عاد المخرج هاني جرجس فوزي ليدهشنا من جديد فى تحفته فيلم " جرسونيرة" والبطولة حسب الظهور على الشاشة ل غادة عبد الرازق، نضال الشافعي، منذر رياحنة تأليف حازم متولي وإنتاج هاني وليم.
تدور أحداث الفيلم فى إطار جديد لم تعهده السينما المصرية بل تتميز وتتفوق فيه السينما الأوروبية والأمريكية حيث أحداث الفيلم كاملة داخل فيلا فاخرة تعيش قيها ندى –غادة عبد الرازق– الجرسونيرة التى صعدت للسطح بجوار أبناء المجتمع الراقي بسبب علاقتها بالسفير السابق سامح عمران –نضال الشافعي– صاحب الأسرة والأبناء وتكون ندى علاقة الظل التى تجمعه بامرأة أخرى غير زوجته.
رغم حياة الرفاهية التى تبدو على ندى إلا أن تلك الحياة لا تساوى لديها شيئاً دون لحظات عطف أو حنان لا تجدها فى أحضان عشيقها السفير الذى يعطيها أشياء رغم رفاهيتها تراها ندى عادية، فى حين يتمتع هو بكل مفاتنها ولا يرى فى علاقتها به سوى متعه الخاصة دون الاهتمام بما تعانيه من ألم وكلمات صادقة تخرج منها فى أوقات احتساء مذهبات العقل.
يظهر اللص –منذر رياحنة– داخل الفيلا مشهراً سلاحه فى وجه الجميع ليحصل على كل المجوهرات الموجودة بالمنزل ويوثق السفير السابق بعد أن يجعله يوقع على شيكات بالملايين وتحت التهديد يصور اللص مضاجعة سامح عمران بالجرسونيرة على الفراش ويجبر الجميع على احتساء المخدرات التى تدفعه لاغتصاب الجرسونيرة أمام عشيقها السفير الذى لا يخشى إلا على منصبه ويعجز عن التدخل والدفاع عنها أو حتى الغضب من أجلها.
ينتهى الأمر ويخرج اللص ويتبعه السفير بعد مشادة مع عشيقته التى تتاكد انه لا يريدها إلا للمتعة، ولكن فجأة يفتح باب الفيلا لنفاجىء بأن ما حدث من اللص لم يكن سوى مؤامرة بالاتفاق مع ندى، وبعد تقسيم الغنائم يدخل سامح الذى لمح اللص يدخل الفيلا مصادفة، وعرف بالمؤامرة فيوثق كلاهما ويفتح إسطوانة الغاز فى انتظار إطلاقه الرصاص على عشيقته وشريكها اللص ولكن الجرسونيرة تبادر هى بالإمساك بـ "ولاعة سجائر" فى إشارة لاقتراب اشتعالها.
تدرك جيداً أثناء سير الأحداث أن الجرسونيرة ندى أو غادة عبد الرزق يراها المؤلف مصر أو الوطن الذى ينهبه وينتهكه المصابين بسعار السلطة والنفوذ المتمثل فى السفير السابق سامح عمران، وبين شعب محروم يتطلع للعدالة ويريد الحصول على حقوقه فى هذا الوطن ولو عنوة وهو اللص الذى أدى دوره باقتدار منذ رياحنة.
داخل الفيلا تذوب الفوارق الطبقية تحت وطأة الحاجة والعوز التى يعانيها اللص وبين الخوف على المنصب والسمعة من جانب السفير ودفع أى مقابل للحفاظ عليها وعلى المكاسب التى تحققها حتى ولو كان هذا الثمن شرفه، وتبدو الجرسونيرة تتمزق بين سعار السلطة وحرمان البسطاء وجاءت الخلفية الإنسانية بالفيلم لتعطي الفكرة قوة انسابت برفق لوجدان المتلقي.
كان للموسيقى التصويرية بالفيلم للموسيقار خالد البكري أثراً بالغ فى الحفاظ على إيقاع المشاهد التى لم تشعرك بالملل رغم أن جميع أحداث الفيلم تدور فى مكان واحد، يشهد طرح عدة تناقضات بين الشخصيات الثلاث فلك أن تتخيل أن هناك أغنيتان بالأحداث واحدة كلمات إسلام خليل وغناء منعم والثانية كلمات جمال بخيت وغناء الصاعدة سالي زكي، وتجد أيضا أن السفير يضاجع معشوقته على الفراش فى حين يضاجعها اللص داخل المرحاض.
جاء أداء غادة عبد الرازق فى تجسيد شخصية ندى أقل من مستواها المعتاد حيث كان يتطلب الدور بذل المزيد من الجهد النفسي حتى تظهر أكثر بساطة، وهو ما تتطلبه الشخصية كما كان انفعال غادة فى بعض المشاهد فى غير محله، حيث منحها حدة وقسوة لا يتفقا مع النسق السلوكي الذى من المفروض أن تعكسه الحالة الوجدانية للشخصية، أداء منذر رياحنة جاء متسقاً فى كل شىء مع تفاصيل شخصية اللص وكذلك نضال الشافعي فى دور السفير حيث أبدع كلاً منهما فى أداء دوره وقدموا نماذج غير تقليدية بالمرة، المخرج هاني جرجس فوزي اهتم بأدق التفاصيل، وهو ما يصنع التميز دائما فى أفلامه.