للعام الرابع على التوالي، وبعد فاي دوناوي و مارلين مونرو و بول نيومان وجوان وودوورد، يستمر القائمين على مهرجان كانفي اختيار نجوم السينما الكلاسيكية لكي تتصدر البوسترات الرئيسية للمهرجان، ووقع الاختيار هذا العام على النجم الإيطالي مارشيلو ماستروياني ليكون هو نجم الأفيش، وبلقطة بالغة الشهرة له وهو ينظر من فوق نظارته الشمسية من فيلم فريدريكو فيلليني الأبرز على الإطلاق: 8½.
يقول القائمين على المهرجان أن سبب اختيار ماستروياني وفيلم 8½ على بوستر هذا العام هو لأجل الاحتفاء بسينما حرة ومنفتحة على كافة أرجاء العالم، ومن أجل الاعتراف مجددًا – حسبما هو مذكور على الموقع الرسمي للمهرجان – بالأهمية الفنية للسينما الإيطالية والأوروبية من خلال واحد من أهم رموزها البارزة.
من قبل 8½، كان المخرج الإيطالي فريدريكو فيلليني يبحث عن بطل لفيلمه الجديد La Dolce Vita والذي يحاول من خلاله أن يصنع لنفسه اتجاهًا سينمائيًا خاصًا به، حتى وجد ضالته المنشودة في ماستروياني الذي رأى أنه كان يمتلك "ملامح عادية للغاية"، وهو ما رآه من وجهة نظره أكثر تناسقًا مع روح شخصية الصحافي "باباراتزو" التي يقدمها، لينال الفيلم بعدها الكثير والكثير من المديح النقدي داخل وخارج إيطاليا، ويحوز من خلاله فلليني بجدارة على جائزة السعفة الذهبية في عام 1960، وقد قال الناقد السينمائي الأمريكي روجر إيبرت عنه من خلال موقعه: "إن مارشيلو وفيلليني قد أخذا لنفسهما لحظة من الاسكتشاف وقاما بتحويلها إلى شئ خالد".
أما في 8½، فيخوض ماستروياني رحلة مجنونة أخرى مع فيلليني، ولكن هذه المرة لكي يقول فيلليني الكثير مما يختزنه في داخله عن هواجسه وأفكاره وماضيه وأحلامه وعواطفه من خلال فيلمه الأكثر شخصية في مسيرته السينمائية، ليصير الفيلم بعد عرضه واحدًا من أكثر الأفلام الملهمة لصناع الأفلام حول العالم، خاصة مع الأداء العظيم لماستروياني لشخصية "جويدو"، بسبب تماسه الشديد والتام مع هواجس المبدعين أكثر من ذي قبل، وهو ما دفع الكثير من صناع الأفلام لكي يضعوا هذا الفيلم بالذات في قوائم أفلامهم المفضلة، ويحتل المراتب المتقدمة في الكثير من القوائم السينمائية العريقة، وتتناوله العديد من الدراسات في عدد لا يحصى من الدوريات السينمائية المرموقة، والتي كان على رأسها (كراسات السينما) الفرنسية.
ويبدو أن تعاون ماستروياني مع فيلليني في هذين الفيلمين كانا فاتحة الخير عليه، مما أهله للعمل مع كبار مخرجي السينما الإيطالية في ذلك الوقت، منهم مايكل أنجلو أنطونيوني و فيتوريو دي سيكا وماريو مونيشللي و جوسيبي تورناتوري، كما أهله للعمل كذلك مع مخرجين بالغين الشهرة من خارج إيطاليا منهم الأمريكي روبرت ألتمانوالروسي نيكتا ميخالكوف، ليصير ماستروياني منذ انطلاقته السينمائية وحتى يومنا هذا واحدًا من أبرز الوجوه المعبرة عن عالمية السينما، ولا عجب أن يصير هو وجه "كان" لهذا العام.