، ظناً منهم أنه لن يأتى بجديد. وبمرور الحلقات الخمس الأُولى تجد أن انطباعاً أخر بدأ يترسخ لدى متابعي المسلسل من جمهور السينما الأمريكية، حيث رأوا فى المسلسل تمصير جيد للفيلم الأمريكى" Unknown"، وهو ما علق عليه مؤلف العمل محمد سليمان عبد المالك بأن على كلا من الفريقين الانتظار حتى انتهاء المسلسل للحكم الجدّى على العمل، وتقرير ما إذا كان بالمسلسل محاكاة واستغلال لنجاح عمل أخر سواء محلي أو أجنبي، أم أنه نجاح جديد ينضم إلى قائمة الأعمال المميزة لكل من شارك بالعمل.
المسلسل من نوعية الأعمال التى لا تروي، فمعظم من يتابعونه حتى لحظة كتابة المقال، ليسوا على يقين من أى شيء وليس لديهم رؤية واحدة للأحداث. إلا أنه مع ذلك فأن طابع الغموض الذى يلف معظم شخصيات العمل هو طابع محبب لدى أغلب الجمهور المصري، ففي الحلقات الأولى نرى رجل أعمال شاب ناجح شديد الثراء يتعرض لحادث –قد يكون مدبراً- يفقد على إثره ذاكرته وكل ما كان بحوزته من أوراق إثبات الهوية. ومع تتابع الأحداث نبدأ الشك فى صحة كل ما يقال و يروى على ألسنة الجميع.
المسلسل يغلب عليه طابع التشويق الذى برع فى غزل إطاره وإبرازه المخرج الموهوب أحمد نادر جلال من خلال اختيار مواقع تصوير جديدة وجذابة للعين ومعبرة بدقة عن "مود" المشهد، مثل تلك التى اختارها لـ"عوامة" ممدوح داغر، أو مكان اختطاف رفيق البطل الذى لم نتيقن من اسمه بعد!
كذلك تابع جلال بدقة أداء الشخصيات سواء الرئيسية أو حتى الثانوية ليخرج أبدع ما لديها فى مناطق لم نكن ندرك أنهم يمتلكونها. فقدم يوسف الشريف دوراً قوياً مليء بالانفعالات، كما فاجأنا صبرى عبد المنعم بأداء عظيم لشخصية مرشح الرئاسة المنتمي إلى فصيل سياسي بغطاء إسلامي ولكنة "فلاحي" بسيطة وسلسة أثرت الشخصية كثيراً، وقرّبت رؤية المؤلف والمخرج للمشاهد للغاية. وفى نفس السياق قدم المسلسل الممثل عميق الموهبة محبب الحضور بيومى فؤاد فى مشهد من أبدع ما يكون كتبه محمد سليمان بدقة وأخرجه أحمد جلال ببراعة وأداه فؤاد بصدق كبير؛ حيث انهمرت دموع الجميع وهو يودّع وحيدته "نهى" فى المشرحة معاتباً إياها أنها لم تستمع لكلامه.
وعلى الرغم من تميز المسلسل كعمل جماعي إلا أن هناك شيء ما مفقود فى أداء يوسف الشريف تحديداً. فمع كل مرة يقدم يوسف الشريف عملاً جديداً أرى أجزاء من أعمال سابقة له لا زالت تلتصق به. أراه ليس مندمجاً تماماً مع ما يقدمه؛ هناك جزء ما من حواسه مشتت لا يطابق ما يقوله من حوار أو ما يفعله.. قد أكون مخطئة وقد أكون على صواب.. ولجمهوره الحكم.
المسلسل تميز أيضاً على مستوى الكتابة التى اعطت لكل الشخصيات -حتى الصغيرة والثانوية كشخصيات "ضيف" التى قدمها الفنان الشاب ذو المستقبل أمير صلاح الدين والممرضة التى قدمتها رباب ناجي بخفة وتمكن– روحاً ونبضاً على الورق قبل أن يعالجها أحمد نادر جلال باحتراف ويقدم منها وجبة فنية دسمة تمتع الجمهور من أول دقيقة إلى أخر حلقة. من ناحية أخرى موسيقى عمرو إسماعيلرغم تميزه وسابق نجاحاته لم ترض طموحي شخصياً فجاءت فى أغلب الحلقات جملاً مكررة مرتبطة بالتتر بصورة نمطية بالذات فى مشاهد المطاردات. ولكنها فى النهاية لم تشتت المتابع أو تعوق استمتاعه بالمشاهدة.