فى بداية مشاهد فيلم " إسكندرية كمان وكمان" لـ يوسف شاهين، يطلب شاهين من عمرو عبدالجليل إعادة أحد المشاهد عدة مرات، وفي الإعادات المتكررة يظهر بجانب عمرو شاب صغير السن ضئيل الجسم، يضع يده على خده، لم يكن يعلم الجميع أن هذا الكومبارس سيصبح في يوم من الأيام أحد أهم من يحملون راية الكوميديا منذ بدايات الألفية وحتى الآن.
بعدها بعام واحد انطلق محمد هنيدي بدور صغير لاحظه الجميع خصوصًا مع تشكيله لثنائي قوي برفقة وائل نور، وحدث ذلك من خلال مسلسل " البخيل وأنا"، ظل التقدم التدريجي للشاب الموهوب حتى جاء دوره المهم في الفيلم الذى يعتبره البعض افتتاح موجة أفلام الشباب المستمرة حتى الآن " إسماعيلية رايح جاي".
في هذا الفيلم ورغم وجود محمد فؤاد، الذى كان سببًا كافيًا لنجاح الفيلم، انتظر الجميع كل مشهد يظهر فيه هنيدي ومازالوا ينتظرون حتى الآن، يدخل الرجل يلقي بأثقل الإفيهات في هدوء وسلاسة وطبيعية كاملة.
أُتيحت لهنيدي فرصة البطولة الأولى خلال فيلم " صعيدي في الجامعة الأمريكية"، والذي بدوره حقق نجاحًا كبيرًا، تكرر مع تجربته التالية " همام في أمستردام".
فى السنين التي تلت "همام" ظل نجم هنيدي في الصعود والهبوط لكن بشكل أقل من ثنائيته الأولى، عدة تجارب غير مكتملة اللمعان مثل: " بلية ودماغه العالية" و" صاحب صاحبه" و" فول الصين العظيم" و" يا أنا يا خالتي" و" وش إجرام" حتى أتت تجربته المهمة الرابعة في " رمضان مبروك أبو العلمين حمودة".
شخصية اخترعها يوسف معاطي بكل تفاصيلها المبهجة وإفيهاتها اللاذعة، حتى وأن فشلت تجربة تحويل الفيلم لمسلسل، لكن تظل الشخصية من أهم ما أنجزه هنيدي في تاريخه.
لم يكتفِ هنيدي بالسينما، إنما كان ضيفًا مهمًا على المسرح، يشهد على ذلك مسرحيات مثل " حزمني يا" و" عفروتو".
تعتبر شخصيات "خلف" في "صعيدي في الجامعة الأمريكية" و"منعم" في "إسماعيلية رايح جاي" و"رمضان" في "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" مع بعض الأدوار الصغيرة المؤثرة ميراث تركه هنيدي فى كيفية صناعة الإفيه بطريقة بسيطة ومضحكة لدرجة البكاء، بقامته القصيرة ونبرة صوته المميزة، حلق الرجل في سماء الكوميديا لفترة طويلة، مع انشغال نجوم الكوميديا الكبار في ذلك الوقت في أفلام قليلة المستوى شديدة الابتذال.
كانت الساحة مهيأة تمامًا له لـ الاقتحام والمكوث والتربع، يتميز الرجل بخلق وإلقاء النكتة المكتوبة بشكل عادي، ما يميزه أنه يشبهك في لهجته ولكنته وطريقة كلامه كأنه نسخة خفيفة الظل منك، لا يحتاج الرجل لتحريك أي جزء من جسمه أو تغيير نبرة صوته لانتزاع الضحكة، لذلك أظن أن هنيدي هو الأطول عمرًا في الكوميديا بين أبناء جيله، لك أن تسأل نفسك فقط أين ذهب محمد سعد أو كيف أصبح مستوى أفلام أحمد حلمي.
هنيدي لاشك أنه فقد الكثير من مكانته وبريقه في السنوات الأخيرة، خصوصًا مع الاستسهال والاستعجال وعدم دقة الاختيارات، أو حتى بسبب الذوق العام، لكنه يظل صاحب الإفيهات القاتلة في "إسماعيلية" متربعًا على عرش كوميديانات جيله وأن قل إنتاجه أو هبط مستواه.